كنت أتفرس بكل شاردة وواردة... أحاول أن أستقرئ مواقف المرأة العربية من الساحة السياسية، إذ استوقفتني تجربة المرأة الكويتية. تلك التجربة الفتية والناضجة في آن واحد، عساني أستطيع أن أكتب عن تلك النساء اللواتي خضن المعترك السياسي أحلى ما سجعت به بلابل الأقلام وأغلى ما انتظمت فيه عقود البلاغة والانسجام.
هنا أقف موقف الحياد كي أتكلم عما عانته المرأة الكويتية عند دخولها الصراع السياسي من البعض، رغم أنها لن تخرج عن التقاليد والعادات الإسلامية والاجتماعية المألوفة في حياتنا.
لقد رجعت بي الذاكرة إلى الماضي وأسباب التعامل مع المرأة بهذا العنف والتهجم، فهل هذا هو التقدم الذي يتحدثون عنه؟ إن هناك من يمحو صور الماضي، ويؤرخه على أنه ماضٍ فيه من الشبهات، يؤرق كل مفكر في عالمنا الحديث يريد استكشاف الأشياء على حقيقتها. وبالتالي فإن ما قام به البعض أنهم فصلوا الأشياء عن موروث الماضي الصحيح ووضعوا الأمور في نصابها الجديد، بإيجابياته وسلبياته، في المجالات الفكرية والثقافية كلها، لكن بدافع الانسلاخ عن جذور الأجداد!
ويوعز هذا البعض السبب إلى تراكم الرويات واختلافها بتأليفها ومؤريخها، وكلما اقتربنا من الحقيقة اصطدمنا برواية تنفيها وحقيقة تعاكسها. وهنا نرجع إلى نقطة البداية ليفترق المجتمعون وتتشتت قلوبهم وأفكارهم...
عزيزي القارئ...
إذا كنا لم نرث هذه الحياة بمفاصلها من الأجداد وأحفادهم، فكيف وصلنا إلى ما نحن فيه من تقدم؟ أليس هذا جهداً ومسيرة لم تتوقف اختلط فيها عرق الرجال بالنساء؟
أتوقف هنا كي أستعرض القصد والمقصود، وهو أن المرأة بكيانها الكوني الجميل يحاول البعض إذلالها بسبب أنها امرأة، وأنا أطلق عليهم المحاربين الجدد للمرأة السياسية، رغم أنهم قلائل ومحاولاتهم بائسة وغير مجدية منذ التاريخ من زمن الملكة بلقيس إلى كليوبترا والخنساء إلى مشاهير النساء في تاريخنا الحديث مثل السيدة أونغ سان كيي التي حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1991 وكذلك السيدة الكينية ديجا إبراهيم إيدي التي حصلت على جائزة الحياة الحقة والمعروفة بجوائز نوبل البديلة، وذلك عن نشاطها في مجال النزاعات العرقية. والأمثلة كثيرة، ونساؤنا لا تقل عنهن في شيء، وهن الآن يقدن الركب في مجال العلم والثقافة والسياسة كذلك، وينتجن لنا نساء من مجالات الطب والهندسة والتاريخ ومجالات الحياة بأسرها، وبهذا هن لا يخرجن عن العادات والتقاليد الاجتماعية. وهنا تكمن المشكلة أعزائي القراء، وسياقها واحد وجلي تطفو فيه المصلحة الشخصية والأيديولوجيات الحديثة في مجال التكهنات السياسية والعقائدية، وهذا هو التعالي على الواقع، إذ اختار المحاربون الجدد الهرب بدلاً من الصدام، ولكنني بالتأكيد هنا استبعد الفئة الدينية، والذين يحرمون دور المرأة، فلهم آراء شرعية، وهذا ليس موضوع نقاش... ولكن وبكل تأكيد فإن المرأة الكويتية حاربت بإصرار العظماء بهدف الحصول على مبتغاها السياسي.
أقول لهن لو كان لي أن أمدحكن لظننتن أنني بالغت في تحسينه... لكن لقلمي مطمعاً أن يدنو من الوفاء بما يوجبه حقكن، لأن قلمي أحد اللسانين فهو مخاطب الغيوب بالسرائر والقلوب بالضمائر.
فرات البسام
[email protected]