د. سامي ناصر خليفة / المخرج... تعديل الدستور

تصغير
تكبير
السبب الأساس وراء فجور النواب في الخصومة أن معظم الأدوات الدستورية التي يتمتعون بها غير مجدية ولا تحقق إرادة الشعب في التغيير أو حتى الإصلاح، لذا لابد من حل باتجاه تنقيح الدستور إلى المزيد من تمكن الشارع الكويتي في المشاركة السياسية. فالدستور ليس قرآناً معصوماً عن الخطأ، بل فيه الكثير من العيوب التي تتطلب التعديل بشهادة من أسسه وكتبه، وعلى رأسهم المرحوم حمود زيد الخالد والمرحوم عبداللطيف الثنيان، بل فيه الكثير من الثغرات التشريعية التي تمثل المعرقل الأساس للكثير من اقتراحات القوانين اليوم، ولا أعتقد أنه بات يمثل طموح المواطنين وأمانيهم في ظل هذا التعثر السياسي والمناخ السلبي الذي تعيشه الكويت. فالشعب اليوم يريد آلة سياسية ومنظومة حكم متكاملة تلبي طموحه وتحقق تطلعاته، وبالتالي فإن لم يقتنع النشطاء اليوم من أطياف المجتمع كافة بضرورة التوجه لتعديل الدستور من أجل استحكام تلك المنظومة السياسية في الحكم، فإن الأمور حتماً ستتجه إلى التعقيد أكثر، خصوصاً أن حل مجلس الأمة أو تغيير التشكيلة الوزارية أثبت يقيناً أنه لا يجدي ولا ينفع في مواجهة هكذا مناخ. لذا أحسب أن التغيير لابد أن يشمل بعض المواد والأعراف الدستورية، فالكويت اليوم بحاجة إلى رئيس وزراء شعبي يأتي بالانتخاب الحر والمباشر، والناس بحاجة اليوم إلى حكومة تأتي من رحم الإرادة الشعبية وبالانتخاب الحر والمباشر أيضاً.
والتعديل يمكن أن يكون باختيار أحد الأمرين: إما مجلس أمة منتخب تتشكل الحكومة منه فتعيش انسجاماً كاملاً مع الغالبية فيه، وإما أن يأتي رئيس حكومة منتخب شعبياً يعرض أعضاء حكومته على الأمير ومجلس الأمة لنيل الثقة بهم قبل الشروع في أداء القسم الدستورية. وبالطبع تلك التغييرات تتطلب تقنين العمل الحزبي في الكويت وإشاعة جو من الحريات التي بالتأكيد ستكون نبراس المرحلة المقبلة.
لقد يئس الكثيرون منا بآلية عمل مجلس الأمة غير المجدية وانعكاس تلك الآلية سلباً على العلاقة بين السلطتين (المجلس والحكومة)، وآن الأوان اليوم أن يتم النظر في تلك الآلة القديمة والبالية، والتي لم تعد قادرة على تمكين البلاد من السير بروح مستقرة ونفس مطمئنة، وأمام حال الانزعاج التي يبديها الجميع تقريباً تصبح الحاجة ماسة اليوم إلى التغيير. نعم نريد التغيير وإن طال دستور عام 1962 الذي كم حرصنا على ألا يمس من قبل أعداء الديموقراطية وأنصار تقليص دور المشاركة الشعبية في النظام السياسي.
وأحسب أن تعديل الدستور في هذا الاتجاه لا يعني أنه سيكون بمثابة العصاة السحرية لحل المشاكل كلها، خصوصاً أن جيلا كاملاً قد تطبع اليوم في اتباع منطق الفجور في الخصومة وسياسة الإقصاء حين الاختلاف، وإجادة فن تحويل الاختلاف إلى خلاف وتحوير الحوار إلى صراع إلى درجة أصبحت جزءاً من ثقافة التعاطي السياسي في البلاد وللأسف الشديد، ولكن التعديل بالتأكيد سيكون الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، وكفانا ظلماً لدستور عام 1962 بعدم تعديله وجعله ينسجم ويتلاءم مع طبيعة الحاجة المجتمعية. لقد كفر البعض بالدستور، وهو يرى ما يرى اليوم من أداء هو الأضعف على مستوى التاريخ السياسي للكويت ووصل الضعف بالنظام السياسي إلى درجة يمكن لأي نائب ما لوحده أن يرمي البلاد في وحل الصراع السياسي، فلا يعقل أن نترك هذا الدستور ضحية لمن كفر به.
د. سامي ناصر خليفة
أكاديمي كويتي
alkhaldi4@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي