قصة قصيرة / الأيدي

تصغير
تكبير
| نورة العنزي |

- عجائزنا من حزن لحزن... وهؤلاء النسوة من مقهى لآخر... ربما لم تطرق الأحزان أبوابهن...! هيئتهن أثارته من لحظة جلوسهن.

عمله كجرسون... بدل أحواله... أصبحت تساؤلاته كثيرة... مشاعره متباينة....

- قلوب خضراء ووجوه كالحذاء ليس بها حياء قول مأثور لجدتي عند رؤية الكبار بالسن وهم يجاهدون لإخفاء الحقائق الزمنية وعندما نسألها. لماذا هو بالذات؟ ترد بعصبية لأنه يتحمل...!، يحدث نفسه... يشيح نظره بعيدا بعيدا.

أومأت إحداهن، تقدم بخفة... تمعن جيدا بالتجاعيد المشوهة بالأصباغ.

قهوة... الصوت مبحوح... نظرت، سادة... أكملت... ستقومين بقراءة الفناجين وهي تؤشر على إحداهن... التي كانت تتحدث بصوت خافت تهز رأسها، مع تحريك اليد والغمز بها لجليستها دون الأخريات.

- لهن رائحة العجائز... اعرفها... لا تخفى بالعطور الغالية.

وقف غير بعيد يسترق السمع... في الصباح المقهى غير مزدحم وقت لا بأس به لسماع الكثير من الأخبار... المواعيد الغرامية.

- جرسون ... أومأ رجل على أعتاب السبعين اكسبه الثراء هيبة... مشدود الوجه لايتناسب مع اليد الجافة ذات العروق الزرقاء النافرة تقدم إليه برشاقة... اخرج النوتة والقلم والعجوز مازال يتصفح بالقائمة بإمعان كأنه ينتظر قدوم شخص.

- يقومون بعمليات الشد والنفخ!... يحدث نفسه وهو ينظر للمعة خدود العجوز.

- سبقها العطر النفاذ الذي جعل العجوز في حالة... استنفار... ترحيب وابتسامة عميقة كشفت عن جودة طقم الأسنان.

-جعلتك تنتظر يا حبيبي قالتها بدلع فهمس لها بأمر... أطلقت ضحكات فتحركت المفاتن المكشوفة من صدرها... أمسكت يده الطائشة... قبلتها نبهته لوجود عيون ترقبهم.

- مد الفاتورة... دفع العجوز مبلغا أكثر من قيمة الطلب... انصرف متأبط ذراع الفتاة بكل زهو وفخر. انتابته حيرة مغلفة باشمئزاز لاجتماع الماضي والمستقبل في ملعب النفاق.

- العطلة الصيفية تبعث على الملل ما رأيك بالعمل؟ سنتعرف على الكثير. يتكلم بثقة وحماسة غير عادية.

- نحتاج للراحة بعد سنة دراسية مرهقة... يداري الخوف من الإخفاق

أقنعه صديقه بفكرة مشروع... مقهى.. يخدم فئة الشباب متميزا... في خدماته.

المساء يبعث على النشاط... الوقت يمر بسرعة... النسمات تحل ناعمة على قلوب الجميع رائحة القهوة... الحلويات... تغري بالمكوث... والاستسلام للسكون.

- هل تعرف كم أنت وسيم ؟... أعجبتني... قالتها بوقاحة عند انصرافها. خبأ الورقة لم يتوقع تصرفها بدت له أكثر حشمة... تفرض الاحترام على من يراها... تبادلا النظرات... خرجت بتمهل.

...جرسون

...وقف أمامهم يرقبهم... يتابعون على شاشة الكمبيوتر المحمول أمرا يبدو غاية في الإثارة فأمسك بيد احدهم ووجه له لكمات قوية.

- خنيث... جعلت الجالسين يخمنون ما يحدث دون حاجة للتحرك من أماكنهم.

-الكاميرا الموجودة سجلت ما حصل... مدير المقهى يعطي المحقق شريطا.

مزق الورقة قطعا صغيرة... عدل قميصه الممزق... اخذ نفسا عميقا… اتجه للسيارة ببطء... نظراته هائمة... جاءه صوت والده محملا بالأمان... يده أكثر دفئا.

-الطريق طويل... رؤى الأشياء ستتضح كلما أوغلت بالمسير.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي