مشهد

سنرجع يوماً إلى حيّنا

No Image
تصغير
تكبير
لا بد للحق من أن يعود لأصحابه طال الزمان أم قصر، ولا بد للنصر أن يكون حليفنا حتى وإن تكالبت علينا أمم الشرق والغرب، ومن المؤكد أن فلسطين ستطرب فرحا بعودة أبنائها، وأن القدس ستعود لأحضاننا آجلا أم عاجلا.

ويقيناً أن المسجد الأقصى سيتحرر من دنس الصهاينة ويعود كما كان مهداً للسلام والأمان،

نعم هذا يقين لا تشوبه شائبة ولا يعتريه شك، ولكنه سيحدث فقط حين يشاء الله بعد أن تستفيق الأمة من نومها الطويل وسباتها العميق وتعيد ترتيب أولوياتها التي ضاعت.

سنرجع يوماً إلى حيّنا ونغرق في دافئات المنى

سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات ما بيننا

هكذا أنشدت فيروز كلمات الشاعر هارون هاشم رشيد ذات يوم، وهكذا نشأ جيل يحمل في طياته آمال وأحلام أكبر من طاقته، إنه ذلك الجيل الذي عاشت قضية فلسطين في وجدانه فقضت مضجعه وأفقدته حلاوة النوم وطعم الراحة... ذهب هذا الجيل ووري تحت الثرى وجاءت أجيال بعده لا تحلم إلا بالثراء والعيش بسلام وطمأنينة فلا حققوا هذا ولا نالوا ذاك.

ناضل الشعب العربي الفلسطيني عقودا من الزمن وما زال، ودعمه شرفاء هذه الأمة وأبناؤها الذين آمنوا بعدالة هذه القضية ومركزيتها، ولكن نكبة الشعب الفلسطيني زادت ألما على ألم بسبب الخذلان والتقاعس اللذين وجدهما من الأخوة والأصدقاء بل وحتى التشفي والشماتة، وقد وصل الأمر إلى التآمر مع العدو الصهيوني من أجل قمع آخر جذوة مشتعلة في كفاح هذا الشعب لاستعادة ما فقدوه.

ولكن هيهات هيهات فوالله ما ضاع حق وراءه مطالب، ولا ماتت قضية أصحابها صابرون صامدون على الأرض مرابطون ولدين الله هم ناصرون، فالنصر آت لا محالة، فدولة الباطل ساعة ودولة الحق ألف ألف ساعة.

القتل والتهجير والاستيطان والسجن والاعتقال والنفي والطرد من البيوت ومصادرة حق الحياة وحق تقرير المصير... كلها وسائل لم تفلح في وقف هذا الطوفان الثوري الفلسطيني في الدفاع عن أرضه ومقدساته رغم الوحدة والعزلة وانكفاء العالم العربي حتى عن التنديد والاستنكار.

للأقصى رب يحميه وشعب يحتضنه ويأويه وكما قال رسول الله: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».

إن الوعد الإلهي بالنصر يقين لا يخامرنا فيه شك، وكلما أشعل بنو صهيون أتون الفتنة ونارها في بلادنا العربية أطفأها الله بقدرته، وإن نظرت إلى خارطة الدول العربية وما يجري فيها من أحداث جسام لأدركت بفطنتك عزيزي القارئ أن الأمر لا يخلو من دسائس بني صهيون وآياديهم الخفية التي تعبث بمقدرات بلادنا وتعيث فيها فسادا من أجل أن تخلو لهم الساحة وتكون لهم السيادة والريادة، فإذا جاء وعد الآخرة سيدخلها المسلمون الموحدون رافعين رايات الحق رايات «الله أكبر» على منابر الأقصى.

لقد جسد المرابطون حول المسجد الأقصى نموذجا يحتذى به من الصمود والمقاومة ضد قوات الاحتلال القمعية التي تسعى جاهدة لتفريغ القدس من سكانها العرب واستحداث واقع جديد على الأرض ولكن «يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».

هذه الجباه الطاهرة التي تسجد لله وتدافع عن الأقصى بأرواحها ستكون هي الدرع الحصين، وهي التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة بعد أن كادت تطويها الآلام والجراح التي تمر بها أمتنا منذ سنوات.

ها هو الأقصى اليوم يمر بمحنة جديدة تحتاج منا وقفة تحميه من رجس الصهاينة فهل هنالك من مجيب «أم على قلوب أقفالها»؟ وأنا هنا أنادي بصوت عالٍ أولئك النفر من شرفاء الأمتين العربية والإسلامية والذين لا تزال قلوبهم طاهرة لم تتلطخ بأكاذيب الإعلام وأباطيل الصحافة الغربية والعربية، والأمر سيان فالله قد وعدنا بالنصر المبين ولا يخلف الله وعده.

إن لسان حال البعض من المتخاذلين يقول «مال هذا الشعب يصر على المقاومة والكفاح فلا يردعه رادع ولا يمنعه جبروت جنود الاحتلال، وي كأن هذا الشعب يصر على تعريتنا وكشفنا أمام شعوبنا العربية، اقتلوهم... اذبحوهم... دمروا بيوتهم... شردوهم... إنهم قوم يتطهرون!»... نعم هذا هو جوهر الموضوع، فكلما ثار الشعب الفلسطيني برزت قباحة صمتهم وأعمالهم التي تصب في مصلحة الأعداء ولذلك يتمنون لهذا البركان الثائر أن ينطفئ وأن يصمت صمت القبور لتخلو لهم الساحة ويعيثوا في الأرض فسادا وضلالا.

لقد نسي أولئك أو تناسوا أن إسرائيل دولة احتلال وأن الشعب الفلسطيني يدافع عن وجوده وكيانه ولذلك فإن كفاحه مشروع وجهاده مقدس ولا تشوبه شائبة ولن يخضع ولغير الله لن يركع.

ومن هنا ومن مشارف مدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين أوجه رسالتي للقائمين على أمتينا العربية والإسلامية وأقول: كيف ستبررون صمتكم المريب أمام شعوبكم، وماذا ستقولون لله سبحانه وتعالى يوم الحساب؟ وتذكروا أن التاريخ لا يخلد إلا الشرفاء أو المتآمرين الجبناء فأي الفريقين ستختارون؟ واعلموا أنه لن ينفعكم الوقوف على الحياد في هذه القضية العادلة الواضحة، فالوقوف موقف المحايد هو إقرار رسمي بأحقية إسرائيل في احتلال أرض الإسراء والمعراج وهذا والله هو عين الخذلان والخيبة والخسران.

خاطرة:

لطفا لن يفيد الاعتذار

عذرا لن يقبل الانتظار

فإما دعمكم لأهلنا في فلسطين

أو فلتبق ألسنتكم وأسلحتكم

يعلوها الصدأ ويغطيها الغبار

وسلامتكم من الشهامة والرجولة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي