معالجة الفجوة في المهارات والتعليم في المغرب

No Image
تصغير
تكبير
يمثل الشباب العربي فرصة كبيرة لتجديد الاقتصادات المتراخية وإعادة تركيزها، ولكن تحديات التعليم والبطالة لا تزال تلوح في الأفق بالنسبة للكثيرين. تتناول أليشيا بولر مبادرة في المغرب تهدف إلى التغلب على تحديات إعطاء شباب المملكة انطلاقة أفضل في الحياة.

تعرضت المملكة المغربية إلى موجة من العواصف الاجتماعية والاقتصادية في العقد الماضي. ففي الآونة الأخيرة، عانت البلاد من الجفاف وواجهت زحف البطالة. ولا تزال عمالة الشباب - لا سيما توظيف الخريجين - من أكثر التحديات إلحاحاً بالنسبة للحكومة المغربية.

لقد ارتفع المعدل الوطني للبطالة إلى 10.7في المئة في الربع الأول من عام 2017، بعد أن كان 10.4% في الفترة نفسها من العام الماضي، مع تباطؤ نمو الوظائف في القطاع العام. ووفقا للأرقام الحكومية، يمثل الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً نحو 30في المئة من السكان المغاربة و44 في المئة من الشريحة السكانية في سن العمل.

وتعتبر ظاهرة البطالة من المشاكل الهيكلية، فالزيادة السريعة في عدد السكان تفوق ببساطة قدرة الاقتصاد على خلق فرص العمل. وفي هذا الصدد، يقول عدنان عديوي، مؤسس المركز المغربي للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية: «لا يوجد ما يكفي من فرص العمل اللائقة في القطاع الخاص. كما أن عدم ملاءمة المهارات الناتجة عن النظام التعليمي تُعد عقبة رئيسية أمام دخول الشباب إلى سوق العمل».

وتدعم الأبحاث المستقلة مخاوف عديوي. فوفقاً لدراسة أجراها استشاريو شركة ماكنزي آند كومباني، يعتقد 20 في المئة فقط من أصحاب العمل المغاربة أن موظفيهم الذين تم تعيينهم أخيراً تم إعدادهم بشكل كافٍ من خلال تعليمهم أو تدريبهم. ونتيجة لذلك، فإن ما يقرب من واحد من بين كل ثلاثة شباب مغاربة لا يمكنه إيجاد عمل في الوقت الراهن.

وحسب ما ذكره عديوي، فإن «60 في المئة من السكان المغاربة أميون ونحو 80 في المئة من الأشخاص الذين ينهون الدراسة الثانوية لا يلتحقون بالجامعة. وترجع معدلات البطالة المرتفعة للغاية إلى وجود عيوب في النظام التعليمي. كما تعاني غالبية الجامعات من نقص التمويل وعدم القدرة على توفير ما يلزم للطلاب».

تتمثل مهمة المركز المغربي للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية في النهوض بريادة الأعمال الاجتماعية في المجتمع المدني، بما في ذلك إصلاح النظام التعليمي وتحسينه وتطويره. وقد أطلقت المؤسسة برنامج «تمكين» في عام 2012، وهو برنامج يهدف إلى غرس ثقافة ريادة الأعمال في المدارس. ويذكر عديوي أن المبادرة تهدف إلى معالجة أوجه القصور في مناهج التعلم القائمة على الحفظ في المغرب. وصرح قائلاً: «التعلم [بالتلقين] قضية ضخمة، فالطلاب لا يفهمون الموضوع رغم أنهم قد تعلموه عن ظهر قلب».

ويضيف رجل الأعمال البالغ من العمر 32 عاماً والذي يعمل في الرباط: «في هذا الجزء من العالم، هناك العديد من الأفكار المتصلبة المحيطة بالتعليم. فالناس لا ينخرطون في تعلم المواد، كما أن المدرسين غير مؤهلين جيداً في الوقت نفسه، ولذلك فمن الصعب جعل التلاميذ يذهبون إلى المدرسة ويحبونها. ويتمثل خط الأساس بالنسبة لنا في (كيف يمكننا أن نمنح الطلاب الفرصة لتطوير أنفسهم؟)».

يرغب عديوي بصورة رئيسية في «محاولة إصلاح النظام المدرسي من داخل المدرسة نفسها». ويقدم برنامج «تمكين» دورات تدريبية لمدة ثلاثة أشهر وفترة «حضانة» للمتابعة لطلاب يتم اختيارهم من أجل التوصل إلى أفكار تحسن دراستهم المدرسية. بعد ذلك، يتم عرض هذه الأفكار في مسابقة عامة. ويتمثل الغرض من ذلك في التركيز على الحلول الإبداعية للمشاكل اليومية ومساعدة الطلاب على تطوير الملكات الحيوية والتفكير الإبداعي. ولقد ضمت المشاريع الطلابية حتى الآن نظام اغتسال مستدام يستخدم المياه المعاد تدويرها وتوربينات تعمل بالطاقة الشمسية ومكتبات مستدامة صديقة للبيئة مصنوعة من حاويات الشحن.

وتتيح الموارد الحالية للمؤسسة تدريب 10 طلاب من كل مدرسة سنوياً على المهارات اللازمة لريادة الأعمال الاجتماعية. وتغطي الدورة عناصر مثل التنمية الشخصية وتأكيد الذات والمشاركة المجتمعية والإدارة المالية وتخطيط الأعمال.

ويتم تنفيذ برنامج «تمكين» حالياً في 60 مدرسة في ثماني مدن في كل أنحاء المغرب، كما يشهد مشاركة ومساعدة 16 منظمة غير حكومية. وقد شارك أكثر من 1000 طالب و60 معلماً في إنشاء أكثر من 50 مشروعاً. وتظهر الدراسة الأولية للآثار الناتجة وجود مستويات رفيعة المستوى من دعم الوالدين وتغير أنماط التفكير.

إن الهدف الأساسي لعديوي ليس المشاريع نفسها، بل خلق تغيير دائم في المدارس. فقد ينتقل الطلاب في مسيرتهم ولكن يبقى المعلمون والإداريون كما هم.

ويقول عديوي: «سيصبح لدى العالم العربي قريباً 100 مليون شاب يبحثون عن وظائف. فإذا تمكنا من تحويل هؤلاء الشباب إلى مستكشفين للحلول وعوامل تمكينية، عندها يمكننا أن نعيش بالتأكيد في عالم أفضل يشهد مشاركة كاملة للجميع. ونحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على توسيع نطاق هذه الأفكار قدر الإمكان، ومن ثم تزويد المجتمعات المحلية بالحلول التي تحتاجها لنفسها».

* متخصصة في مواضيع الأعمال والتكنولوجيا
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي