مقال / المريض السينمائي!
| إبراهيم صموئيل |
حين يُسأل مدير المؤسسة العامة للسينما في سورية في مؤتمر صحافي، لمناسبة إقامة مهرجان دمشق السينمائي السادس عشر هذه الأيام: لماذا لا تُجيَّر موازنة المهرجان لصالح إنتاج سينمائي محلي؟ فإن السؤال يعني، بالبداهة والفطرة، وجود أزمة حقيقية في الإنتاج السينمائي المحلي تحتاج إلى بحث ومعالجة، على أي نحو من الأنحاء، ولو بتجيير موازنة المهرجانات التي تُقام دورياً. البداهة تقدّم معنى السؤال ودلالته. مدير المؤسسة فهمه على نحو آخر فقال إن موازنة المهرجان تقع تحت بند المهرجانات في رئاسة مجلس الوزراء، وإذا ما أُلغي المهرجان فلن تُجيَّر موازنته للإنتاج السينمائي بل ستذهب إلى الخزينة العامة للدولة!
ولا يستطيع المرء، إزاء جواب كهذا، إلا أن يتخيل شاباً يُسأل: لماذا لا تُجيّر الأموال التي تحصل عليها من أبيك لمعالجة مرضك المزمن بدل أن تستخدمها للاحتفال السنوي بعيد ميلادك... فيجيب: ان هذه الأموال التي أحصل عليها مخصصة لرحلاتي أو للاحتفال بأعياد ميلادي، فإذا ما ألغيت الترحال أو الاحتفال فإنها ستعود إلى أبي ولن أستفيد منها!
أولاً... ذاك أبوه والشاب ابنه، تماماً كما العلاقة بين الدولة ومؤسسات القطاع العام فيها! والأمر الآخر الأفدح مفارقة: هل الأساس متانة جسم الشاب وسلامة صحته وعافيته... أم الاحتفال بما بلغ من عمر؟! مهرجان السينما هو احتفالية بفن السينما. عرض واسع لمختلف الإنتاج السينمائي في عدد من دول العالم. احتفاء، وتكريم لعاملين في هذا الحقل في أكثر من دولة. وبهذا المعنى، وفي ظل الأزمة المستفحلة، ألا تشبه دورات مهرجان دمشق التي تقام للسينما حال راسبٍ يحتفل بالناجحين؟! أليس الأجدى والأجدر والأعقل أن يتنبّه الراسب لكسله، ويعالج نفسه، وينكبّ على الدراسة الجادة فيحقق النجاح وينضم إلى كوكبة الناجحين ومن ثم يحتفي بهم ـ إذا شاء ـ ويحتفون به على حد سواء؟!
ما العبرة في مهرجان للسينما يُقام في بلد يعاني من أزمة سينما! أزمة السينما في سورية ليست وجهة نظر، هي أزمة حقيقية واقعة وملموسة وفاضحة، أشار إليها وشكا منها وبيّن أسبابها وفصّل طرائق معالجتها العديد جداً من النقاد والدارسين والمشتغلين في هذا الفن. أقول: أزمة سينما، وليست أزمة إنتاج محلي فقط، لأن عادة حضور أفلام سينمائية، حتى في العاصمة، انتفت من حياة الناس لسبب بسيط جداً: عدم وجود أفلام سينمائية رفيعة المستوى تُعرض! على ندرة نادرة، مثل بيضة الديك كما يقول المثل، يحدث أن يُعرض فيلم أو فيلمان طوال عام بكامله! سوى ذلك لا سينما ولا حياة سينمائية. بين مهرجان وآخر تشح العروض وتجف تماماً، حتى إذا ما حلَّ المهرجان هطلت الأفلام من كل حدب وصوب، ثم في الختام نعود إلى الشح والجفاف مجدّداً، إنتاجاً محلياً وعرضاً!
في ظل هذا الواقع الفاضح وغير المعقول، وبدل أن نجد مخارج لتجاوز الأزمة، ونعمل على تزويد الصالات بالأفلام الراقية... يُتخذ قرار بإقامة المهرجان في كل عام بدلاً من دورة كل عامين! أي بدل العمل على النهوض بالحياة السينمائية، إنتاجاً وعرضاً وأنشطة، تنفق الأموال الهائلة لتذكير الناس أن في العالم إنتاجاً سينمائياً رفيعاً، وأنكم، في بلدكم، محرومون من مثيله!
ولِمَ لا؟! يتساءل مدير مؤسسة السينما ومدير المهرجان: إذ في مصر ستة مهرجانات وكذا في المغرب وفي لبنان ثلاثة... أفلا يحق لنا أن ننعم في سورية ولو بمهرجان واحد؟! لكأن المسألة هي سباق في ميدان المهرجانات على غرار السباق في ميدان التسلّّح! أما الإنتاج المحلي، وتقديم العروض العالمية، والارتقاء بالحياة السينمائية، وإضافة مفردة الفن السابع إلى لغة الناس وأنشطتهم الثقافية، وتدبّر حلول حقيقية للأزمة المستفحلة... فهذا ما لا تشمله الميزانيات ولا تهتم به الأضواء لأنه ببساطة لا يؤمن الوجاهات والاستعراضات والتظاهرات الإيهاميّة!
حين يُسأل مدير المؤسسة العامة للسينما في سورية في مؤتمر صحافي، لمناسبة إقامة مهرجان دمشق السينمائي السادس عشر هذه الأيام: لماذا لا تُجيَّر موازنة المهرجان لصالح إنتاج سينمائي محلي؟ فإن السؤال يعني، بالبداهة والفطرة، وجود أزمة حقيقية في الإنتاج السينمائي المحلي تحتاج إلى بحث ومعالجة، على أي نحو من الأنحاء، ولو بتجيير موازنة المهرجانات التي تُقام دورياً. البداهة تقدّم معنى السؤال ودلالته. مدير المؤسسة فهمه على نحو آخر فقال إن موازنة المهرجان تقع تحت بند المهرجانات في رئاسة مجلس الوزراء، وإذا ما أُلغي المهرجان فلن تُجيَّر موازنته للإنتاج السينمائي بل ستذهب إلى الخزينة العامة للدولة!
ولا يستطيع المرء، إزاء جواب كهذا، إلا أن يتخيل شاباً يُسأل: لماذا لا تُجيّر الأموال التي تحصل عليها من أبيك لمعالجة مرضك المزمن بدل أن تستخدمها للاحتفال السنوي بعيد ميلادك... فيجيب: ان هذه الأموال التي أحصل عليها مخصصة لرحلاتي أو للاحتفال بأعياد ميلادي، فإذا ما ألغيت الترحال أو الاحتفال فإنها ستعود إلى أبي ولن أستفيد منها!
أولاً... ذاك أبوه والشاب ابنه، تماماً كما العلاقة بين الدولة ومؤسسات القطاع العام فيها! والأمر الآخر الأفدح مفارقة: هل الأساس متانة جسم الشاب وسلامة صحته وعافيته... أم الاحتفال بما بلغ من عمر؟! مهرجان السينما هو احتفالية بفن السينما. عرض واسع لمختلف الإنتاج السينمائي في عدد من دول العالم. احتفاء، وتكريم لعاملين في هذا الحقل في أكثر من دولة. وبهذا المعنى، وفي ظل الأزمة المستفحلة، ألا تشبه دورات مهرجان دمشق التي تقام للسينما حال راسبٍ يحتفل بالناجحين؟! أليس الأجدى والأجدر والأعقل أن يتنبّه الراسب لكسله، ويعالج نفسه، وينكبّ على الدراسة الجادة فيحقق النجاح وينضم إلى كوكبة الناجحين ومن ثم يحتفي بهم ـ إذا شاء ـ ويحتفون به على حد سواء؟!
ما العبرة في مهرجان للسينما يُقام في بلد يعاني من أزمة سينما! أزمة السينما في سورية ليست وجهة نظر، هي أزمة حقيقية واقعة وملموسة وفاضحة، أشار إليها وشكا منها وبيّن أسبابها وفصّل طرائق معالجتها العديد جداً من النقاد والدارسين والمشتغلين في هذا الفن. أقول: أزمة سينما، وليست أزمة إنتاج محلي فقط، لأن عادة حضور أفلام سينمائية، حتى في العاصمة، انتفت من حياة الناس لسبب بسيط جداً: عدم وجود أفلام سينمائية رفيعة المستوى تُعرض! على ندرة نادرة، مثل بيضة الديك كما يقول المثل، يحدث أن يُعرض فيلم أو فيلمان طوال عام بكامله! سوى ذلك لا سينما ولا حياة سينمائية. بين مهرجان وآخر تشح العروض وتجف تماماً، حتى إذا ما حلَّ المهرجان هطلت الأفلام من كل حدب وصوب، ثم في الختام نعود إلى الشح والجفاف مجدّداً، إنتاجاً محلياً وعرضاً!
في ظل هذا الواقع الفاضح وغير المعقول، وبدل أن نجد مخارج لتجاوز الأزمة، ونعمل على تزويد الصالات بالأفلام الراقية... يُتخذ قرار بإقامة المهرجان في كل عام بدلاً من دورة كل عامين! أي بدل العمل على النهوض بالحياة السينمائية، إنتاجاً وعرضاً وأنشطة، تنفق الأموال الهائلة لتذكير الناس أن في العالم إنتاجاً سينمائياً رفيعاً، وأنكم، في بلدكم، محرومون من مثيله!
ولِمَ لا؟! يتساءل مدير مؤسسة السينما ومدير المهرجان: إذ في مصر ستة مهرجانات وكذا في المغرب وفي لبنان ثلاثة... أفلا يحق لنا أن ننعم في سورية ولو بمهرجان واحد؟! لكأن المسألة هي سباق في ميدان المهرجانات على غرار السباق في ميدان التسلّّح! أما الإنتاج المحلي، وتقديم العروض العالمية، والارتقاء بالحياة السينمائية، وإضافة مفردة الفن السابع إلى لغة الناس وأنشطتهم الثقافية، وتدبّر حلول حقيقية للأزمة المستفحلة... فهذا ما لا تشمله الميزانيات ولا تهتم به الأضواء لأنه ببساطة لا يؤمن الوجاهات والاستعراضات والتظاهرات الإيهاميّة!