وضع خطط التنمية في أي مجتمع ليس بالعمل الصعب أو المستحيل، فالاحتياجات والطموحات والرغبة في رغد العيش من المرامي أو المستهدفات التي يتمناها الكل، وليس هناك من يعترض على حاجة الدولة للتنمية، أو تنفيذ المشاريع وتحديد تكاليفها، أو الخارطة الزمنية للإنجاز والامكانات الأخرى الضرورية التي لا بد أن تتوافر، فالخطة التنموية في اطارها النظري، أي تسجيلها على الورق على أمل انجازها لن تكون ذات جدوى، ولن نستطيع أن نضمن تنفيذها إذا كانت الجوانب التطبيقية، وتوفير الامكانات البشرية والمادية، واتاحة المناخ المناسب تشكل عقبات في طريق العمل الجاد الهادف لتنفيذ الخطة.
الكثير من خطط التنمية تتعثر عندما يتلاشى الربط بين النظرية والتطبيق، والأمل ألا يكون ذلك في خطة التنمية الحكومية المطروحة حاليا على المجلس النيابي، خصوصا وأن وزيرة التنمية صرحت أن الدولة وضعت خطة طموحة للأعوام الخمسة المقبلة تتضمن مشاريع كثيرة، وتكلفة تصل تقريبا إلى (35) مليار دينار منها (26) مليار دينار ستصرف في الأعوام الخمسة الأولى. هذا الطرح النظري للخطة والاتجاه نحو عرضها على المجلس النيابي في دور الانعقاد المقبل لاقرارها ينبغي ألا ينقصها خطة موازية أخرى تتعلق بالبعد التنفيذي أو الإجرائي الذي يعكس تفاصيل عمليات التطبيق والأسس المتبعة فيها، وكيفية متابعتها، وضمان سلامة الإجراءات، والتحوط من الوقوع في المشكلات التي تعودنا عليها في السابق بالنسبة للكثير من المشاريع التي تعثرت، أو حدثت لها تعديلات ساهمت في زيادة التكاليف وتعطلها والإطالة في تنفيذها، ناهيك عن الاختلالات أو التجاوزات المالية لعدد من المشاريع، فلا بد من الاستفادة من تجاربنا السابقة في تنفيذ المشاريع التي كلفت الدولة أموالاً باهظة لكن النتائج، مع الأسف، لم تكن بمستوى الطموحات.
والسؤال، هل هناك التزام جاد وحقيقي من الحكومة بالخطة التنموية المقبلة، وكيف ستكون المراقبة، وكيف سيكون دور المجلس النيابي في الخطة، خصوصا الجانب الرقابي؟ ذلك أن الخطة التنموية لن يتحقق لها التطبيق ما لم تتوافر لها جملة من العوامل الضرورية لكي تنفذ على الوجه الصحيح، ومنها: المعالجة الأولوية لمشكلة البيروقراطية الحكومية وتعقيدات إجراءاتها في التطبيق، والقضاء على الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، والعمل بأحكام «القانون 60 للعام 1986» من حيث تفعيل وتنفيذ ومراقبة كل الأعمال المتصلة بالخطة، فضلا عن التحديد الزمني لإنجاز كل مشروع وطرق معالجتها أولاً بأول. هذه وغيرها من الإجراءات أو الاشتراطات لا بد أن تتضح من البداية، ومن دون ذلك فإننا سنقع في المطبات والعثرات نفسها التي كانت ومازالت تواجه مشاريع الدولة حيث هناك عدد من المشاريع تم اقرارها وبدأ العمل بها لكنها مازالت متوقفة بسبب مشكلات يعلم الله بها.
د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي
[email protected]