حروف نيرة

تشنجات على الهوا

تصغير
تكبير
الاعتماد على العقل والمنطق في المناقشة والحوار هو الأسلوب الأمثل لتوصيل الآراء والأفكار ووجهات النظر؛ فالأصل في نقاش أي مسألة أو قضية هو العلم والأدب؛ فلا يدخل في هذا المجال إلا من كان ملماً بالموضوع المطروح للنقاش ،وأن يبدي رأيه بآداب الحوار وأولها الحكمة واللين واحترام كل طرف لرأي الطرف الآخر ،والصبر وسعة الصدر وإعطائه الوقت الكافي لكي يعبر كل منهما عن رأيه، ثم التعقيب بأسلوب راقٍ عقلاني، ولا يُبدع في ذلك إلا من تخلق بأخلاق القرآن وتوجيهاته في كيفية الحوار؛ وإلا فإنها تصير لقاءات لتضييع الوقت والجهد وتزيد من التباعد والشقاق، وبها يفقد الحوار قيمته وفائدته؛ بل يتحول إلى وسيلة ضارة بالعلاقات؛ كبعض اللقاءات التي تظهر في برنامج يبدأ بالحوار الهادئ والانصات، ثم يتفاجأ المشاهد بالصراخ والمشاجرات والتشنجات، وقد يصل إلى الضرب وفقدان الأعصاب.

والآن أصبحت تلك اللقاءات الفاشلة قدوة سيئة لبرامج أخرى للحوارات غير الحضارية التي شاع فيها عدم الاحترام للآراء وللمشاهدين، فهي برامج غير هادفة سبّبت هدم أسس العقل والمعرفة، ولم تحقق النتائج الطيبة، وصارت كثير من برامجنا العربية تتنافس في ذلك؛ فأعطت الانطباع السلبي عن العقل العربي، وكثير من القنوات الفضائية تعرض تلك البرامج للإثارة والتعصب واستقطاب أكبر عدد من المشاهدين.


ولم نقع في ذلك إلا لأن الكثير منا لم يعرف كيفية مخاطبة الآخرين ومناقشتهم، وقد انتبهنا لذلك اليوم وعرفنا قيمته وأهميته؛ فيجب أن نتعلم ثقافة الحوار وأن يدرسها الطالب في المدارس، فيتعلم ضوابط الحوار، ويطبق ذلك عملياً في فصله مع المدرس ومع زملائه فيكون درساً شاملاً للشرح والتطبيق من خلال حواره مع المدرس والطلبة.

إن البرامج المهمة تحتاج إلى الجدية والقدرة على مواجهة الناس، فلا نبدأ بحلقات نقاشية وبرامج حوارية إلا بعد الدراية والتثقيف، فلا فائدة من لقاء أو نقاش إلا بعد تعلم الضوابط حتى ينجح في طرح أفكاره؛ فلا يشارك في البرامج الحوارية إلا من كان متقناً لفن النقاش وواثقاً أنه يمتلك صفات مهمة كالهدوء وتحمل ما فيها من إثارة، وأن يضع في ذهنه أنه قد يكون اللقاء مع من لا يلتزم بالآداب أو مَن لا علم له بما يقول.

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي