نفسياسي

صفاء الهاشم... والوافدون!

تصغير
تكبير
نتابع منذ فترة كما غيرنا، اقتراحات النائب صفاء الهاشم بخصوص الوافدين... تلك الاقتراحات التي تشي باعتبار النائب صفاء أن الوافدين يشكلون عبئاً على المالية العامة يجب ازاحته. وآخر تلك الاقتراحات، كان ما نسب لها من اقتراح بوقف صرف الأدوية لهم من المستشفيات والمستوصفات الحكومية واقتصار خدماتهم في تلك المؤسسات العلاجية على المعاينة الطبية فقط!

وقبل الخوض في التعامل مع المقترح المشار إليه، يجب اثبات مجموعة من الأمور، أولها أن المواطن الكويتي يعاني من تدهور مستوى الخدمات العامة، فالفوضى والزحام وتأخر المواعيد في المستشفيات الحكومية، والاختناقات المرورية والتي أصبحت على مدار اليوم وفي كل الطرق الرئيسية تقريبا، مروراً بتدني مستوى ومخرجات التعليم بجميع مراحله، وهذه كلها مجرد أمثلة يقصد منها التدليل لا الحصر.


هذه المعاناة التي يتكبدها المواطن الكويتي خلقت في نفسه سخطاً كبيراً، خصوصا في ظل تفاقمها وعدم وجود بوادر في الأفق لحلول جذرية لتلك المشاكل وغيرها. ذلك السخط تحول إلى قوة سلبية دفعت بالمواطن للتذمر، وهو أقصى ما يمكنه في ظل نظامنا الدستوري الذي لا يتيح للمواطن انتخاب القائمين على السلطة التنفيذية المخولة بحل تلك المشاكل، وتوجيه سهام نقده لمن يعتقد بمسؤوليتهم عن خلق تلك الأوضاع المزرية واستمراريتها. وبدلاً من التركيز على فشل الإدارة العامة للبلاد والحكومات المتعاقبة، ظهرت نزعات في السنوات الماضية للتركيز على المكون الأجنبي وضغطه على البنى التحتية والمؤسسات الخدمية والعلاجية والتعليمية، كسبب مباشر لمعاناة المواطن الكويتي، وهو أمر لا نجادل في بعض صحته، إلا أنه عرض هامشي للمشكلة الأولى والأهم، والمتمثلة في ضعف مؤسسات الدولة وترهلها وفشلها في وضع الخطط وبناء المشاريع بالشكل الذي يتناسب مع الواقع السكاني واحتياجاته.

المسألة تتداخل فيها أمور عدة يحتاج كل منها لمقال لوحده، لكن التوسع في استقدام الوافدين متعلق بمسألتين رئيسيتين، أولاهما الرغبة بتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري، وهو ما يعني ضرورة توفير القوى العاملة مهنيا وحرفيا في ظل عدد المواطنين المحدود، والمسألة الأخرى تتمثل في ضعف تمثيل العنصر الوطني في الكثير من المهن والوظائف ما يستلزم فتح الباب للوافدين لسد النقص فيها.

وعودة لاقتراح النائب صفاء الهاشم بخصوص أدوية الوافدين، نقول إن المقترح كان سيتم استقباله في شكل أفضل لو كان اقتراحاً متعلقاً بإصلاح الوضع الصحي، لجهة تعديل قوانين التأمين والضمان الصحي من أجل ضبط المصاريف ووقف الهدر في قطاع الأدوية أو غيره من القطاعات الصحية، إلا أنه وبدل التوجه لمعالجة المشكلة من جذورها، اتجه لمعاقبة من لا دخل له في خلق المشكلة أساسا مطالبا بتحميله قيمة علاجه ودوائه!

المشكلة في جوهرها والتي لا نرى مواجهة حقيقية لها، هي مشكلة حكومة عاجزة، وتجار إقامات، وخلل واضح وفاضح في التركيبة السكانية. وإذا استمرت الاقتراحات تتوالى لمعالجة المشكلة بطريقة الأخت صفاء، فهذا في رأينا يشكل - وإن لم تقصد هي ذلك - صرفاً للأنظار عن مكمن الخلل ويقدم خدمة مجانية للحكومة بتوجيه السخط والنقد للجهة الخطأ بعيداً عن نقدها وتبيان عجزها وفشلها!

أخيرا... هل ساهم بعض الوافدين في خلق حالة من السخط في نفوس المواطنين تجاههم؟

بالتأكيد، فنحن نتعامل مع بشر بالنهاية، ولكننا نزعم أن ممارسات بعض الوافدين كانت بمثابة «فوق البيعة»، أو القشة التي قصمت ظهر البعير، فالسخط المتنامي في نفوس المواطنين جعلهم يبحثون في سلوك بعض الوافدين عما يبرر توجيه سهام النقد لهم، وللقارئ أن يراجع ما يسطره بعض المواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يتناولونه في الدواوين من أمثلة فردية عن ذلك الوافد الذي يهرب أدوية أو ذلك الذي يكسر القوانين من أجل أبناء جلدته، وغيرها من أمثلة لا تصلح للنقاش العلمي والموضوعي لإمكانية حصولها من الوافد والمواطن على حد سواء!

أحد الأصدقاء قبل أيام وفي معرض تأييده لتوجهات الأخت صفاء، باح لي بسخطه على بعض الجاليات العربية وتعيين الكثيرين منهم في مواقع استشارية في مكاتب المسؤولين الكويتيين، وهو ما يؤكد لي اختلاط الحابل بالنابل في تناول موضوع التركيبة السكانية وضغطها على الخدمات العامة، وكان ردي عليه:

ليش ما تنتقد المسؤول الكويتي؟

فكما أنه وراء كل رجل عظيم، امرأة... وراء معظم المستشارين الوافدين الزائدين عن الحاجة... مسؤولون كويتيون، فاسدون... أو«تنابلة»!

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي