اشراقات النقد
نفحات إيمانية في ديوان «أوتيت بلقيس» للشاعرة عنود عبيد الروضان «2 من 2»



| سعاد العنزي |
نتواصل في هذه المساحة الحديث عن ديوان «أوتيت بلقيس» للشاعرة عنود عبيد الروضان الذي حفل بالعديد من المضامين خلال هذه السطور:
ثنائية الشك واليقين
تتناثر صور الشك واليقين في قصائد الديوان، بحركة أشبه بالدائرية، فمن الشك يبدأ اليقين، وما إن تسكن ذات الشاعرة إلى يقين حتى يأتي شك آخر...
ففي قصيدة «يقين» تقول:
«- يقين... آخر
أي
قاطعوا الشك...
ومن ذر رماد الخبز للجوع؛
يقين الحب:
أن الله في القلب. (4)
هنا تكمن الإشارة إلى إن الإيمان يكون بيقين ينطلق من القلب، وليس بأسئلة تميل إلى السفسطة أكثر من كونها منطقية عقلانية، فالإيمان نور يقذف في القلب...
ويبدأ الشك يلاحق الشاعرة مرة أخرى في قصيدة : «بياض... أنا»:
«بياض أنا...
وانكسارات ضوئي... ما بين عينين
ليست تمس صراط اليقين بفردوس... أنثى!» (5)
الشك والتردد يخالطها في قصيدة حملت البياض عنوانا لها، وكونا شعريا وفضاء نصيا يحوم حولها الجو العام للنص، الذي ولد الشك والتردد الذي صاحب اللون الأبيض لون النقاء والطهارة كما هو لون التردد... الذي حرم الأنثى بأن تمر من الصراط صراط اليقين، هذه الأنثى التي هي في كل صورها مرآة لانفعالات الشاعرة وأجوائها النفسية، التي انعكست على القصيدة فكشفت بوح الشاعرة الأنثى.
طقوس إيمانية
حفل الديوان بأجواء وطقوس عبقة بالإيمان والطهارة والسكينة التي تبعث الشاعرة إلى عوالم الخلاص واليقين، الذي يتحقق بصلوات الأم ودعائها في المساجد والمزارات على رائحة البخور وخضرة الحناء في الأيدي المتوسلة والمبتهلة والأعين الباكية: «نثرت يابلقيس في أثر المساجد سجدة الحناء للعيد العتيق/ ثمة ما يعيد إلى أصابعنا الدعاء. طفلان تجمعنا الصلاة على السكون/ أقبل كف البراءة إذ تكبر الآن في صدر أمي؛ معلقة في صلاة يديها... أساور روحي
وجنة بيضاء يغرسها اليقين».
ثنائية الإسلام والتطرف
تحلق الشاعرة من عالمها الإيماني الخاص، إلى العمومية لتتماس مع جرح في عمق الإسلام والعروبة، وهو فعل المحرمات بذريعة الإسلام، القتل والسلب والعقوبات من أجل تطبيق شرع الله:
يتضح إن البعد الإيماني عند الشاعرة يتخذ جانبين، جانب ذاتي شخصي إنساني، يكشف معاناة الذات الإنسانية في الوصول إلى اليقين الذي يوصلها إلى السكون والطمأنينة، وجانب عام سياسي مؤدلج يمس الإسلام السياسي في العالم العربي والساسة، الذين يفعلون ما يفعلون من مآس بذريعة تطبيق الشريعة الإسلامية، ناهيك عن التطرف الذي شاع في الآونة الأخيرة.
وكما أسلفنا إن العنصر الإيماني كان حاضرا في الموروث الديني في كل الأمم، فمن من المطلعين على الأدب يجهل قصائد ابن عربي وابن الفارض في الزهد والتصوف، ومن لم يحس بالقلق والحيرة والتردد حين يقرأ «رباعيات الخيام». وتجربة الشاعرة عنود عبيد الروضان هنا أشبه بتجربة الشاعرة الفارسية فروغ فرخزاد التي ساورها القلق والشك والبحث عن اليقين طيلة حياتها وتجلى ذلك في انتاجها الشعري، فتقول في إحدى قصائدها ترجو الله مثل قصيدة «وجها لوجه مع الله»:
«آه، يا ألهي، بيد قدرتك
تجل لي وانزع من قلبي
الشوق إلى الإثم والأنانية.
لا تسمح بأن يعصيك عبد تافه
وبأن يولي وجهه شطر الآخرين...
اسمع صراخي المثقل بحاجتي إليك».
حيرة الشاعرة الفارسية شبيهة بما تعانيه من اشتياق لليقين والإشراق الإيماني شاعرتنا عنود، التي أعلنت موهبتها الشعرية منذ أول تجربة ومحاولة، بديوان تتنافس فيه المعاني العميقة وتتزاحم فيه الأفكار التي تتحاور مع تجارب السابقين من المبدعين الذين وضعوا بصمتهم الشخصية في خارطة الفكر الإنساني.
ماجستير لغة عربية
نتواصل في هذه المساحة الحديث عن ديوان «أوتيت بلقيس» للشاعرة عنود عبيد الروضان الذي حفل بالعديد من المضامين خلال هذه السطور:
ثنائية الشك واليقين
تتناثر صور الشك واليقين في قصائد الديوان، بحركة أشبه بالدائرية، فمن الشك يبدأ اليقين، وما إن تسكن ذات الشاعرة إلى يقين حتى يأتي شك آخر...
ففي قصيدة «يقين» تقول:
«- يقين... آخر
أي
قاطعوا الشك...
ومن ذر رماد الخبز للجوع؛
يقين الحب:
أن الله في القلب. (4)
هنا تكمن الإشارة إلى إن الإيمان يكون بيقين ينطلق من القلب، وليس بأسئلة تميل إلى السفسطة أكثر من كونها منطقية عقلانية، فالإيمان نور يقذف في القلب...
ويبدأ الشك يلاحق الشاعرة مرة أخرى في قصيدة : «بياض... أنا»:
«بياض أنا...
وانكسارات ضوئي... ما بين عينين
ليست تمس صراط اليقين بفردوس... أنثى!» (5)
الشك والتردد يخالطها في قصيدة حملت البياض عنوانا لها، وكونا شعريا وفضاء نصيا يحوم حولها الجو العام للنص، الذي ولد الشك والتردد الذي صاحب اللون الأبيض لون النقاء والطهارة كما هو لون التردد... الذي حرم الأنثى بأن تمر من الصراط صراط اليقين، هذه الأنثى التي هي في كل صورها مرآة لانفعالات الشاعرة وأجوائها النفسية، التي انعكست على القصيدة فكشفت بوح الشاعرة الأنثى.
طقوس إيمانية
حفل الديوان بأجواء وطقوس عبقة بالإيمان والطهارة والسكينة التي تبعث الشاعرة إلى عوالم الخلاص واليقين، الذي يتحقق بصلوات الأم ودعائها في المساجد والمزارات على رائحة البخور وخضرة الحناء في الأيدي المتوسلة والمبتهلة والأعين الباكية: «نثرت يابلقيس في أثر المساجد سجدة الحناء للعيد العتيق/ ثمة ما يعيد إلى أصابعنا الدعاء. طفلان تجمعنا الصلاة على السكون/ أقبل كف البراءة إذ تكبر الآن في صدر أمي؛ معلقة في صلاة يديها... أساور روحي
وجنة بيضاء يغرسها اليقين».
ثنائية الإسلام والتطرف
تحلق الشاعرة من عالمها الإيماني الخاص، إلى العمومية لتتماس مع جرح في عمق الإسلام والعروبة، وهو فعل المحرمات بذريعة الإسلام، القتل والسلب والعقوبات من أجل تطبيق شرع الله:
يتضح إن البعد الإيماني عند الشاعرة يتخذ جانبين، جانب ذاتي شخصي إنساني، يكشف معاناة الذات الإنسانية في الوصول إلى اليقين الذي يوصلها إلى السكون والطمأنينة، وجانب عام سياسي مؤدلج يمس الإسلام السياسي في العالم العربي والساسة، الذين يفعلون ما يفعلون من مآس بذريعة تطبيق الشريعة الإسلامية، ناهيك عن التطرف الذي شاع في الآونة الأخيرة.
وكما أسلفنا إن العنصر الإيماني كان حاضرا في الموروث الديني في كل الأمم، فمن من المطلعين على الأدب يجهل قصائد ابن عربي وابن الفارض في الزهد والتصوف، ومن لم يحس بالقلق والحيرة والتردد حين يقرأ «رباعيات الخيام». وتجربة الشاعرة عنود عبيد الروضان هنا أشبه بتجربة الشاعرة الفارسية فروغ فرخزاد التي ساورها القلق والشك والبحث عن اليقين طيلة حياتها وتجلى ذلك في انتاجها الشعري، فتقول في إحدى قصائدها ترجو الله مثل قصيدة «وجها لوجه مع الله»:
«آه، يا ألهي، بيد قدرتك
تجل لي وانزع من قلبي
الشوق إلى الإثم والأنانية.
لا تسمح بأن يعصيك عبد تافه
وبأن يولي وجهه شطر الآخرين...
اسمع صراخي المثقل بحاجتي إليك».
حيرة الشاعرة الفارسية شبيهة بما تعانيه من اشتياق لليقين والإشراق الإيماني شاعرتنا عنود، التي أعلنت موهبتها الشعرية منذ أول تجربة ومحاولة، بديوان تتنافس فيه المعاني العميقة وتتزاحم فيه الأفكار التي تتحاور مع تجارب السابقين من المبدعين الذين وضعوا بصمتهم الشخصية في خارطة الفكر الإنساني.
ماجستير لغة عربية