خالد عيد العنزي / الملاس / الاستقالة «الشفهية» وحلبات المصارعة الرومانية ... نهاية وزير شجاع !

تصغير
تكبير
«إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه»، مثل شعبي.
(1)
ما ان خفتت الأضواء عن موضوع استجواب سمو رئيس الوزراء، حتى تعالت الأصوات مطالبة بكبش فداء يعوض لديهم لذة كانوا بانتظارها، في صورة درامية تشبه ترديد جمهور حلبة المصارعة الرومانية القديمة، فطالب البعض باستجواب وزير الداخلية، وطلب منه البعض الآخر الاستقالة، فيما شدد آخرون على ضرورة محاسبة قيادات وزارة الداخلية ووكيل الجنسية، بدعوى أنهم ورطوا الوزير والحكومة في موضوع التجنيس لتصل الأمور إلى ما وصلت إليه.
وتبدو الصورة هنا واضحة وإن شابها شيء من الغموض، فكبش الفداء المطلوب بشكل جماعي هو رأس كبير وثمن كبير فرضته جملة من الأحداث المتوالية والظروف المعقدة، والمثل الشعبي يقول: «اللي ما يرضى بجزَه، يرضى بجزَه وخروف»!
(2)
لأن «كل الطرق تؤدي إلى روما» فإن الأصوات المتعالية على اختلافها تطلب رأس وزير الداخلية لأسباب كثيرة، فمنهم من يريد تصفية حسابات قديمة كالفرعيات، والذي أجله دعم الحكومة للنائب فهد الميع في انتخابات المجلس نائباً لرئيس مجلس الأمة، لكن الظاهر أن الميع ونواب العوازم كانوا يهادنون لكنهم لم يصالحوا!
آخرون يهمهم جداً كسر هيبة هذا الموقع بعد الفشل في التعرض إلى موقع رئاسة الحكومة، ناهيك عن ثارات «التأبين» والفرعيات وسواها من الملفات.
(3)
لسنا بوارد الدفاع عن وزير الداخلية كشخص ولا كموقع، ولا نريد «رثاء» الوزير أو هيبة الموقع، لكنها كلمات حق تريد أن تكون الأمور في نصابها الصحيح، فلا تغيير الوزير واستبداله سيحل مشكلات الوزارة ولا بقاؤه سيحل المشكلة، إن لم يتم التحرك بشفافية وصدق، فما تعانيه الوزارة من اندفاع في بعض الأحيان وتخبط هنا وهناك مرده لعقلية «الحاشية» التي تقدم النصيحة «الملغومة» تلو النصيحة «المسمومة»، فكلمة السر في وزارة الداخلية كغيرها من الوزارات لدينا هي في القيادات التي تدير الوزارة من وراء الكواليس، تلك الأسماء الثابتة رغم كل تغيير يشهده منصب الوزير، وبالتالي فإن علاج مشكلات وزارة الداخلية يستوجب إجراء نقدياً ذاتياً لعمل الوزارة وتقييماً لأداء قياداتها، ومحاسبة المخطئين أو المقصرين منهم من دون إهمال دور من أعطى توصيات أو نصائح خاطئة عن قصد أو غير قصد، فتغيير الرأس أسلوب جربناه كثيراً، لكنه لم يكن ليحل المشكلة وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
(4)
لا شك في أن وزير الداخلية كرجل عسكري لم يعتد ألاعيب الساسة ودهاء العاملين في السياسة، فكان حازماً حيث كان عليه أن يراوغ، وتصرف بحدة في ملفات «حساسة»، فعلى سبيل المثال لا الحصر كان كل وزير للداخلية يقول إن الانتخابات الفرعية مخالفة للقانون، لكنهم لم يتحركوا ضدها لإدراكهم حساسيتها والثمن الباهظ الذي يمكن أن يدفعوه، وقس على ذلك في الملفات الأخرى.
المهم أن وزير الداخلية تحرك وفق القوانين النافذة، لكنه تعرض إلى أمور مسكوت عنها أيضاً، وبالتالي فإننا هنا أمام نصوص قانونية تناقض الواقع الاجتماعي، وربما يكون هذا هو السبب في السكوت المتواصل على بعض الأمور التي تحتمل أكثر من تفسير.
(5)
تردد على نطاق واسع أن وزير الداخلية تقدم بـ «استقالة شفهية» لسمو رئيس الحكومة. وبغض النظر عن مدى دقة هذه المعلومة فإنها مؤشر على ما ستسير فيه الأمور، سواء أكان ذلك مبنياً على استعداد شخصي للتضحية أو استعداد حكومي للتضحية به ككبش فداء، في صورة تذكرنا بقصة المثل العربي «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض»!
نتمنى ألا يستقيل الوزير شفهياً أو كتابياً، ولتقله الحكومة إن كانت بوارد التضحية به، لا لسبب سوى أننا لا نريد أن يسجل من سحب استجواب رئيس الحكومة انتصاراً. وكي تصبح الصورة واضحة أمام الشعب، فما المانع من أن يستجوب الوزير مادام هناك من يريد استجوابه، ولماذا يستقيل قبل صعود المنصة؟ وبالمناسبة فإن عادة الاستقالة قبل الاستجواب، والتي درج عليها وزراؤنا تحمل في طياتها إدانة مسبقة لهم.
في النهاية نقول إن المؤرخين اعتبروا أن مباريات الموت التي كانت تجرى في حلبات المصارعة الرومانية كانت أول الطريق إلى نهاية الحضارة الرومانية، ونتمنى ألا يكون ما تشهده الساحة السياسية من مباريات موتاً سياسياً لا هدف منها سوى إلهاء الناس أول الطريق لاغتيال الديموقراطية الكويتية!

ماسيج:
- يتردد أن وزير الشؤون يستخدم اسم «المراجع العليا» في الترشيح والرفض والقبول في ملف «الهيئة العامة للشباب والرياضة»، لا تعليق!
- سرعان ما تبددت فرحة العرب والمسلمين بانتخاب بو حسين أوباما رئيساً لأميركا، فأولى تعييناته لأميركي من أصل إسرائيلي قاتل في جيش إسرائيل، ليكون مديراً للبيت الأبيض. صح النوم يا عرب فـ «الجواب باين من عنوانه»!
- يبشرنا الوزير أحمد باقر بأن قانون هيئة سوق المال آتٍ خلال أسابيع. نخشى أن يكون صورة عن إعانات شهر رمضان!
- أصاب وزير الصحة حين أقال مدير إدارة العلاج بالخارج، لكن
هل سيخطئ بتعيين بديله؟
- وكيل وزارة الصحة المنوي تعيينه رجل مشهود له بالاستقامة، اللهم إلا إن كان ساس البلاء من الكراسي وليس الأشخاص!
- يهدد التجمع السلفي بسحب الوزير باقر إن استمر التخبط الحكومي، أليس باقر محركاً فاعلاً للتخبط؟
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي