نافذة... الأمل / لأدب الطفل عيدٌ...



كتب الأطفال من يحتفل بها؟!
الثاني من أبريل من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لكتب الأطفال، يرعى هذا الحدث المهم المجلس العالمي لكتب الأطفال والشباب «إيبي-IBBY»، وقد انطلق هذا العرس منذ عام 1967، وهو يشمل جميع انحاء العالم مع العديد من الأنشطة، ومنها مسابقات تأليف وإعلان عن جوائز متعلقة بأدب الطفل. كأنه يوم لتتويج كل من أعطى بإخلاص وتميّز في هذا الفن الأدبي، والاحتفاء بهذا الأدب الذي يجب أن يكون رفيعاً.
ومعروف أن هذا التاريخ مرتبط بميلاد الأديب الدانماركي هانس اندرسن، الذي يعد واحداً من الكتاب البارزين في مجال كتابة الحكاية الخرافية، وقد ترجمت أعماله إلى أكثر من 150 لغة، وطبعت بملايين النسخ التي تزخر بها غالبية المكتبات في العالم، فقد أمتع الأطفال بالعديد من القصص ذات المغزى والقيمة مثل:»فرخ البط القبيح»، «ملكة الثلج»، و»بائعة الكبريت» وغيرهم الكثير من تحفه الإبداعية.
إذا كان «اندرسن» ترك بصمة في ذاكرة البشرية بحكايته الخرافية، فهناك العديد أيضا من الرواد الذين آمنو بأهمية هذا الأدب، ونقشوا على جدار تاريخه الكثير من الإبداعات التي صارت من كلاسيكيات أدب الطفل، وكانت الريادة في هذا الفن لفرنسا وانجلترا وألمانيا، فبرز الفرنسي «شارل بيرو»، صاحب رائعة «سندريلا» و»الجميلة النائمة»، والبريطاني «لويس كارول» في مغامرته مع «أليس في بلاد العجائب»، والإخوان جريم الألمانيان ومن أشهر حكاياتهما «عقلة الأصبع»، وغيرهم الكثيرون، منذ أن تفتحت زهور هذا الأدب في القرن السابع عشر، حتى وصوله إلى وطننا العربي في مطلع القرن التاسع عشر.
كان أول من حمل رايته عند العرب، ودعا إلى قيام هذا الأدب عندنا أمير الشعراء أحمد شوقي في ديوانه «الشوقيات» عام 1898، وكتب العديد من النصوص الشعرية التي تغرد فيها روح الطفولة والبراءة، متأثراً بحكايات الشاعر الفرنسي لافونتين، ففي قصيدة «لي جدة ترأف بي» عبر على لسان طفل عن حبه لجدته، فقال: «لي جدة ترأف بي/ أحن علي من أبي/ وكل شيء سرني/ تذهب فيه مذهبي».
أما من جعل أدب الطفل جزءاً لا يتجزأ من أبواب المعرفة والجمال، فهو رفاعة الطهطاوي، من قادة النهضة العلمية، وهو أول من ادخل فترة المكتبة في اليوم المدرسي، وترجم العديد من القصص إلى العربية، لتستقي عقول الأطفال بنور سحر هذا الأدب الذي يداعب الخيال ويحركه، وحرص على تقديم أدب تربوي للطفل، في كتابه «المرشد الأمين في تربية البنات والبنين».
لكن لم يسطع بريق أدب الطفل، ويأخذ سمته الحقيقية في وطننا العربي إلا على يد محمد الهراوي وكامل الكيلاني، والعديد من الكتاب الذين التحقوا بقطار العطاء، مبدعين آمنوا بأهميته وبذلوا جهوداً كبيرة من أجله.
كثيرون أبحروا في رحلة أدب الأطفال، وتفانوا في إعلاء شأن هذا الأدب ونثر نوره وفنه في نفوس الأطفال وعقولهم ليرتقوا بذوقهم، ويجعلوهم يتذوقوا فنون الأدب من شعر وقصص ومسرح.
فلا نستطيع أن نتحدث عن هذا الاحتفال، من دون أن نتذكر رائدة مسرح الطفل في الكويت السيدة «عواطف البدر» التي كونت أول فرقة مسرحية متخصصة تقدم مسرحيات للأطفال في الكويت والمنطقة، بدءاً من عام 1972، وأسست مؤسسة البدر للإنتاج والتوزيع الفني، وأنتجت وكتبت العديد من النصوص المسرحية مثل «روزو الأراجوز»، «الدانة»، «قانون الأرض» وغيرها الكثير. إن الاحتفال بعرس الطفولة من الأمور المهمة التي يجب على كل الدول الحرص على أن تشارك فيها، وبشكل فعال وإيجابي أكثر، في سبيل توعية المجتمع بمن فيه من افراد وهيئات ومؤسسات حول أهمية كتاب الطفل. وعلينا أن نقدم نموذجاً متميزاً لأسلوب الاحتفال، بل مهرجانا يجمع كل فنون أدب الطفل، ويكون للطفل دور فعال سواء بسرد القصص وتمثيلها، أو تأليفها، وأيضا رسمها. كما أن اللقاءات مع كتّاب هذا الأدب من الأمور الهامة، لكي يحتذي بهم الأطفال، ويستقوا منهم فنونهم، فتكون أجواء احتفالية تفاعلية ايجابية لخلق جيل قارئ يقدر الكتب والمعرفة، ويعتاد أن يكون الكتاب جزءاً من حياته، فالأطفال هم ثروتنا الحقيقة، التي نصنع بها الغد الأجمل، فتحية إلى كل قلم نقش حرفاً أضاء فضاءات في نفوس الأطفال.
* كاتبة كويتية
[email protected]
الثاني من أبريل من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لكتب الأطفال، يرعى هذا الحدث المهم المجلس العالمي لكتب الأطفال والشباب «إيبي-IBBY»، وقد انطلق هذا العرس منذ عام 1967، وهو يشمل جميع انحاء العالم مع العديد من الأنشطة، ومنها مسابقات تأليف وإعلان عن جوائز متعلقة بأدب الطفل. كأنه يوم لتتويج كل من أعطى بإخلاص وتميّز في هذا الفن الأدبي، والاحتفاء بهذا الأدب الذي يجب أن يكون رفيعاً.
ومعروف أن هذا التاريخ مرتبط بميلاد الأديب الدانماركي هانس اندرسن، الذي يعد واحداً من الكتاب البارزين في مجال كتابة الحكاية الخرافية، وقد ترجمت أعماله إلى أكثر من 150 لغة، وطبعت بملايين النسخ التي تزخر بها غالبية المكتبات في العالم، فقد أمتع الأطفال بالعديد من القصص ذات المغزى والقيمة مثل:»فرخ البط القبيح»، «ملكة الثلج»، و»بائعة الكبريت» وغيرهم الكثير من تحفه الإبداعية.
إذا كان «اندرسن» ترك بصمة في ذاكرة البشرية بحكايته الخرافية، فهناك العديد أيضا من الرواد الذين آمنو بأهمية هذا الأدب، ونقشوا على جدار تاريخه الكثير من الإبداعات التي صارت من كلاسيكيات أدب الطفل، وكانت الريادة في هذا الفن لفرنسا وانجلترا وألمانيا، فبرز الفرنسي «شارل بيرو»، صاحب رائعة «سندريلا» و»الجميلة النائمة»، والبريطاني «لويس كارول» في مغامرته مع «أليس في بلاد العجائب»، والإخوان جريم الألمانيان ومن أشهر حكاياتهما «عقلة الأصبع»، وغيرهم الكثيرون، منذ أن تفتحت زهور هذا الأدب في القرن السابع عشر، حتى وصوله إلى وطننا العربي في مطلع القرن التاسع عشر.
كان أول من حمل رايته عند العرب، ودعا إلى قيام هذا الأدب عندنا أمير الشعراء أحمد شوقي في ديوانه «الشوقيات» عام 1898، وكتب العديد من النصوص الشعرية التي تغرد فيها روح الطفولة والبراءة، متأثراً بحكايات الشاعر الفرنسي لافونتين، ففي قصيدة «لي جدة ترأف بي» عبر على لسان طفل عن حبه لجدته، فقال: «لي جدة ترأف بي/ أحن علي من أبي/ وكل شيء سرني/ تذهب فيه مذهبي».
أما من جعل أدب الطفل جزءاً لا يتجزأ من أبواب المعرفة والجمال، فهو رفاعة الطهطاوي، من قادة النهضة العلمية، وهو أول من ادخل فترة المكتبة في اليوم المدرسي، وترجم العديد من القصص إلى العربية، لتستقي عقول الأطفال بنور سحر هذا الأدب الذي يداعب الخيال ويحركه، وحرص على تقديم أدب تربوي للطفل، في كتابه «المرشد الأمين في تربية البنات والبنين».
لكن لم يسطع بريق أدب الطفل، ويأخذ سمته الحقيقية في وطننا العربي إلا على يد محمد الهراوي وكامل الكيلاني، والعديد من الكتاب الذين التحقوا بقطار العطاء، مبدعين آمنوا بأهميته وبذلوا جهوداً كبيرة من أجله.
كثيرون أبحروا في رحلة أدب الأطفال، وتفانوا في إعلاء شأن هذا الأدب ونثر نوره وفنه في نفوس الأطفال وعقولهم ليرتقوا بذوقهم، ويجعلوهم يتذوقوا فنون الأدب من شعر وقصص ومسرح.
فلا نستطيع أن نتحدث عن هذا الاحتفال، من دون أن نتذكر رائدة مسرح الطفل في الكويت السيدة «عواطف البدر» التي كونت أول فرقة مسرحية متخصصة تقدم مسرحيات للأطفال في الكويت والمنطقة، بدءاً من عام 1972، وأسست مؤسسة البدر للإنتاج والتوزيع الفني، وأنتجت وكتبت العديد من النصوص المسرحية مثل «روزو الأراجوز»، «الدانة»، «قانون الأرض» وغيرها الكثير. إن الاحتفال بعرس الطفولة من الأمور المهمة التي يجب على كل الدول الحرص على أن تشارك فيها، وبشكل فعال وإيجابي أكثر، في سبيل توعية المجتمع بمن فيه من افراد وهيئات ومؤسسات حول أهمية كتاب الطفل. وعلينا أن نقدم نموذجاً متميزاً لأسلوب الاحتفال، بل مهرجانا يجمع كل فنون أدب الطفل، ويكون للطفل دور فعال سواء بسرد القصص وتمثيلها، أو تأليفها، وأيضا رسمها. كما أن اللقاءات مع كتّاب هذا الأدب من الأمور الهامة، لكي يحتذي بهم الأطفال، ويستقوا منهم فنونهم، فتكون أجواء احتفالية تفاعلية ايجابية لخلق جيل قارئ يقدر الكتب والمعرفة، ويعتاد أن يكون الكتاب جزءاً من حياته، فالأطفال هم ثروتنا الحقيقة، التي نصنع بها الغد الأجمل، فتحية إلى كل قلم نقش حرفاً أضاء فضاءات في نفوس الأطفال.
* كاتبة كويتية
[email protected]