فهد توفيق الهندال / فاصلة / أوباما... حلم غير مستحيل!

تصغير
تكبير
منذ ان أعلن السيناتور باراك أوباما نيته للترشح لمنصب الرئاسة الأميركية، حتى تسارعت وسائل الإعلام، والأقلام الأجنبية والعربية في الاستهزاء والتنبؤ بخسارته، وهزيمته بصورة مخزية، وأنه مجرد حلم عابر، سيصطدم بنرجسية وعنصرية الناخب الأميركي!
حتى بعدما حصد النتائج المذهلة أمام غريمته الشرسة سيناتور نيويورك وزوجة الرئيس الأميركي السابق هيلاري كلينتون، استمر بعض المتشككين يراوحون مكانهم باستحالة وصول فرد من أصول أفريقية «غير نقية» إلى سدة أعلى منصب رسمي في العالم قاطبة!
ومع تزاحم التنافس على أشده، وحميتـه بين الخصمين اللدودين أوباما، وماكين، فإن المتشككين ظلوا على عنادهم وتنبوئهم بأن اللحظة الأخيرة ستكون حاسمة، وحاملة لمفاجأة من العيار الثقيل لأوباما!
هكذا استطاع السيناتور الأسمر الهزيل جسداً، الطويل نفساً وعزيمة، أن يحقق نصراً كاسحاً على غريمه العتيد، وعلى كل من رآه بعين الضآلة، وعدم القدرة على تحقيق المستحيل في تحطيم أسطورة المنصب الرئاسي المحتكر للعرق الوحيد والأصيل، فيحقق واقعاً سياسياً اجتماعياً فكرياً، ليس على مستوى الذهنية الأميركية بل العالمية، بأن الكفاءة لا تعرف أصلاً أو شرفاً غير مسؤولية الفرد، وعقليته، وجديته في العمل، وأن الحلم على قدر صاحبه، يتحقق بعزيمته ورؤيته في تغيير الواقع إلى آخر، يفترض أن يكون أفضل منه أو مغايراً.
وبلا إفراط في التفاؤل بالإدارة الأميركية الجديدة، إلا أن من أجمل ما يحتذى به من طريقة تفكير السيناتور أوباما وفريقه الانتخابي واقعية الطرح الذي استمر عليه طوال حملته، من دون أن يغدق بالوعود أو الدعاية المفرطة بالتفاؤل الوردي أو بالوعيد والتنكيل والتهميش لكل مخالف أو معارض لسياسته ومشروعه، بل كان يدعو لأميركا للجميع ليتحملوا مسؤولية بلادهم، وهنا تكمن موضوعية وشفافية الشعار الانتخابي والدعائي، على خلاف المرشح «الجمهوري» الذي كان يرى في مشروعه تكملة لفكر المحافظين الجدد، وما جلبوه من ويلات على العالم وأميركا ذاتها.
وفي شأن دور العرق أو الأصول المنتمية للعالم الثالث، وأنها لعبت دوراً في رجحان كفة أوباما، فقد أكدت الأرقام النهائية لنتائج الانتخابات أن نسبة الأميركيين السود المشاركة في الاقتراع لم تبلغ 13 في المئة من إجمالي الناخبين أساساً، ما يعني أن القبول جاء متجاوزاً أصوله المتواضعة أو عرق بشرته الداكنة، إلى ما هو أهم جداً، فما وجده الناخب الأميركي في شخصية أوباما أوجزه سيمون جينكنز، الكاتب في صحيفة «الغارديان» البريطانية، بالقول: «أفضل أن أرى أوباما ليـــس بـــصفته رجلاً أسود، بل باعتباره زعيماً موهوباً ذا مؤهلات وبصيرة، قادراً على استخدام جاذبيته لاستمالة الناس وشدهم، فضلاً عن ذكائه لإيجاد الحلول. فهذه هي المؤهلات التي يحتاجها العالم الآن. ينبغي أن نعقد أملنا عليها، وليس على العرق واللون». والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
فهد توفيق الهندال
إعلامي وكاتب كويتي
Kwt1972@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي