حلقاتنا إلى أين؟
الزيارة الصعبة التي فرضت على باراك اوباما للقدوم إلى إسرائيل في شهر يوليو كانت مرهقة: زيارة لـ «يد واسم» مؤسسة تخليد ضحايا النازية، والتقاط صورة بجانب بقايا صواريخ القسام في سديروت، وحتى زيارة عاجلة في منتصف الليل لحائط المبكى.
تم الزج بلقاءات مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت، ولقاءً مع وزيرة الخارجية تسيفي ليفني، وجولة في المروحية مع وزير الدفاع ايهود باراك ولقاء مع رئيس المعارضة نتنياهو في القدس، في السبع عشرة ساعة التي خصصها أعوانه لهذه الزيارة. الهدف بالنسبة لاوباما كان إزالة الشكوك لدى أوساط واسعة في الجالية اليهودية في الولايات المتحدة التي تنظر إليه كمناصر للعرب.
الأشخاص الذين قابلوا اوباما يقولون انه كان مصغياً كعادة الضيوف الأميركيين، وتوخى الحذر في عباراته، وبالأساس طرح الأسئلة على من استضافوه. ولكن عند الرجوع عند الأمور القليلة التي قالها في تلك اللقاءات يجدون أنه كرر أمراً واحداً: «لن أفرض عليكم شيئاً، أنتم تعرفون جيداً ما هو الأمر الجيد بالنسبة لكم. قررتم دفع العملية السياسية وأنا كرئيس سأساعدكم في ذلك، وسأسير معكم في هذا المسار.» رغم ذلك لم ينجح اوباما في تبديد الشكوك الإسرائيلية حتى بعد زيارته، لإسرائيل وظل شخصاً غير مفهوم.
تاريخ العلاقات الإسرائيلية مع الرؤساء الأميركيين يشير إلى صعوبة توقع المستقبل بناء على تجربة الماضي. اللقاء الأول بين اسحاق رابين رحمه الله، والمرشح الديموقراطي للرئاسة بيل كلينتون كان كارثة. رابين أيد بصورة شبه علنية المرشح الجمهوري جورج بوش الأب وخرج من اللقاء مع كلينتون وهو يشكك في قدرته على قيادة الولايات المتحدة. ولكن سرعان ما وجد الشخصان لغة مشتركة، وتشابكت أياديهما في السعي نحو دفع العملية السياسية في المنطقة. كلينتون أصبح الشخص المقرب لرابين. كلينتون حاول مساعدة شمعون بيرس في الفوز في انتخابات 1996. بعد هزيمة بيرس استطاع الرئيس الأميركي بناء شراكة وتعاون مع قائد «الليكود»، ولكن لم يكن من الممكن اخفاء التصدعات في العلاقات بين الاثنين حتى بعد أعوام. ينسبون لكلينتون قوله انه عندما جلس قبالة نتنياهو شعر بأنه يجلس أمام قائد الدولة الأعظم في العالم.
نتنياهو اعتقد أنه قادر على استغلال التوتر البنيوي في طريقة الحكم الأميركية والموجود بين البيت الأبيض والكونغرس. في إحدى المناسبات عندما وصل التوتر بينه وبين كلينتون إلى مستوى خطير، قال لي نتنياهو بأنه قادر: «على اشعال واشنطن، وتحريك اصدقاء إسرائيل في الكونغرس ضد الرئيس الأميركي».
إسرائيل تدللت خلال أعوام حكم بوش الثمانية، ولكن هنا أيضاً يمكن القول ان تاريخ العلاقات يمكن أن يكون مضللاً. عندما دخل بوش إلى البيت الابيض بداية العام 2001 قدر صناع القرار أننا أمام أربع سنوات، أو ثمانية، عجاف في العلاقات بين الدولتين. بوش كما توقع المحللون أسير بيد أطراف مرتبطة بالنفط العربي.
عند نهاية الشهر، وقبل أن يعود بوش إلى مزرعته في تكساس سيلتقي مع اولمرت ويلخص معه بصورة مكتوبة كل التفاهمات التي توصلا اليها في الماضي حتى تسلم للادارة القادمة كتعهد رئاسي. المقصود بالأساس التعاون في القضية الإيرانية وبكلمات أخرى: المظلة الجوية التي توفر لإسرائيل- إذا ما كانت هناك - حاجة - غطاءً أميركياً، واستكمال صفقات السلاح مع إسرائيل، والتي تتضمن الطائرات المراوغة، ومنظومات الدفاع الجوية المحكمة، ووعداً بتقديم مساعدة عسكرية بثلاثين مليار دولار للعقد المقبل.
في الوقت الذي حسمت فيه المعركة السياسية في أميركا تخوض إسرائيل حملة انتخابية ما زالت في بدايتها. ستمر أشهر حتى تتشكل الحكومة المقبلة، ولذلك من الصعب توقع طبيعة العلاقة بين الدولتين. من الممكن فقط تقدير مظهر العلاقات بين اوباما وبين المرشحين الاثنين لرئاسة الوزراء أي ليفني ونتنياهو، ذلك لان باراك قد سلم بالافتراض بأن فرصته معدومة في الوصول إلى رئاسة الوزراء.
ليفني تعتقد أن انتخاب اوباما يضعها في مكان جيد من حيث علاقات العمل مع البيت الأبيض. حاشيتها تقول انها مثل اوباما تمثل طرازاً جديداً، وتحمل رياح التغيير معها، ويشيرون أيضاً إلى عمرهما المتشابه: اوباما يبلغ 47 عاماً وليفني 50 عاماً.
ولكن الورقة الأساسية التي يبرزها أتباع وزيرة الخارجية هي المفاوضات التي تجريها مع الفلسطينيين، واستعدادها لدفع ثمن مؤلم في التسوية الشاملة. اسهام ليفني في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية يشير حسب رأي مستشاريها إلى التزامها بالاتفاق مع السوريين. ليفني على قناعة أن مستشاري اوباما سيقولون له عنها انها مرشحة جيدة للشراكة مع الإدارة الأميركية في التسوية في المنطقة.
مرشح «الليكود» بنيامين نتنياهو، سارع بالأمس الأول للترحيب بانتخاب اوباما وتهنئته، وقال في البرقية أنه يرغب في العمل معه من أجل السلام والأمن. انضمام بيني بيغن لعربة «الليكود»، وربما آفي ايتام وموشيه يعلون وعوزي لنداو دفع نتنياهو للادراك بأن عليه أن يعد اوباما بأنه لا ينوي تبني الخط الذي يرفض أي امكانية بالتسوية مع الفلسطينين والسوريين.
نتنياهو يدرك أيضاً أن الإدارة الديموقراطية الجديدة لن تسارع إلى شراء أفكار السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين. اوباما قد تبنى الرؤية المعتادة في السياسة الخارجية الأميركية ومفادها أن حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني سيكون دولتين لشعبين. الرئيس المنتخب يؤيد أيضا استئناف المفاوضات بين إسرائيل وسورية. نتنياهو هو بين البارزين في الجهاز السياسي الإسرائيلي الذين أيدوا اعداد الجيش لتوجيه ضربة وقائية لإيران، مع الاستعداد لتلقي ضربات صاروخية على أرجاء البلاد. هذا كان أحد المواضيع القليلة التي وجد فيها نتنياهو واولمرت لغة مشتركة. يبدو أن رئيس «الليكود» سيجد نفسه في هذه القضية أيضاً على طريق التصادم مع إدارة اوباما.
يبدو أن القضية الاولى التي ستثير الخلاف بين الحكومتين سواء كان نتنياهو رئيساً أم ليفني، ترتبط بـ توجه اوباما نحو العقدة الإيرانية. طوال الحملة الانتخابية لم يتوان اوباما عن القول انه ينوي التفاوض مع طهران وفق مبدأ العصا والجزرة. هو يكرر القول ان كل الخيارات متاحة ولكنه يقصد في ذلك تجديد العقوبات الاقتصادية ضد طهران، وليس شن عمليات عسكرية. كلمة السر عند اوباما التدخل، أي أنه ينوي التحاور مع كل دولة، ومع كل حركة أو تنظيم. من الممكن الافتراض أن «حماس» قد تلتقي مع ممثلين أميركيين علانية إن تصالحت مع «فتح» رغم أنها اليوم على القائمة الإرهابية الأميركية والأوروبية.
كما في الماضي يمكن الافتراض أن رؤساء الوزراء الإسرائيليين سيجدون في عهد اوباما أيضاً سبلاً للوصول إلى البيت الأبيض من خلال اولئك اليهود المقربين من الرئيس الأميركي. تذكروا هذه الاسماء أيها القراء: لستر كراون. جيمي جراون، لروزنبرغ «روزي»، ألان سولو، ودان شابيرو، هؤلاء ثلة من اليهود الذين يسيرون مع اوباما منذ بداية عهده في السياسة. وكذلك رام عمانويل ابن المهاجرين من إسرائيل الذي سيعين على ما سيبدو رئيساً لطاقم موظفي البيت الأبيض. هؤلاء سيكونون هناك في اليوم الذي سيحاول فيه رئيس وزراء إسرائيل اقناع الرئيس بأن سياسته قد تشكل خطراً على أمنها.
شمعون شيفر
«يديعوت احرونوت»
تم الزج بلقاءات مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت، ولقاءً مع وزيرة الخارجية تسيفي ليفني، وجولة في المروحية مع وزير الدفاع ايهود باراك ولقاء مع رئيس المعارضة نتنياهو في القدس، في السبع عشرة ساعة التي خصصها أعوانه لهذه الزيارة. الهدف بالنسبة لاوباما كان إزالة الشكوك لدى أوساط واسعة في الجالية اليهودية في الولايات المتحدة التي تنظر إليه كمناصر للعرب.
الأشخاص الذين قابلوا اوباما يقولون انه كان مصغياً كعادة الضيوف الأميركيين، وتوخى الحذر في عباراته، وبالأساس طرح الأسئلة على من استضافوه. ولكن عند الرجوع عند الأمور القليلة التي قالها في تلك اللقاءات يجدون أنه كرر أمراً واحداً: «لن أفرض عليكم شيئاً، أنتم تعرفون جيداً ما هو الأمر الجيد بالنسبة لكم. قررتم دفع العملية السياسية وأنا كرئيس سأساعدكم في ذلك، وسأسير معكم في هذا المسار.» رغم ذلك لم ينجح اوباما في تبديد الشكوك الإسرائيلية حتى بعد زيارته، لإسرائيل وظل شخصاً غير مفهوم.
تاريخ العلاقات الإسرائيلية مع الرؤساء الأميركيين يشير إلى صعوبة توقع المستقبل بناء على تجربة الماضي. اللقاء الأول بين اسحاق رابين رحمه الله، والمرشح الديموقراطي للرئاسة بيل كلينتون كان كارثة. رابين أيد بصورة شبه علنية المرشح الجمهوري جورج بوش الأب وخرج من اللقاء مع كلينتون وهو يشكك في قدرته على قيادة الولايات المتحدة. ولكن سرعان ما وجد الشخصان لغة مشتركة، وتشابكت أياديهما في السعي نحو دفع العملية السياسية في المنطقة. كلينتون أصبح الشخص المقرب لرابين. كلينتون حاول مساعدة شمعون بيرس في الفوز في انتخابات 1996. بعد هزيمة بيرس استطاع الرئيس الأميركي بناء شراكة وتعاون مع قائد «الليكود»، ولكن لم يكن من الممكن اخفاء التصدعات في العلاقات بين الاثنين حتى بعد أعوام. ينسبون لكلينتون قوله انه عندما جلس قبالة نتنياهو شعر بأنه يجلس أمام قائد الدولة الأعظم في العالم.
نتنياهو اعتقد أنه قادر على استغلال التوتر البنيوي في طريقة الحكم الأميركية والموجود بين البيت الأبيض والكونغرس. في إحدى المناسبات عندما وصل التوتر بينه وبين كلينتون إلى مستوى خطير، قال لي نتنياهو بأنه قادر: «على اشعال واشنطن، وتحريك اصدقاء إسرائيل في الكونغرس ضد الرئيس الأميركي».
إسرائيل تدللت خلال أعوام حكم بوش الثمانية، ولكن هنا أيضاً يمكن القول ان تاريخ العلاقات يمكن أن يكون مضللاً. عندما دخل بوش إلى البيت الابيض بداية العام 2001 قدر صناع القرار أننا أمام أربع سنوات، أو ثمانية، عجاف في العلاقات بين الدولتين. بوش كما توقع المحللون أسير بيد أطراف مرتبطة بالنفط العربي.
عند نهاية الشهر، وقبل أن يعود بوش إلى مزرعته في تكساس سيلتقي مع اولمرت ويلخص معه بصورة مكتوبة كل التفاهمات التي توصلا اليها في الماضي حتى تسلم للادارة القادمة كتعهد رئاسي. المقصود بالأساس التعاون في القضية الإيرانية وبكلمات أخرى: المظلة الجوية التي توفر لإسرائيل- إذا ما كانت هناك - حاجة - غطاءً أميركياً، واستكمال صفقات السلاح مع إسرائيل، والتي تتضمن الطائرات المراوغة، ومنظومات الدفاع الجوية المحكمة، ووعداً بتقديم مساعدة عسكرية بثلاثين مليار دولار للعقد المقبل.
في الوقت الذي حسمت فيه المعركة السياسية في أميركا تخوض إسرائيل حملة انتخابية ما زالت في بدايتها. ستمر أشهر حتى تتشكل الحكومة المقبلة، ولذلك من الصعب توقع طبيعة العلاقة بين الدولتين. من الممكن فقط تقدير مظهر العلاقات بين اوباما وبين المرشحين الاثنين لرئاسة الوزراء أي ليفني ونتنياهو، ذلك لان باراك قد سلم بالافتراض بأن فرصته معدومة في الوصول إلى رئاسة الوزراء.
ليفني تعتقد أن انتخاب اوباما يضعها في مكان جيد من حيث علاقات العمل مع البيت الأبيض. حاشيتها تقول انها مثل اوباما تمثل طرازاً جديداً، وتحمل رياح التغيير معها، ويشيرون أيضاً إلى عمرهما المتشابه: اوباما يبلغ 47 عاماً وليفني 50 عاماً.
ولكن الورقة الأساسية التي يبرزها أتباع وزيرة الخارجية هي المفاوضات التي تجريها مع الفلسطينيين، واستعدادها لدفع ثمن مؤلم في التسوية الشاملة. اسهام ليفني في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية يشير حسب رأي مستشاريها إلى التزامها بالاتفاق مع السوريين. ليفني على قناعة أن مستشاري اوباما سيقولون له عنها انها مرشحة جيدة للشراكة مع الإدارة الأميركية في التسوية في المنطقة.
مرشح «الليكود» بنيامين نتنياهو، سارع بالأمس الأول للترحيب بانتخاب اوباما وتهنئته، وقال في البرقية أنه يرغب في العمل معه من أجل السلام والأمن. انضمام بيني بيغن لعربة «الليكود»، وربما آفي ايتام وموشيه يعلون وعوزي لنداو دفع نتنياهو للادراك بأن عليه أن يعد اوباما بأنه لا ينوي تبني الخط الذي يرفض أي امكانية بالتسوية مع الفلسطينين والسوريين.
نتنياهو يدرك أيضاً أن الإدارة الديموقراطية الجديدة لن تسارع إلى شراء أفكار السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين. اوباما قد تبنى الرؤية المعتادة في السياسة الخارجية الأميركية ومفادها أن حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني سيكون دولتين لشعبين. الرئيس المنتخب يؤيد أيضا استئناف المفاوضات بين إسرائيل وسورية. نتنياهو هو بين البارزين في الجهاز السياسي الإسرائيلي الذين أيدوا اعداد الجيش لتوجيه ضربة وقائية لإيران، مع الاستعداد لتلقي ضربات صاروخية على أرجاء البلاد. هذا كان أحد المواضيع القليلة التي وجد فيها نتنياهو واولمرت لغة مشتركة. يبدو أن رئيس «الليكود» سيجد نفسه في هذه القضية أيضاً على طريق التصادم مع إدارة اوباما.
يبدو أن القضية الاولى التي ستثير الخلاف بين الحكومتين سواء كان نتنياهو رئيساً أم ليفني، ترتبط بـ توجه اوباما نحو العقدة الإيرانية. طوال الحملة الانتخابية لم يتوان اوباما عن القول انه ينوي التفاوض مع طهران وفق مبدأ العصا والجزرة. هو يكرر القول ان كل الخيارات متاحة ولكنه يقصد في ذلك تجديد العقوبات الاقتصادية ضد طهران، وليس شن عمليات عسكرية. كلمة السر عند اوباما التدخل، أي أنه ينوي التحاور مع كل دولة، ومع كل حركة أو تنظيم. من الممكن الافتراض أن «حماس» قد تلتقي مع ممثلين أميركيين علانية إن تصالحت مع «فتح» رغم أنها اليوم على القائمة الإرهابية الأميركية والأوروبية.
كما في الماضي يمكن الافتراض أن رؤساء الوزراء الإسرائيليين سيجدون في عهد اوباما أيضاً سبلاً للوصول إلى البيت الأبيض من خلال اولئك اليهود المقربين من الرئيس الأميركي. تذكروا هذه الاسماء أيها القراء: لستر كراون. جيمي جراون، لروزنبرغ «روزي»، ألان سولو، ودان شابيرو، هؤلاء ثلة من اليهود الذين يسيرون مع اوباما منذ بداية عهده في السياسة. وكذلك رام عمانويل ابن المهاجرين من إسرائيل الذي سيعين على ما سيبدو رئيساً لطاقم موظفي البيت الأبيض. هؤلاء سيكونون هناك في اليوم الذي سيحاول فيه رئيس وزراء إسرائيل اقناع الرئيس بأن سياسته قد تشكل خطراً على أمنها.
شمعون شيفر
«يديعوت احرونوت»