سدانيات

بين الأمة وضميرها...!

تصغير
تكبير
تزامناً مع خروج الناشط السياسي والنائب السابق مسلم البراك، انقسم الشارع السياسي بين مؤيد ومعارض للقب «ضمير الأمة». وليس هذا الانقسام المفترض أن يكون بعد خروج شخص يُتوقع أن يعود معه الحراك السياسي الذي انتهى بذكاء كبير من الطرف الآخر.

ولكنَّنا ونحن نشهد مرحلة جديدة من الحراك السياسي، نجد أنَّ حالة الترقب تتعلق بشخصية واحدة، فكأنَّ الحراك السياسي والإصلاح والتطور متعلق بيد شخص دون سواه، وأنَّ التغيير المنشود في تعاطي السلطة لن يكون إلا من خلال طرف واحد وهو مسلم البراك!، وهذا أعتقد بوجهة نظري المتواضعة ما هو إلا ضعف في ما يقدمه أعضاء المعارضة أو الحراك السابق، فلا فكرة في التحرك ولكنَّ المحرك هو شخص واحد، ينعش الحراك به ويخفت به، لذلك كان القضاء على المعارضة أسهل بكثير مما كنَّا نتوقع في سابق الأيام، التي كانت ترتفع راياتهم البرتقالية في كل مكان، وتغلق الشوارع والميادين بمؤيديهم.


وبعد الانتظار الطويل للخطاب السياسي الذي كنَّا نتوقع أن يكون حادا مؤلما يحمل الكثير من معاني الانتقام، جاء خطاب مسلم البراك متزنا مخيبا لآمال المتصيدين، الذين يريدون قتل آخر أمل في الصوت المعارض للحكومة، ولكنَّ العودة في مطالبات الحكومة الشعبية في هذا الوقت أعتقد أنها استعراض للعضلات ليس إلا، فهذا المطلب لا يأتي من ضعيف، وإنما يأتي من قوي قادر على فرض شروطه على طاولة التفاوض، إذا كانت هناك أصلا طاولة للتفاوض!

إنَّ غياب الوعي السياسي لدى السياسيين أنفسهم، مشكلة أكبر من مشكلة الحكومة وتخبطاتها، فلا يمكن أن يكون الإصلاح مرهونا بأشخاص يبنون تحركاتهم السياسية تبعا لانفعالهم العاطفي مع قضايا وقتية، وهذا ما جعل الحكومة تُكثر من القضايا الوقتية لكي يتعامل معها النشطاء السياسيون أو «المنفعلون سياسيا»، وهذا ما رأيناه في الكثير من مراحل الصدام السياسي، فبعد المطالبات برئيس حكومة شعبي وجدنا أنفسنا نطالب بتقليل أسعار الأعلاف، وإصلاح الأضواء التالفة في شوارع الكويت.

قبل أن نطالب بترتيب نظام الإدارة، لا بُدَّ علينا وأنْ نطالب بترتيب صفوف المطالبين، وأن نؤمن بأن الفكرة هي المحرك الأول والأخير فالفكرة تحيا والأشخاص يموتون، والتاريخ خير شاهد على أنَّ الأفكار التي حملها أصحابها تمتد وتستمر بقوة محتواها لا قوة حاملها. فلنعمل على إصلاح أنفسنا قبل المطالبة بإصلاح ذاتنا، ولنقضِ على فسادنا قبل أن نطالب الأخر بالكف عن فساده، فالشعوب الواعية هي من تفرض سلوكها على حكوماتها، بالعمل والاجتهاد والتضحية وحب الوطن، والابتعاد عن التخوين واقصاء الآخر، والإيمان بأنَّنا نعيش في دولة دائمة وإن اعتقد البعض غير ذلك.

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي