8 نوفمبر 2008
12:00 ص
1458
أذكر وانا في السنة الاولى الجامعية محاضرة تدور حول التحديات الخارجية التي تواجه شبابنا وامتنا... العبارة الوحيدة التي تمكنت من فهمها اننا عرضة للنهش خصوصا في الخليج...
الى يومنا لم أعِ طبيعة تلك التحديات التي تواجهني كشابة بالضبط... لان احدا لم يحاول تفسيرها بوضوح... مع كل اختراع تقني جديد تعود الى الواجهة ذكرى مخاطر تواجهنا في كل المجالات الحياتية والروحية، بشرية تتكالب لتجهز على ما تبقى فينا، لاسباب الاسلام والبترول والخوف من قوتنا.
محاصرون نحن وتحيط بنا المخاطر... على الحدود، في ساحات الملاعب، خطر الشيعة، طموح اسرائيل، الوان المنازل، بائعو الزهور الحمراء في الفالنتاين، قصات الشعر، الجينز الضيق، مواقع الانترنت، السياحة في الخارج، دمى الاطفال، الابراج الشاهقة، النساء السافرات...
كل أمر وراءه تحدٍ...
في طليعة الشهر الجاري كنت بين المدعوين لمنتدى الفضائيات الذي انعقد في الدوحة برعاية الشيخة موزة المسند رئيسة المجلس الاعلى للاسرة...
كان عنوانه «منتدى الفضائيات والتحدي القيمي والاخلاقي الذي يواجه الشباب الخليجي»
تحديات من جديد !
اما هدفه الذي شاركت بتحديده بالتأكيد رئيسة المجلس الاعلى فوضع استراتيجية لتوعية الشباب بمخاطر بعض الفضائيات دون المساس بحرية الاعلام ...
رغم ان اعجوبة الفضائيات تقدمة خارجية فليس بالامكان اعتبارها تحديا خارجيا، فمحتوى الفضائيات محلي بحت، وهكذا غالبية ما يحيط بنا ونخشاه هو نتاج البيئة المحلية، مثلما الحاكم العربي هو نتاج بيئتنا وتنشئتنا.
ملاك الفضائية التي توصف بالهابطة الهدامة هم عرب ومعظمهم خليجيون...
مشاهدو ومتابعو تلك القنوات عرب وغالبيتهم خليجيون ...
اصحاب الاعلانات التجارية المهتمون بتلك القنوات عرب ايضاً...
اشد البيئات العربية محافظة اذاً هي التي تنتج وهي التي تمول وهي التي تشاهد...
ان كان هناك خطر فالخطر يحدق بنا من داخلنا... نحن الخطر ذاته.
الجميع يتنافس بنقد الفضائيات بشكل يوحي وكأنها من كوكب آخر، وكأن احدا لا يشاهدها...
في الجلسات العائلية ، في الحلقات التلفزيونية، عبر اثير الراديو وضمن وثيقة وزراء الاعلام... الكل ينتقدها... فمن يشاهدها اذاً؟
تم تحديد الفضائية الهابطة على انها تلك التي تقدم مشاهد العري وحكايات الشعوذة والمجون... ولم يذكر احد الفضائيات الدينية وبرامج الدعوة والصحوة التي تروج للتعصب الديني والمذهبي والارهاب بطريقة مباشرة وغير مباشرة...
لكن هل الشاب بالفعل هو من يتابع ذلك العري ليتركز خوفنا على مجموعات الشباب كما جاء في عنوان المنتدى؟
خريف العمر هو اكثر من يستمتع بتلك المشاهدة... ومن متابعة التحقيقات التي يجريها الصحافيون يتضح ان المتزوجين اكثر من يتعرضون للخلافات بسبب تلك المشاهد واولئك العاريات...
اما السحر والمجون فمعروف ان المغلوبات على امرهن هن المشاهد الاول والرئيسي لتلك القنوات...
لا مخاطر تحيط بالشاب سوى مجتمع مفكك، رجاله منصرفون الى العري ونساؤه بكيفية الحفاظ على اولئك الرجال...
حاورتني صحافية في المنتدى حول رأيي بالفضائيات الهابطة... قلت لها من يستطيع ان يقيم الفضائية ان كانت صالحة ام طالحة... ما اعتاد العرف على تسميته بالهابط لا يبدو هابطا لان ما يعرض على الشاشات العربية من مشاهد امر مقبول مجتمعيا، يرفضه الناشطون والحالمون بمستقبل افضل فقط، لكن يقبله الكثيرون بشكل مفاجئ... تلك المشاهد مستحيل ان تشاهديها في القنوات العالمية خصوصا وقت الذروة وبعضها لا يعرضها في غير وقت الذروة ايضا... وان اردت متابعتها يمكنك عن طريق الاشتراك فقط للتأكد من امكانية تحكم الاهل بما يشاهده الابناء والبنات...
ان تخرج مطربة مشهورة تحبها وتقتدي بها ملايين الفتيات بلقطات تعارفت الانسانية على اباحيتها، وترقص وكأنها في ناد للعري... بتأوهات ونظرات جائعة... ويشاهدها ويفرح بها الجميع يعني اننا نعاني انفصاما واختلافا بين مبادئنا وافعالنا...
جاء في عنوان المنتدى عبارة (التحدي القيمي) والمقصود حماية قيمنا وتقاليدنا التي تحاول الفضائيات تدميرها...
فماذا لو كانت تلك الفضائيات بحد ذاتها هي انعكاس لقيمنا وتقاليدنا العريقة؟
ماذا لو اننا لا نملك الهوية المحافظة؟؟ اننا نحيا خدعة اسمها العفة والحشمة... وماذا لو كانت اخلاقيات المجتمع هي الموجهة للاعلام وليس العكس؟
هل يكون دور الاعلام عكس رغبات المجتمع المتعطش للشهوات والكاره للمعرفة ام ان دوره اصلاح فكر المجتمع وانتشاله من قاع الرذائل؟
وحين تتعارض المصلحة الاصلاحية المجتمعية مع رغبات رأس المال بمكاسب وربحية سريعة، فمن يقرر التوجه الاعلامي وقتها؟ من الحكم؟
املي ان تتمكن الشيخة موزة (القائدة المرأة) من احداث الاصلاح الاعلامي والمجتمعي تباعاً، الامر الذي لا اتصور ان تحققه اقوى الوثائق والاتفاقات العربية العتيدة...
قطر لم توقع على وثيقة وزراء الاعلام العرب، لكنها ارادت ان تثبت من خلال المنتدى الذي عقد ان الشيخة موزة جادة بامر تنظيف الفضاء من تلك المشاهد والشطحات دون الحاجة الى وثائق قد تؤدي لخنق الجدل السياسي الفكري مقابل تحرير لغة المزمار والكرة السحرية...
في الحفل الختامي جاءت الشيخة موزة بطول فارع وجسد ممشوق لم تتمكن العباءة السوداء الطويلة من اخفاء معالم رشاقته، كما لفت شيلتها حول وجهها بمظهر عصري جديد....
ألقت الشيخة كلمتها الموجزة... لخصت بها تطلعات المنتدى واكدت نيتها وجوب التخلص من بعض الفضائيات الهدامة...
هنا تبادر الى ذهني التنسيق الذي يدور بين القائد العربي وزوجته... من يدعم الآخر... ومن تسبب في شهرة الآخر... وكم زوجة قائد عربي يمكن اعتبارها قائدة عربية، تملك الكاريزما والجدية بالتغيير والقوة... وتجمع بين مهام الزوجة ومهام القيادة...
كم زوجة قائد عربي تمكنت من استغلال التغييرات السياسية ودعم الزوج لها... فقدمت خدمات جليلة لوطنها؟
يتبع عن القائدات الجدد...
كاتبة وإعلامية سعودية
Albdairnadine@hotmail.com