دق أبو جمال وجدان أبو بيار فسمع الجواب الموجود في الأرشيف... خطياً

أمين الجميل طلب مني زيارة دمشق سعياً لدعمها ترشيحه إلى الرئاسة اللبنانية بعد اغتيال بشير

u0623u0645u064au0646 u0627u0644u062cu0645u064au0644 u0648u0639u0628u062fu0627u0644u062du0644u064au0645 u062eu062fu0627u0645r
أمين الجميل وعبدالحليم خدام
تصغير
تكبير
يشير النائب الوزير السابق اللواء سامي الخطيب، في حواره مع «الراي»، بعد توقيع كتابه «في عين الحدث»، إلى العلاقة التي كانت تربطه بالرئيس أمين الجميل والقيادة السورية وكيف كان يقوم بدور الوسيط بينهما. وإلى نص الحوار:
• بعد اغتيال بشير الجميل انتخب شقيقه أمين رئيساً للجمهورية بشبه إجماع لبناني، وكان لكم دور في تأمين دعم سوري أو على الأقل تأمين عدم ممانعة سورية. فما كان هذا الدور تحديداً؟
- في الحقيقة، السوريون أيدوا وصوله إلى الرئاسة وهو أيضاً طلب تأييدهم، وقد طلب الرئيس أمين الجميل مني أن أسعى إلى الحصول على تأييد سوري له وأن أذهب إلى دمشق.
• متى؟
- قبل يومين من انتخابه أي في 17 سبتمبر 1982 أراد أن أعرف حقيقة الموقف السوري من ترشيحه للانتخابات الرئاسية، في ظل الوجود الإسرائيلي، فذهبت في ذلك اليوم والتقيت عبدالحليم خدام وبحثت معه في تلك المسألة، وأبلغته أن الشيخ أمين الجميل يصر على علاقة مميزة مع سورية، لأنه على اقتناع تام بأن لبنان لا يمكن أن يستمر أو يستقر إلا إذا كان على وفاق مع سورية.
• وبماذا أجاب؟
- سجل على ورقة ما سمعه مني عن الشيخ أمين الجميل وقبل انتهاء الحديث بيننا طرح عليّ عدداً من الأسئلة. ثم استمهلني بعض الوقت لإعطاء أجوبة على ما طرحت وجئت لأجله.
• وهل وصلتك الأجوبة؟
- في اليوم التالي بعث إليّ برسالة خطية لإبلاغها للشيخ أمين الجميل، وطلب أجوبة عما تضمنته من أسئلة ليتمكنوا في دمشق من اتخاذ القرار وتنفيذه وقد جاء في الرسالة: «دائماً كنا ننظر إلى الشيخ أمين الجميل نظرة خاصة، حتى خلال الصراع مع (حزب الكتائب)، ونرتاح إلى خطه العربي، وإلى سعيه نحو الوفاق الوطني اللبناني. نود ان نسمع من الشيخ أمين أجوبة عن التساؤلات الآتية:
1 - هل لا يزال متمسكاً بخطه العربي؟
2 - هل لا يزال يرى وجوب قيام علاقات مميزة بين لبنان وسورية؟
3 - هل لا يزال يرفض فكرة معاهدة أو اتفاقات مع الإسرائيليين؟
4 - هل لا يزال يرى أن حل المشكلة اللبنانية يجب أن يكون بالوفاق الوطني اللبناني؟
لدى بحث موضوع ترشيح الشيخ أمين من جانب بعض الأوساط تحدثنا (أي أبو جمال) بصورة إيجابية عنه.
إننا ننتظر الجواب للقيام بالتحرك الملائم، ونحن واثقون بأن الشيخ أمين إذا تابع هذا الخط فسيمكننا من القيام بمصالحة وطنية بين اللبنانيين، ونكون جميعاً في دعم رئاسته».
قرأ الشيخ أمين الرسالة بإمعان وقال: «إن جوابي عن هذه الأسئلة موجود في وسائل الإعلام كلها، وموجود أيضاً وبالتأكيد في أرشيف أبو جمال، والآن يريده بخطي وأنا جاهز وأقبل أن يكون بخطك أنت، لأنه أجمل وأوضح».
وسجلت على ورقة عند الشيخ أمين أجوبته المفصل عن الأسئلة الأربعة، وقد سُر الوزير عبد الحليم خدام جداً بالرسالة الجوابية للشيخ امين، وبعث برسالة جوابية خطية للشيخ امين جاء فيها: «تلقوا في سورية بارتياح اجوبة الشيخ أمين، وهم يعرفون أن هذا هو خطه السياسي وسيعملون كل ما في وسعهم لإنجاحه. وهم واثقون بأن التعاون بين البلدين سيكون جيداً في عهده. نريد أن نؤكد أننا سنتعاون وفي وقت قريب لحل عقدة الشمال (أي المصالحة مع فرنجية). نتمنى للشيخ أمين التوفيق، وقد أعطيت التوجيهات للتحرك الملائم لدعم ترشيحه». وفي 19 سبتمبر أبلغت الشيخ أمين النتيجة الإيجابية جداً لتحركنا في اتجاه دمشق، وأخذت على عاتقي إيصال نواب البقاع إلى مكان جلسة الانتخاب في المدرسة الحربية في الفياضية، وفي 21 سبتمبر، أي بعد يومين، حصلت الانتخابات الرئاسية بشبه إجماع، إذ نال الشيخ أمين 77 صوتاً ووجدت ثلاث أوراق بيضاء، ويوم 23 سبتمبر 1982 جرى التسليم والتسلم بين الرئيس إلياس سركيس والرئيس أمين الجميل، وبدأ عهد جديد في لبنان، علقت عليه الآمال العراض، من دون أن يغيب عن بال احد ما كان ينتظره من مطبات وأفخاخ واستحقاقات.
• ولماذا استجاب السوريون طلب أمين الجميل بتقديم الدعم والتأييد له في معركة الرئاسة؟
- أراد السوريون الإيحاء للبنانيين والأميركيين والإسرائيليين أنهم مازالوا قادرين على التدخل وعلى تغيير المعادلات عند الحاجة، وليدلوا بدلوهم في استحقاق كبير مثل الانتخابات الرئاسية في لبنان من دون أي التزام، ولإعطاء أمين الجميل القدرة على الحركة على مرأى من الإسرائيليين، باعتبار أن نواب البقاع صوتوا للشيخ أمين بدافع سوري، وكذلك الشيخ أمين الذي يعرف أهمية سورية للبنان، لا يريد أن يكون بعيداً من دمشق خصوصاً في بدايات عهده وما ينتظره من عقبات ومطبات، فكان بالنسبة إليه من الضروري جداً ألا تكون دمشق حيادية تجاهه، إذا خلصت النيات على الأقل. ولما عرضت عليه موضوع دمشق أي الطلب من دمشق تأييده في معركته، أدرك على الفور ورغم المناخ الإسرائيلي المسيطر على الأجواء العامة في لبنان، أهمية الفكرة وصوابيتها وتلقفها بسرعة ومن دون تردد، وطلب مني التحرك نحو دمشق.
صحيح أن الكلمة الفصل والقرار الأخير في الانتخابات الرئاسية اللبنانية الثانية خلال أقل من شهر لم تكن للسوريين والجميع يعرف ذلك، ولكن هذا لم يمنع السوريين من التدخل تثبيتاً للدور السوري في المنطقة وفي لبنان خصوصاً، وهذا الأمر بالذات هو الذي حدا بالإسرائيليين إلى عدم عرقلة التدخل السوري في انتخابات الشيخ أمين الجميل. إنها لعبة الأمم في الشرق الأوسط التي أدارها الأميركيون بواسطة المندوب الرئاسي الأميركي فيليب حبيب الذي زار دمشق مراراً خلال الأيام العشرة التي تلت استشهاد الرئيس المنتخب بشير الجميل، كما كان يجتمع بالقادة الإسرائيليين الموجودين في لبنان أكثر أسبوعياً. وتبين لي في ما بعد أن مراجع أخرى حاولت الإيحاء أنها على خط الشيخ أمين الجميل الرئاسي، ولكنها لم تستطع تغيير المعادلة، وتتابعت فصول الانتخابات الرئاسية كما حصلت.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي