أساءني جداً ما تم في جلسة رفع حصانة، من محاولة التستر والتدسر خلف الحصانة البرلمانية في غير موضعه الدستوري واللائحي. وأساءني جداً أن تكون ثمة مواقف تتخذ في البرلمان غير مجردة، وإنما تفصل لمصلحة أشخاص دون آخرين.
يقول الدكتور جمعان الحربش في مؤتمره الصحافي أمام إدارة الانتخابات في اكتوبر 2016 في معرض تبريره للمشاركة: «خشينا ان تأتي اربع سنين اخرى في ظل مقاطعة، والكويت تدخل في ثقب اسود لا نستطيع ان نتدارك شيئا فيها. في المقاطعة اردنا مصلحة الكويت، وفي المشاركة نريد أيضا مصلحة الكويت».
ويقول النائب نايف المرداس أيضاً، أن ترشحه «كان على أساس درء المفسدة مقدما على جلب المصلحة».
يا سادة، ان المادة 22 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة تنص على أن «لا تنظر اللجنة أو المجلس في توافر الأدلة أو عدم توافرها من الوجهة القضائية وإنما يقتصر البحث فيما إذا كانت الدعوى كيدية يقصد بها منع العضو من أداء واجبه بالمجلس، ويأذن المجلس باتخاذ الإجراءات الجزائية متى تبين له أنها ليست كذلك».
لذلك فالمادة 22 واضحة وضوح الشمس... أن رفض الحصانة يقتصر في حالة ما إذا كانت الدعوى كيدية ويقصد بها منع العضو من أداء واجبه، ومن ثم لا يجوز القياس على هذه المادة لرفض رفع الحصانة لموجبات أخرى. إذ نود التذكير بأن الشكوى الجزائية المراد فيها رفع الحصانة، سجلت بعد إعلان النائبين الفاضلين مقاطعتهما لمجلس الامة ترشحاً وانتخاباً، لذلك تنتفي العلة من رفض رفع الحصانة، بل ان الشكوى الجزائية وصلت إلى مراحل متقدمة في المحكمة، ومن ثم تنتفي تلك الكيدية التي يشار إليها لدى مبرري رفض رفع الحصانة. بل أكثر من ذلك، فتلك الشكوى لم تقتصر على نواب لمنعهم من العمل البرلماني بل استطالت إلى أفراد ليسوا نوابا ولا مرشحين، أخذهم اجتهادهم وقرارهم إلى ارتكاب هذا الفعل ومثلوا أمام القضاء.
الخطورة، أن تبنى المواقف البرلمانية على صفقات سياسية سنعرف عقباها بعد حين، فمن كان محلاً للنقد أصبح محلاً للمدح، وسمو الرئيس تم تحصينه من المساءلة السياسية، في سابقة يبدو أنها ستجعل من مجلس 2016 مجلسا أيضا للسنن الحميدة، سواء من تحصين سمو الرئيس أم من الترتيبات السياسية التي شاهدناها في جلسة رفع الحصانة.
نتفق أو نختلف معهم في أرائهم، لكن أصحاب المواقف لا يتغيرون، ولا يبحثون عن مهرب سياسي. فهذا هو النائب السابق صالح الملا لم يقم بترشيح نفسه حتى يتستر خلف الحصانة البرلمانية، واستمر بالتقاضي ليؤكد براءته بدرجات التقاضي الثلاث في قضية الإساءة للذات الأميرية. وهذا هو النائب السابق مسلم البراك فعل ما أراده وتحمل وزر ما فعل ولم يتستر خلف الحصانة البرلمانية. لكن مشكلتنا تكمن في من قال، وسعوا سجونكم لتمتلىء بأبناء الكويت، ثم تستر خلف الحصانة البرلمانية ليترك شباب الكويت يواجهون مصيرهم لوحدهم.
ختاماً... سقطت الأقنعة.
[email protected]