انسحاب «سرايا أهل الشام» وارتفاع «منسوب التعبئة» للتطبيع مع الأسد
لبنان... إلى معركة الجيش ضدّ «داعش» دُر

حفل في مرفأ بيروت أمس لتسليم آليات عسكرية من الولايات المتحدة إلى الجيش اللبناني في إطار دعمه للقيام بمهامه والتصدي للجماعات الإرهابية (رويترز)


جعجع: أين المصلحة اللبنانية العليا بالانفتاح على نظام زائل والانغلاق على 20 دولة عربية مستقرة باقية؟
... إلى معركة الجيش اللبناني ضدّ «داعش» دُر. عنوانٌ اختصرَ المشهد في بيروت أمس مع طيّ صفحة وجود «سرايا أهل الشام» (بقايا من الجيش السوري الحر) في جرود عرسال وانتقال مسلّحيها مع عائلاتهم الى بلدة الرحيبة السورية (القلمون الشرقي).
وجاء انسحاب نحو 253 مسلّحاً بسلاحهم الخفيف و300 مدني ليتوّج مساراً تَفاوُضياً بعد فصل ملف «سرايا أهل الشام» عن قضية «جبهة النصرة» التي خاض «حزب الله» أخيراً معركة معها انتهتْ الى صفقةٍ ضمنتْ انتقال أميرها في الجرود أبو مالك التلي ومَن بقي من مسلّحيه وآلاف النازحين الى إدلب.
وفيما كان يُفترض أن يَخرج من مخيّمات منطقة وادي حميد (جرود عرسال) نحو 3 آلاف مدني (من عائلات مسلّحي «السرايا» ونازحين)، فإن العدد الفعلي للذين غادروا لم يتجاوز 300، وسط معلوماتٍ ربطتْ ذلك برفْض السماح لمَن أرادوا الانتقال الى الرحيبة (واقعة تحت سيطرة «الجيش الحرّ») بأن يستقلّوا آلياتهم وسياراتهم ففضّلوا البقاء في المخيمات الموجودة في قلب بلدة عرسال التي أشارتْ تقارير الى ان نحو 4 آلاف لاجئ دخلوها من الجرود، علماً أن دفعة جديدة من النازحين ستتوجّه في الأيام المقبلة مع المدعو «أبو طه» الى منطقة عسال الورد في القلمون الغربي.
ولم تكد الحافلاتُ أن تنطلق في اتجاه الرحيبة مروراً بجرود فليطة السورية، حتى انتشرتْ وحداتُ الجيش اللبناني في منطقة وادي حميد ومدينة الملاهي والمرتفعات المحيطة بهما استكمالاً لعملية إحكام الطوق وتضييق الخناق على مجموعات «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، الأمر الذي اعتُبر المؤشر الأبرز على أن «الساعة صفر» لمعركة الجيش مع التنظيم الإرهابي باتت أقرب من أيّ وقت، بعدما زالت آخر العناصر الميدانية التي كانت تعوقها (وجود سرايا أهل الشام في جرود عرسال) واكتمل الإمساك بنقاط التماس مع التنظيم الإرهابي من جرود عرسال.
وعلى وهجِ المناخِ الذي ساد بيروت بأن «الطلقة الأولى» بمعركة دحْر «داعش» باتت رهْن «ضوء أخضر» متوقَّع «بين لحظة وأخرى»، تملّك أوساطاً سياسية واسعة الإطلاع قلقٌ من الأجواء التي «راكَمها» حزب الله بإطار «التمهيد» لهذه المواجهة على خطيْن متلازميْن: الدفْع نحو تأكيد وجود «شراكة» ميدانية بالمعركة ضدّ «داعش» بين الجيش اللبناني وبين الجيش السوري و«حزب الله» اللذين سيطلقان عملية بالتوقيت نفسه في المقلب السوري (قارة والجراجير) بسياق السعي الى تظهير تعاوُن علني بين المؤسسة العسكرية اللبنانية والجيش السوري كما مع الحزب وهو ما ينطوي على محاذير خارجية كبيرة. والخطّ الثاني إطلاق «حملة» مبرْمجة للتطبيع السياسي مع النظام السوري عبر الكشْف عن زيارات تبدأ غداً لوزراء من «حزب الله» ومن فريق رئيس البرلمان نبيه بري للعاصمة السورية لحضور معرض دمشق وبحث ملفات ثنائية، وهو ما رفضتْه قوى سياسية وازنة ونزعتْ حكومة الرئيس سعد الحريري أيّ غطاء رسمي عنه بحيث تكون الزيارات بلا أي «تكليف ولا مهام رسمية».
وعلى هذين الخطيْن استوقف الأوساط المطلعة عبر «الراي» الوقائع الآتية «المثيرة للقلق»:
* إضاءة الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصر الله، في خطابه عصر أول من أمس، على جانب كان يثار بعيداً من الأضواء لجهة تداعيات أي «أفخاخ» قد تكون تُنصب للجيش اللبناني في المعركة ضدّ «داعش»، المعروف بارتباطاتٍ مشبوهة، بمعنى جرّ المؤسسة العسكرية الى استنزافٍ لتظهير عدم قدرتها لوحدها على حسْم المعركة ضدّ الإرهاب «الداعشي» بسرعةٍ وبأقلّ تكلفة على عكس ما قال الحزب انه فعله في العملية العسكرية ضد «النصرة» كما بالتفاوض الذي استردّ عبره 8 من أسراه.
وقارب نصر الله هذا البُعد من «الزاوية المعاكسة» من خلال دعوته الى عدم تحديد مهلة زمنية للمعركة ضد «داعش» ولا إجراء مقارنات «وبالتالي بالحد الأدنى من فريقنا السياسي والإعلامي لا يطلع أحد ويقول عن مصدر في (8 آذار) إن الجيش تأخّر بالحسم والمقاومة حسمت بيومين، وهذا كلام فارغ».
* رفْع منسوب الدعوة لتطبيع العلاقة مع النظام السوري، عبر كلام نصر الله عن ضرورة عودة العلاقة مع سورية باعتبارها مصلحة لبنانية وربْطه وجوب تسليم خصومه بذلك بـ «ان المشروع الذي راهنتم عليه في سورية سقط أو يكاد»، وصولاً بإعلان وزير «حزب الله» محمد فنيش أنه «عندما يحاول البعض أن يملي علينا موقفه ليمنع الزيارات لدمشق، فهذا مخالف للميثاق الوطني وللاتفاقيات والعلاقات الديبلوماسية القائمة ومخالف لما اتفقنا عليه في الحكومة أن ننظم خلافاتنا».
وإذ كرّر رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع اعتراضه على الانفتاح الرسمي على النظام السوري سائلاً «أين المصلحة اللبنانية العليا بالانفتاح على نظامٍ زائلٍ والانغلاق على عشرين دولة عربيّة مستقرّة باقية؟... وبالظهور أمام المجتمع الدولي بأنّ لبنان أصبح في المحور الإيراني؟»، فإن هذه الوقائع تؤشر على ان لبنان صار في قلب عملية استقطابٍ يحاول معها المحور الإيراني إظهار «نفوذه» وترجمته في أكثر من اتجاهٍ، فيما الوضع الداخلي غارقٌ بين إما العجز عن إحداث التوازن المطلوب مع «حزب الله» وإما الانهماك بملفات اقتصادية معيشية مثل سلسلة الرتب والرواتب التي استدعتْ عقد لقاء تشاوري غير مسبوق في القصر الجمهوري امس برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور الحريري ووزراء معنيين ومختلف القطاعات الاقتصادية عكس المأزق الذي تعيشه البلاد، وسط مخاطر السير بالسلسلة والضرائب لتمويلها (يتجه عون لتوقيع قانونها مع ترك باب لتعديلات عبر آليات سريعة) وصعوبات التراجع عنها وسط تحركات احتجاجية برزت في الشارع وأنذرت بمتاعب اجتماعية وربما سياسية.
وجاء انسحاب نحو 253 مسلّحاً بسلاحهم الخفيف و300 مدني ليتوّج مساراً تَفاوُضياً بعد فصل ملف «سرايا أهل الشام» عن قضية «جبهة النصرة» التي خاض «حزب الله» أخيراً معركة معها انتهتْ الى صفقةٍ ضمنتْ انتقال أميرها في الجرود أبو مالك التلي ومَن بقي من مسلّحيه وآلاف النازحين الى إدلب.
وفيما كان يُفترض أن يَخرج من مخيّمات منطقة وادي حميد (جرود عرسال) نحو 3 آلاف مدني (من عائلات مسلّحي «السرايا» ونازحين)، فإن العدد الفعلي للذين غادروا لم يتجاوز 300، وسط معلوماتٍ ربطتْ ذلك برفْض السماح لمَن أرادوا الانتقال الى الرحيبة (واقعة تحت سيطرة «الجيش الحرّ») بأن يستقلّوا آلياتهم وسياراتهم ففضّلوا البقاء في المخيمات الموجودة في قلب بلدة عرسال التي أشارتْ تقارير الى ان نحو 4 آلاف لاجئ دخلوها من الجرود، علماً أن دفعة جديدة من النازحين ستتوجّه في الأيام المقبلة مع المدعو «أبو طه» الى منطقة عسال الورد في القلمون الغربي.
ولم تكد الحافلاتُ أن تنطلق في اتجاه الرحيبة مروراً بجرود فليطة السورية، حتى انتشرتْ وحداتُ الجيش اللبناني في منطقة وادي حميد ومدينة الملاهي والمرتفعات المحيطة بهما استكمالاً لعملية إحكام الطوق وتضييق الخناق على مجموعات «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، الأمر الذي اعتُبر المؤشر الأبرز على أن «الساعة صفر» لمعركة الجيش مع التنظيم الإرهابي باتت أقرب من أيّ وقت، بعدما زالت آخر العناصر الميدانية التي كانت تعوقها (وجود سرايا أهل الشام في جرود عرسال) واكتمل الإمساك بنقاط التماس مع التنظيم الإرهابي من جرود عرسال.
وعلى وهجِ المناخِ الذي ساد بيروت بأن «الطلقة الأولى» بمعركة دحْر «داعش» باتت رهْن «ضوء أخضر» متوقَّع «بين لحظة وأخرى»، تملّك أوساطاً سياسية واسعة الإطلاع قلقٌ من الأجواء التي «راكَمها» حزب الله بإطار «التمهيد» لهذه المواجهة على خطيْن متلازميْن: الدفْع نحو تأكيد وجود «شراكة» ميدانية بالمعركة ضدّ «داعش» بين الجيش اللبناني وبين الجيش السوري و«حزب الله» اللذين سيطلقان عملية بالتوقيت نفسه في المقلب السوري (قارة والجراجير) بسياق السعي الى تظهير تعاوُن علني بين المؤسسة العسكرية اللبنانية والجيش السوري كما مع الحزب وهو ما ينطوي على محاذير خارجية كبيرة. والخطّ الثاني إطلاق «حملة» مبرْمجة للتطبيع السياسي مع النظام السوري عبر الكشْف عن زيارات تبدأ غداً لوزراء من «حزب الله» ومن فريق رئيس البرلمان نبيه بري للعاصمة السورية لحضور معرض دمشق وبحث ملفات ثنائية، وهو ما رفضتْه قوى سياسية وازنة ونزعتْ حكومة الرئيس سعد الحريري أيّ غطاء رسمي عنه بحيث تكون الزيارات بلا أي «تكليف ولا مهام رسمية».
وعلى هذين الخطيْن استوقف الأوساط المطلعة عبر «الراي» الوقائع الآتية «المثيرة للقلق»:
* إضاءة الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصر الله، في خطابه عصر أول من أمس، على جانب كان يثار بعيداً من الأضواء لجهة تداعيات أي «أفخاخ» قد تكون تُنصب للجيش اللبناني في المعركة ضدّ «داعش»، المعروف بارتباطاتٍ مشبوهة، بمعنى جرّ المؤسسة العسكرية الى استنزافٍ لتظهير عدم قدرتها لوحدها على حسْم المعركة ضدّ الإرهاب «الداعشي» بسرعةٍ وبأقلّ تكلفة على عكس ما قال الحزب انه فعله في العملية العسكرية ضد «النصرة» كما بالتفاوض الذي استردّ عبره 8 من أسراه.
وقارب نصر الله هذا البُعد من «الزاوية المعاكسة» من خلال دعوته الى عدم تحديد مهلة زمنية للمعركة ضد «داعش» ولا إجراء مقارنات «وبالتالي بالحد الأدنى من فريقنا السياسي والإعلامي لا يطلع أحد ويقول عن مصدر في (8 آذار) إن الجيش تأخّر بالحسم والمقاومة حسمت بيومين، وهذا كلام فارغ».
* رفْع منسوب الدعوة لتطبيع العلاقة مع النظام السوري، عبر كلام نصر الله عن ضرورة عودة العلاقة مع سورية باعتبارها مصلحة لبنانية وربْطه وجوب تسليم خصومه بذلك بـ «ان المشروع الذي راهنتم عليه في سورية سقط أو يكاد»، وصولاً بإعلان وزير «حزب الله» محمد فنيش أنه «عندما يحاول البعض أن يملي علينا موقفه ليمنع الزيارات لدمشق، فهذا مخالف للميثاق الوطني وللاتفاقيات والعلاقات الديبلوماسية القائمة ومخالف لما اتفقنا عليه في الحكومة أن ننظم خلافاتنا».
وإذ كرّر رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع اعتراضه على الانفتاح الرسمي على النظام السوري سائلاً «أين المصلحة اللبنانية العليا بالانفتاح على نظامٍ زائلٍ والانغلاق على عشرين دولة عربيّة مستقرّة باقية؟... وبالظهور أمام المجتمع الدولي بأنّ لبنان أصبح في المحور الإيراني؟»، فإن هذه الوقائع تؤشر على ان لبنان صار في قلب عملية استقطابٍ يحاول معها المحور الإيراني إظهار «نفوذه» وترجمته في أكثر من اتجاهٍ، فيما الوضع الداخلي غارقٌ بين إما العجز عن إحداث التوازن المطلوب مع «حزب الله» وإما الانهماك بملفات اقتصادية معيشية مثل سلسلة الرتب والرواتب التي استدعتْ عقد لقاء تشاوري غير مسبوق في القصر الجمهوري امس برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور الحريري ووزراء معنيين ومختلف القطاعات الاقتصادية عكس المأزق الذي تعيشه البلاد، وسط مخاطر السير بالسلسلة والضرائب لتمويلها (يتجه عون لتوقيع قانونها مع ترك باب لتعديلات عبر آليات سريعة) وصعوبات التراجع عنها وسط تحركات احتجاجية برزت في الشارع وأنذرت بمتاعب اجتماعية وربما سياسية.