د. يعقوب احمد الشراح / صدى الكلمة / البنك والناس

تصغير
تكبير
تلعب البنوك في كل مكان دورا حيويا في ادارة اموال الناس، وكذلك التأثير في حياتهم سلبا او ايجابا نظرا لما تقدمه من خدمات حياتية كثيرة لدرجة ان كل شيء متصل بحياة الانسان نجد له شيئاً من التأثير والعلاقة بالمال والبنك. بل ان هذا الارتباط بالبنك له انعكاسات نفسية تتمثل بالارتياح او القلق إذا حصل المكروه الذي يجعل الناس قلقة على اموالها في البنوك فتسارع ربما لسحب ايداعاتها ونقلها إلى مكان آخر اكثر امانا.
والبنوك إلى جانب ما تقدمه من خدمات مصرفية ومالية تساهم ايضا في تنوع الخدمات لزبائنها مثل كروت الائتمان، وتسهيلات القروض المختلفة، ودفع فواتير الكهرباء والماء، والدخول في الخدمات البريدية، ودفع الضرائب، وتقديم التأمينات الصحية، وغيرها، فضلا عن تسلم الرواتب من الجهات الخاصة والحكومية وايداعها في حسابات زبائنها، مما يعني ان البنك مؤسسة اجتماعية واقتصادية ينظر اليه الناس بعين التقدير والامانة والشفافية لانه يحافظ وينمي اموال عملائه، ويسعى إلى الارتقاء بأدائه من اجل تحقيق كل ما يحتاجه الناس.
امانة البنك، وحسن ادارته للمال، وحفاظه عليه، وتقيده بالنظم وتجنب الوقوع في المخاطر، وغيرها تعطي البنك سمعة محلية وعالمية يتفاءل معها الناس فيشيدون بانجازاته وامانته وشفافيته، وكذلك يرتفع رصيده المادي والمعنوي. والعكس ايضا صحيح، تعرض البنك للتقلبات المالية، وعدم القدرة على ادارة المال وحفظه من الضياع، خصوصا حقوق المساهمين والزبائن يؤدي إلى تدهور سمعة البنك، وهروب الزبائن والعملاء منه، مما يعني انهياره وعدم رغبة الناس بالتعامل معه. لذلك فإن عدم الثقة بالبنك مسألة جوهرية في وجود البنك من عدمه، خصوصا عندما لا يطمئن الناس على اموالهم بسبب غياب السياج الذي يحميهم من الرياح المالية العاتية. ما حدث اخيرا لسوق المال العالمي وانعكاساته علينا لا يختلف عن الذي حدث في اماكن اخرى من العالم، فرغم ان الجميع تأثر الا ان هذا التأثير جاء بنسب متفاوتة رغم سقوط البعض وعدم القدرة على النهوض.
نتمنى ان يكون هناك دور اكبر وتأثير اقوى من الدولة على تعاملات البنوك واجراءاتها في اطار ما حدث الآن عالميا، فالعالم كله اصبح اليوم في وضع صعب عمت الناس والمؤسسات بخسائر كبيرة لدرجة ان بعض الدول الكبرى العريقة في الاقتصاد وادارة المال مازالت منهمكة في مراجعة اوضاع البنوك والمؤسسات المالية من اجل معالجة تلك العوامل التي ادت إلى الانهيار المالي، والذي يتوقع ان تعود من جديد في فترات مقبلة حتى بعد تعافيه من الصدمة الحالية، فالوضع الاقتصادي العالي، كما يتحدث عنه خبراء الاقتصاد، هش وغير سليم نتيجة الاستهلاك المفرط للموارد، وتمركز المال بأيدي القلة، وتفشي الامراض والامية بين الفقراء، والافراط في الاسراف على مختلف انواعه، مما يعني أننا لن نكون في منأى عن هذه التأثيرات رغم قوة اقتصادنا حاليا، لكنه اقتصاد هش لا يقوى على الصمود فترة زمنية طويلة ما دمنا نعتمد على النفط كمورد وحيد للاقتصاد.
د. يعقوب احمد الشراح
كاتب كويتي
yaqub@acmls.org
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي