إن الله - سبحانه وتعالى - بعلمه وحكمته البالغة بث في هذا الكون الكثير من التوازنات على مستوى الإنسان والطبيعة والأشياء. وبما أن كل شيء تقريباً هو جزء من منظومة من المنظومات، فإن المبالغة في أي شيء تُدخل نوعاً من المزاحمة على بعض أجزاء المنظومة، أي إنها تضغط عليه، وتلحق الضرر به وبغيره، وهذا يجعل المبالغة في العموم شيئاً مؤذياً. مثل الذي يسرف في اللهو أو التدخين، فإنه يلحق الضرر بصحته التي يجب أن يحافظ عليها، ويُلحق الضرر بأفراد عائلته وكل المحيطين به، وقد يتمادى إلى أن يلحق الضرر بواجباته الاجتماعية والأسرية بسبب الإفراط والمبالغة باللهو والتدخين.
المبالغة في التدخين بجامعة الكويت من معظم الطلاب، جعلتنا نظن بأن أحد شروط القبول الجامعي أن يكون الطالب مدخنا! وجعلتهم يفقدون السيطرة على ضبط سلوكهم، منهم من يدخن في الممرات وينفخ بوجه المارة بكل جرأة، من دون أن يحترم المار إن كان أستاذا جامعيا أو طالبة تختنق من رائحة الدخان أو أخرى تكون حاملا أو ثالثة تعاني من مرض معين. ومنهم من يرمي السيجارة على الأرض ويطفئها بحذائه. ومنهم من تمادى ويقف في المواقف الخاصة بالمركبات وينظف مطفأة مركبته برمي مخلفات التدخين على الأرض.
هذه الممارسات عندما تصدر من طالب جامعي، فلا نلومن من لديه تعليم متوسط أو أميّ لا يقرأ ولا يكتب. لو كان هذا الشاب تربى داخل الأسرة على فضيلة الاعتدال والتوسط في الشأن الشخصي، لعرف فضيلة احترام الآخرين وعدم التعدي عليهم، لاحترم القرار الإداري الصادر من إدارة الجامعة بمنع التدخين داخل الحرم الجامعي. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل وينم عن جهل الطالب في مقدرته العقلية وطاقته الروحية، وهذا الجهل يؤدي إلى اتخاذ القرارات الخاطئة، مثل تدخينه في أماكن غير مخصصة للتدخين بل وممنوع أن يدخن فيها. كما أنه لا يعرف الموقف المناسب، ولا التصرف المطلوب تجاه الكثير من الأحداث. جُلّ ما يعرفه أن يكيف رأسه بتدخين سيجارة تضر الآخرين قبل أن تضره.
في الحقيقة معظم عقول الطلبة مملوءة بالتصورات المنحرفة والمعلومات والقواعد غير المدقّقة ولا المختَبرة، وهذا ما يجعلهم يفرطون ويبالغون في التدخين في حرم جامعي له حرمة وقواعد وقوانين. أكبر همهم إشباع رغبة داخلية لديهم من دون مراعاة الآخرين. كثير من الطالبات والطلبة غير المدخنين حرموا وامتنعوا من الجلوس على كراسي الاستراحة في الممرات بسبب التدخين المفرط والمبالغ به من معظم الطلبة.
من هنا يأتي دور الكتّاب والعلماء والمفكرين والمعلمين وكل المهتمين بهذا الشأن، بتوعية الطلبة وإزالة الجهل عن عقولهم، لطالما عجزت الإدارة الجامعية عن تفعيل قرار منع التدخين في الجامعة ومعاقبة كل من يخالف ويتجاوز هذا القرار، ولا بد أن تكون التوعية بمنابع الجهل الذي يعيشه الطلبة ومساراته وكيفية التعامل معه، إلى أن يتخلصوا منه. كلنا يعلم أن الشيء المبالغ فيه كثيراً ما ينتهي، لأن وجوده في حياة الإنسان مكلف للغاية.
دعونا نتكاتف بالجهود إلى أن نطبق الشعار المرفوع في بعض ممرات جامعة الكويت... «جامعة بلا تدخين» ننزل الشعار على أرض الواقع ونطبقه قولاً وفعلاً.
[email protected]mona_alwohaib@