كنت في جنة على سطح الأرض. بلدة من ضمن أكثر 9 أماكن عزلة في العالم. إجازة ثلاثة أيام في سيوة أو واحة سيوة، في مصر الحبيبة. منتجع وسط بحيرة علاجية على شكل أكواخ بسيطة. الزرقة حولك وفوقك. وعلى مرمى البصر جبال وكثبان رملية تلمع كالذهب. المنتجع بلا كهرباء أو تلفزيون أو ثلاجة أو أية وسيلة رفاهية. عزلة عن سموم التكنولوجيا، وغوص في صفاء النفس ونقاء القلب. مواجهة الذات. مصالحتها واحتضانها. ترميم صدوعها وجمع كسورها.
زرنا جبل الدكرور، وجبل الموتى الذي يحتوي على أكثر من 5 آلاف مقبرة. زرنا عين كليوباترا الغنية باليود ومعبد الإله آمون وقلعة سيوة. تسكعنا في الأسواق الشعبية والتقطت صوراً ثمينة للوجوه والتعبيرات النادرة. للباعة والأطفال والملابس الشعبية والأبواب الخشبية. جلست في المقهى الشعبي شربت الشاي بالنعناع الجبلي واستمعت لقصص المحليين وحكايات التراث وأساطير التاريخ. عشت عمرا من الدهشة في ثلاثة أيام، تمنيت لو امتدت واستمرت ولم أضطر للمغادرة.
وفكرت...
كم نحن مختطفون حقا من أنفسنا. من انسانيتنا. من راحة البال وهدوء اللحظة وصفاء المزاج.
فكل هذا الصخب الكهربائي والتكنولوجي من حولنا يسلبنا إرادتنا. يعزلنا عن خطط المستقبل، أهداف وأحلام العمر. يقصينا عما نريد من الحياة. عما نود تحقيقه وإنجازه.
كل هذا اللهاث والركض في حياة لا تمثلنا في معظمها. التزامات عائلية. وظيفة. نفاق إعلامي كاذب. تزوير وانتقاص من الحقيقة وتشويه الوقائع.
كم نحن بعيدون عنا. وكم نحن مختلفون عنا. نظن أننا أحياء. لكن الحقيقة أننا واهمون... نحن فقط... نعيش على الهامش.
أقول كلمتي هذه وانا اقرأ خبر إضراب وإغلاق أسواق المباركية احتجاجا على زيادة 500 في المئة.
وأقول من أجل مَنْ كل هذا الظلم والقهر؟ لإرضاء كم فاسد وكم تاجر جشع أناني... يا من تتغنون بالانسانية ولا تعرفونها... لا تطبقونها.
متى كنا غنما؟ ليسوقنا راعي الغنم؟
متى كنا غنما، لنخضع ونكون ضعفاء؟