مرشحو أحزاب أخرى يحاولون فعل شيء أمام «الجمهوري» ماكين و«الديموقراطي» أوباما

«بصمة ثالثة» في الانتخابات الأميركية

تصغير
تكبير
إبراهيم غالي *
على خلاف الانتخابات الرئاسية السابقة التي كان يبرز فيها صوت وتأثير كبيرين لمرشحي الأحزاب الثالثة والمستقلين على مجريات الحملات الانتخابية ونمط القضايا المطروحة، بل ونتائجها أيضاً، فإن انتخابات 2008، ربما تعد الأسوأ بالنسبة إلى فرص تأثير هؤلاء على النتائج الانتخابية. لكن ثمة قضايا اقتصادية ملحة قد لا تجعل الناخبين يصوتون لمرشحي الأحزاب الثالثة من باب الاحتجاج فقط حتى لا تضيع أصواتهم هباءً، وهو ما يجعل الاستقطاب بين ظاهرة المرشح «الجمهوري» جون ماكين وبين المرشح «الديموقراطي» باراك أوباما هو عنوان هذه الانتخابات.
الأحزاب الثالثة
حتى نهاية القرن التاسع عشر، كان يشير مصطلح «الحزب الثالث» إلى أي حزب خارج نظام الحزبين اللذين لهما قاعدة دعم انتخابية مهمة. وفي القرن العشرين أصبح ذلك يعني حزباً لا جمهورياً ولا ديموقراطياً، في ما يشير مصطلح المرشح المستقل إلى من يخوض الانتخابات، الرئاسية أو التشريعية أو في الولايات، على أساس الهوية الشخصية وليس الانتماء إلى أي حزب. والناخب المستقل هو من لا يعلن عندما يذهب إلى تسجيل اسمه في لوائح المقترعين انتسابه إلى «الجمهوريين» أو «الديموقراطيين» أو أي أحزاب أخرى.
ويضم السباق للبيت الأبيض، إلى جانب مرشحي الحزبين الكبيرين، أربعة مرشحين آخرين، ثلاثة منهم من أحزاب ثالثة، والرابع هو المرشح المستقل رالف نادر، الذي حصل في الانتخابات السابقة على نسبة 3 في المئة من الأصوات الشعبية.
ولكثرة الكتابات عن المرشح المستقل رالف نادر وندرة الحديث العربي عن مرشحي الأحزاب الثالثة يشير «تقرير واشنطن» بإيجاز إلى مرشحي الأحزاب الثالثة الثلاثة وأحزابهم.
بار
بوب بار من مواليد 5 من نوفمبر 1948 بولاية كاليفورنيا، حاصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة «جنوب كاليفورنيا» عام 1972، والدكتوراة المعادلة في القانون من «مركز دراسة القانون بجامعة جورج تاون» عام 1977. وقبل شغل عضوية مجلس النواب الأميركي عن الولاية (1995 - 2003)، إذ كان عضواً باللجنة القضائية للمجلس، ونائباً لرئيس لجنة الإصلاح الحكومي، وعضواً في لجنة خدمات التمويل بالكونغرس. خدم بار محللاً في شؤون أميركا اللاتينية في وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية (1971 - 1978). وعيَّنه الرئيس رونالد ريغان مدعياً عاماً في المنطقة الشمالية بالولاية (1986 - 1990). وبعدما ترك مجلس النواب اشتغل بالمحاماة، وأصبح ناشطاً في العديدٍ من التنظيمات والمشروعات المدنية.
انضم بار إلى «حزب الأحرار» في فبراير 2006، وهو المسؤول عن المناطق الجنوبية داخل الحزب، وقد رشحه الحزب للرئاسة في هذه الانتخابات. ويقول موقعه على الإنترنت: «إن حملته تهدف لتقليل الإنفاق الحكومي والسماح للمواطنين بالحصول على مزايا أكثر، خصوصاً في ما يتعلق بالحريات والرعاية الصحية».
ويعد «حزب الأحرار» من أكبر الأحزاب الثالثة في الولايات المتحدة. وقد تأسس الحزب في عام 1971 من مجموعة من النشطاء في ولاية كلورادو، ليكون بديلاً للحزبين «الجمهوري» و«الديموقراطي». ويشير الحزب في موقعه على شبكة الإنترنت إلى أن رؤيته «تقوم على أن الأفراد كلهم لابد وأن يكونوا أحراراً في ممارساتهم كحق طبيعي»، رافعاً شعار «حكومة أصغر، وضرائب أقل، وحرية أكثر».
بالدوين
