محمد العوضي / خواطر قلم / وزارة التربية... تدمير شامل للأجيال!

تصغير
تكبير
يعتبر كتاب «حضارات الوجبات السريعة» تأليف الأميركي ايريك شلوسر من أكثر الكتب رواجاً على قائمة نيويورك تايمز، غلاف الكتاب جميل وملون ومن الورق المصقول الفاخر اللامع عليه صورة العلم الأميركي وتتوسطه صورة لوجبة الهمبرغر، كتب تحتها الحقائق بخط عريض ثم بخط أصغر عبارة «الجانب المظلم للوجبات السريعة»، الكتاب من مطبوعات وترجمة «الدار العربية للعلوم»، محتوى هذا الكتاب عن خفايا المزارع والمسالخ ومصانع تعليب اللحوم، اسرار المذاق والنكهات وآثارها - أخبار عن الجراثيم التي تنتظرك في طبق من الهمبرغر، معلومات عن جنون البقر، خطط واستراتيجيات التسويق لدى الشركات الكبرى.
ويحتوي الكتاب على عشرة فصول مع خاتمة وملحق، وتقرأ في فهرسه ما يلي: ماذا نأكل... الخدمة السريعة... روح الماركة... مروجو المشروبات الغازية...
جاء الفصل الثالث من الكتاب بعنوان: «خلف طاولة البيع» ويحتوي على هذه العناوين الجانبية (المردود، الملاطفة، كشف الكذب، حماية الشباب، اجعله ممتعاً)... أي انه الفصل الذي يسلط الضوء على التلاعب بعقول ونفوس الأجيال من خلال الدور الدعائي في الاعلانات والاتيكيت التعاملي!!

ويتكلم المؤلف عن «الرائحة العذبة» و«صديقنا الذرة» و«امبراطورية من الدهون»، ويركز على الجراثيم التي تقتل الاطفال ويختم كتابه بعنوان مثير: «كلب يأكل كلب»...
لا تنتهي من الكتاب حتى تشعر بما شعرت به لوس انجلوس تايمز بقولها عنه: «مبرهَن بشكل عميق، مُناظر مثير... لدى شلوسر ترسانة من الحقائق المروعة»، لقد أعددت هذا الكتاب لعرضه في برنامج رمضان الماضي على قناة «الراي» لكن قدمت عليه غيره من الموضوعات... واليوم ندمت على تأجيله، فرغم تحذيرات وزارة الصحة والاطباء ومختصي التغذية الصحية وصفحات الجرائد المهتمة بالصحة وبرامج التلفزيون الكويتي الصحية وقنواتنا التجارية المحلية، ورغم ما تقوله تقارير منظمات الصحة العالمية، والدراسات التي تصدرها مراكز صحية ومجلات علمية طبية من خطورة الوجبات السريعة وآثارها السيئة ورغم أن الكويت بلد أخذت هذه الاثار صفة الظاهرة التي تفتك بأبنائه من خلال السمنة وغيرها من هذه المأكولات... ورغم... ورغم... ورغم فإن الانسان يصدم ويعجب من الاهمال واللامبالاة وغيبة الوعي لدى من يفترض فيهم تأسيس الوعي وبثه بين الناس ألا وهي وزارة التربية!!
بعد أن كانت مدارس وزارة التربية تبيع الكاكاو والبسكويت والمشروبات لا سيما العصائر ثم تطورت الى فطائر ومعجنات، اصبحت اليوم تبيع الوجبات السريعة والمشروبات الغازية!!
كيف تم الاختراق؟ من المسؤول؟ بل من المستفيد؟ هل تحرك أحد؟ تصوروا أن أطفالا في المرحلة المتوسطة يأكلون يومياً وفي الصباح أهم وجبة لحوم وغازيات!!
كم أما تشتكي يأتي أولادنا وبناتنا وقد شبعوا وانتهوا من الغداء بسبب هذه الوجبات المدمرة، لأجسادهم التي لاتزال تبني أنسجتها وعظامها وأجهزتها!!
فضلاً عن حرمان التواصل الاجتماعي الاسري التراحمي بين افراد الاسرة من أجمل ساعات التواصل مع بعضهم على المائدة!
هل يعقل أن تخضع وزارة التربية لضغط المصالح على حساب صحة الأجيال وما من بيت الا وله أكثر من فرد في مدارسها!
اذاً فلتستعد وزارة الصحة، والعيادات الخاصة لمزيد من الأجيال المدمرة المريضة المنهكة بأمراضٍ ربما لم نعرفها من قبل، هل تستطيع الاخت الفاضلة وزيرة التربية ان تحسم المتاجرة بصحة جميع الاجيال المستهدفين داخل مدارسها نرجو ذلك.
محمد العوضي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي