تمر دول الخليج العربي حالياً بأصعب وأخطر مرحلة منذ نشأتها... فقد تجاوزت هذه الدول في فترات سابقة، ظروفاً صعبة ومطامع إقليمية لم تستطع النيل من تماسكها وتعاضدها. لكن اليوم يحدث ما لا يستوعبه العقل والمنطق، بين الدول الشقيقة، من خلال ما نشاهده من حروب إعلامية متجردة من شرف الخصومة في تباين الآراء أو العتب المحمود بين الإخوة، وصلت إلى مستوى غير مسبوق. وهنا نتساءل؟ ما الهدف الذي سنصل إليه من بعد زرع بذور الحقد والكراهية؟ ولمصلحة من؟
وحدتنا الخليجية في خطر، ما لم يستمع الجميع لصوت العقل والحكمة المتمثّلة بوساطة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، وجميعنا تابع زيارة سموه للولايات المتحدة، حيث كانت الأزمة الخليجية وسُبل حلها على رأس الأولويات.
لكن الأزمة بين الأشقاء، دخلت مرحلة لم نكن لنتمناها، وهي فتور العلاقة بين مواطني دول مجلس التعاون، وانتقال الخلاف السياسي إلى شعبوي، ما يعد تطوراً خطيراً صنعه الإعلام المغرض وغير المهني.
لم نكن نتخيل ان نشاهد أو نسمع مناوشات كلامية بين مسؤولين خليجيين أمام مرأى ومسمع الأشقاء العرب والعالم!
وساطة دولة الكويت وأميرها، هي الحل الناجع. وفي العرف السياسي والعلاقات الدولية، الحوار والمفاوضات، الحل للقضايا الخلافية مهما كانت درجتها. مصلحتنا ومستقبلنا في إعادة العلاقات كما كانت قبل الأزمة بين قطر وشقيقاتها. وفي المقابل، فإن طول أمد الخلاف ينذر بما لا يحمد عقباه على المستوى الاجتماعي قبل السياسي.
واللافت في أزمتنا، اننا نرى العديد من الكتّاب والإعلاميين والسياسيين، الذين لا ينتمون لمحيطنا، يتصدرون الخطاب، ورأس الحربة في بث الكراهية وتعميق فجوة الخلاف وتوجيه الخطاب الإعلامي بلغة مسمومة.
ماذا نستطيع ان نفعل كمواطنين في دول مجلس التعاون، لإبقاء هذه المنظومة، التي نعتز بصمودها ونجاحاتها لعقود، وقد ارتبطت بها ذكريات لقاءات القادة المؤسسين واجيال رفعت عالياً علم «التعاون» في دورات الخليج الرياضية وغيرها من نماذج الترابط والتعاضد... ومِمَّا شاهدته شخصياً عندما نلتقي كوفود خليجية في مؤتمرات، تجمعنا لقاءات على مدى أيام، نشعر بأننا إخوة. كما أن الأمانة العامة لمجلس التعاون خصصت وبناءً على توجيهات القادة، ميزانية ضخمة لدعم المؤتمرات وتبادل إقامتها في مختلف المدن الخليجية، لأهداف سامية تعزز قدرات أبناء الخليج وتحقق آمالهم وتطلعاتهم.
لكن السؤال المتكرر: ماذا يحدث لنا؟
لن يكون الغد أفضل من الأمس، إذا ما استمرت هذه العاصفة شديدة الخطورة... وجودنا مرهون بإدراكنا لما يجري في محيطنا قبل أن «تذهب ريحنا».
[email protected]