تشاك بالدوين من مواليد 3 مايو 1952. تلقى تعليماً دينياً محافظاً، فحصل على دبلوم «الكتاب المقدس» من معهد «توماس رود للكتاب المقدس»، ثم حصل على بكالوريوس وماجستير في دراسة اللاهوت من كلية «الكتاب المسيحي المقدس» في كاليفورنيا، وعلى درجة الدكتوراة في علم اللاهوت من الجامعة ذاتها، ثم على درجة مماثلة من كلية «المعمدانية البروتسانتية» في ولاية فلوريدا.
ولبالدوين نشاط ديني كبير، فهو عضو في عدد من المؤسسات ذات الاهتمام الديني، وأستاذ في جامعات دراسة اللاهوت. وله مؤلفان هما: «موضوعات ندر الكلام عنها» و«هذه هي الحياة»، ويسهم بعدد كبير من اللقاءات في محطات الراديو والتلفزيون الأميركية المختلفة، وهو أيضاً كاتب في بعض الصحف والمجلات بشكل منتظم.
وقد تأسس «الحزب الدستوري» عام 1992 من عدد من المستقلين داخل بعض الولايات الأميركية، واعترفت به اللجنة الانتخابية الفيديرالية ليكون الحزب الخامس من الأحزاب الثالثة. وقد نشأ تحت اسم حزب «دافعو الضرائب الأميركيون»، ويتمثل هدفه في الحد من التدخل الحكومي الفيديرالي وحفظ حق الولايات في إدارة شؤونها الضريبية.
ويختصر الحزب أهدافه في «تجاه الحياة - تجاه حمل السلاح - تجاه سيادة أميركا». كما أنه الحزب الأميركي الوحيد الذي يرفع شعارات مثل: «ضد العولمة - ضد التجارة الحرة - ضد ثورة صناعية جديدة - ضد هجرة لأميركا غير مفيدة وغيرها».
ماكييني
سينيتيا ماكييني من مواليد 17 مارس 1955 بولاية جورجيا. حصلت على بكالوريوس العلاقات الدولية من جامعة «جنوب كاليفورنيا»، ثم الماجستير في الدبلوماسية والقانون من «معهد فليتشر للديبلوماسية والقانون».
بدأ نشاطها السياسي في عام 1986، حينما رشحها والدها، آن ماكييني، وهو نائب في مجلس النواب عن ولاية جورجيا لمجلس نواب الولاية، فحصلت على 40 في المئة من أصوات الناخبين. وأصبحت ماكييني أول نائبة من أصول أفريقية من ولاية جورجيا تشغل عضوية مجلس النواب الأميركي عن «الحزب الديموقراطي» من العام 1993 وحتى العام 2003، ثم من العام 2005 وحتى العام 2007.
عُرفت ماكييني بمعارضتها الشديدة لحرب الخليج الثانية عام 1991، ونقدها اللاذع لإدارة بوش الابن. فبعد أن تركت الكونغرس في انتخابات العام 2002 خاضت صراعاً ضد الإدارة من أجل كشف حقائق أحداث 11 سبتمبر والتحقق من الرواية الحكومية، وكانت عضواً بـ«اللجنة الوطنية لاعتداءات سبتمبر»، والتي تهدف إلى توضيح حقائق ما جرى في ذلك اليوم.
وبعد عودتها لمجلس النواب في انتخابات عام 2004، أيدت مقترحات قوانين ضد خوض أميركا حروباً خارجية، وكتبت العديد من المقالات تطالب فيها بتوقيع العقاب على بوش ونائبه ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس.
وقد حاول «حزب الخضر» إقناع ماكييني أن تخوض باسمه انتخابات 2000 وانتخابات 2004 دون جدوى، إلا أنها أعلنت في 11 ديسمبر 2007 أنها مرشحة عن «حزب الخضر» في انتخابات 2008.
ويعود تاريخ تأسيس «حزب الخضر الأميركي» إلى عام 1984، ثم تشكل اتحاد أحزاب الخضر في الولايات الأميركية (1996 - 2001)، مقتبساً تجارب أحزاب الخضر الأوروبية في خوض السياسة، خصوصاً «حزب الخضر» في ألمانيا. وفي العام 2001 اعترفت اللجنة الانتخابية الفيديرالية بـ«حزب الخضر» كحزب قومي أميركي ورشح الحزب ديفيد كوب في انتخابات 2004.
وينادي «حزب الخضر» وبرنامج مرشحته ماكييني بحماية البيئة، ونبذ العنف والحروب، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتجديد الديموقراطية الأميركية، والاهتمام بالرعاية الصحية عالميّاً ومحليّاً، ووضع برامج للطاقة البديلة، وحظر التنقيب عن النفط الأميركي، وإصلاح النظام الانتخابي، وتحسين أحوال العمال وتعديل الأجور.
* عن «تقرير واشنطن»

أشهر الأحزاب الثالثة الأميركية

لم يفز أي مرشح من حزب ثالث في أي انتخابات رئاسية، إذ سرعان ما كان يظهر الحزب في انتخابات واحدة ثم يخبو أو يختفي بعد ذلك أو يدخل ضمن أحد الأحزاب الرئيسة.
ومن أشهر الأحزاب الثالثة في التاريخ الأميركي، «الحزب المناهض للماسونية»، الذي دخل انتخابات 1832 وحصل على 7.8 في المئة من الأصوات الشعبية وسبعة من أصوات المجمع الانتخابي. و«حزب الأرض الحرة»، الذي دخل انتخابات 1848، وحصل على 10.1 في المئة من أصوات الناخبين من دون الحصول على أي صوت بالمجمع الانتخابي. و«حزب أنصار أميركا» وحصل على 21.5 في المئة من الأصوات الشعبية وثمانية أصوات المجمع الانتخابي في انتخابات 1856. و«الحزب الديموقراطي الجنوبي» وحصل في انتخابات 1860 على 18.1 في المئة من الأصوات الشعبية و72 صوتاً انتخابياً.
وكان «الحزب التقدمي» أحد أشهر الأحزاب الثالثة، إذ انشق عن «الحزب الجمهوري» وأدى إلى تفتيت أصواته في انتخابات 1912، وحصل على 27.5 في المئة من الأصوات الشعبية و88 صوتاً انتخابياً، كما خاض انتخابات 1924 وحصل على 16.6 في المئة من الأصوات الشعبية و13 صوتاً انتخابياً ثم عاد إلى «الحزب الجمهوري»، لكنه عاد ودخل انتخابات 1948 ثم اختفى من الحياة السياسية. وهناك «حزب حقوق الولايات» الذي حصل في انتخابات 1948على 2.4 في المئة من الأصوات الشعبية و39 صوتاً انتخابياً.
ورغم هذا الظهور ثم الاختفاء، بقي دائماً دور للأحزاب الثالثة وللمستقلين تأثير على نتائج الانتخابات. وعلى سبيل المثال، فإن ترشيح تيودور روزفلت من ق.بل حزب ثالث هو «الحزب الاشتراكي» في عام 1912 قسم أصوات الناخبين الذين يصوتون عادة لـ«الجمهوريين»، ما أدى إلى فوز الديموقراطي وودور ويلسون في الانتخابات بأقل من أكثرية الأصوات الشعبية.
وفي عام 1992، اجتذب ترشيح المليادرير روس بيرو ناخبين كانوا يصوتون غالباً لـ«الجمهوريين» في انتخابات الثمانينيات من القرن الماضي، وبذلك أسهم في هزيمة الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب ووصول بيل كلينتون للبيت الأبيض.
ولا ينسى الجميع تلك المعركة الضارية بين «الديموقراطيين» و«الجمهوريين» في ولاية فلوريدا في انتخابات عام 2000، إذ حصل رالف نادر الذي كان مرشح «حزب الخضر» وقتها على 97 ألف صوت بالولاية، وأسهم في خسارة «الديموقراطيين» وآل غور للانتخابات وفوز جورج بوش الابن بفارق 537 فقط في هذه الولاية، ما جعله يفوز بأصوات الهيئة الانتخابية حينذاك.


الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي