جوني عبدو لـ خدام: كل عهد يقطعه الرئيس الجديد للأسد سيُحترم

بشير الجميل أعطى سركيس وعداً مكتوباً بقطع علاقته مع الإسرائيليين احتفظت به بين أوراقي الخاصة... لكن دمشق لم تقتنع

u0628u0634u064au0631 u0627u0644u062cu0645u064au0644 u0645u0635u0627u0641u062du0627u064b u0643u0627u0645u0644 u0627u0644u0623u0633u0639u062f
بشير الجميل مصافحاً كامل الأسعد
تصغير
تكبير
بعد رحلة بشير الجميل الى السعودية انكبّ الجميع، خصوصاً الرئيس سركيس وجوني عبدو وبعض القيادات الكتائبية، على تحضير جلسة الانتخاب لمعرفة عدد النواب المؤيدين لبشير، وكيفية تأمين النصاب القانوني للجلسة، فتبين لهم أن الأكثرية المطلقة مؤمنة ومضمونة، انما ينقص تسعة أو عشرة أصوات لتأمين النصاب القانوني المطلوب أي ثلثي عدد النواب، وقال الرئيس لأركانه المجتمعين لادارة المعركة الانتخابية: «ان مشكلة بشير هي مع السنة، وقد اجتمعت بزعمائهم واحداً واحداً، من صائب سلام الى شفيق الوزان الى تقي الدين الصلح، فوجدتهم جميعهم ضد بشير، ويقترحون عليّ تمديد أو تجديد ولايتي، وأجبتهم بأن عليهم أن يقيّموا أوضاعهم بدقة استناداً الى معطيين نهائيين، لا تجديد ولا تمديد لولايتي، ولا تراجع عن بشير... أيدوا شخصاً آخر ولكن لا تقاطعوا الانتخابات الرئاسية. ان معارضة بشير هي ظاهرة ديموقراطية، أما مقاطعة الانتخابات فهي تمس النظام اللبناني ولا تمسّ بشير».
والجدير ذكره أنني لم أدع لهذه الاجتماعات، انما كنت أعرف هذه التفاصيل كلها من فخامة الرئيس شخصياً، ومن الشيخ أمين الجميل الذي كانت تربطني به صداقة متينة، علماً أن دوره في معركة انتخاب بشير رئيساً للجمهورية كان باهتاً وأقل من عادي.
كان الهم السوري مقيماً بشكل دائم في وجدان الرئيس سركيس، رغم مواقف اللامبالاة السورية وأحياناً المعارضة المكشوفة لقراراته وتوجهاته، وحمّل جوني عبدو الذي عيّنه الرئيس عضواً في الوفد اللبناني الى جلسات اللجنة الوزارية العربية المصغّرة التابعة للجامعة العربية، والتي بدأت جلساتها في 28 يوليو 1982 رسالة لعبد الحليم خدام، يعلمه فيها رسمياً بأنه مؤيد لترشيح بشير الجميل لرئاسة الجمهورية، وأن مصالح سورية ستكون مؤمنة في حال دعمها هذا الترشيح. كما أوصى عبدو بأن يصر أثناء حديثه مع خدام على أمرين: الأول أن كل عهد يقطعه بشير للرئيس الأسد سيُحترم، والثاني أن بشير الجميل هو الرجل الوحيد في هذا الظرف الصعب الذي بامكانه تطبيع العلاقات بين سورية ولبنان.
أما بالنسبة الى موقف الشيعة، فلا شك في أن الرئيس كان مطمئناً لموقف كامل الأسعد، وبالتالي فان أمل بشير بالفوز سيكون مضموناً مادام الموقف الشيعي مؤيداً له. ولذلك نصح الرئيس فريق عمله بقوله: «أشركوا كامل الأسعد بكل قراراتكم، فهو الخبير المجرب في هذه الأمور».
والحقيقة أن كامل الأسعد كان أول زعيم مسلم يتجرأ على تأييد ترشيح بشير الجميل علناً، فهو صاحب تجربة غنية، ففي العام 1976 أمّن انتخاب الياس سركيس رئيساً للجمهورية في وضع بالغ التعقيد، رغم تهديد منظمة التحرير الفلسطينية وضغوطها، لأنه كان مؤمناً بأنه أخذ الخيار الوطني الصحيح والانقاذي للوطن.
وهكذا أضحت المشكلة أمام بشير الجميل ليست بعدد الأكثرية النيابية، بل بتأمين النصاب القانوني للجلسة، وبدأ سباق محموم بين المجموعة السنية التي حاولت عرقلة عقد الجلسة في مجلس النواب، وبين الأكثرية الداعمة لترشيح بشير، وكان المطلوب اثنين وستين نائباً لتأمين النصاب. وفي جو عابق بالتشنج والخوف والقلق، وتحت مظلة قاسية من القصف الاسرائيلي الشرس وفوضى تعم جميع القطاعات، اجتمع النواب والشخصيات السنية وممثلو «الحركة الوطنية» في 18 أغسطس وقرروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية، حتى يتفق المسلمون والمسيحيون على مرشح آخر غير بشير الجميل، ما أدى الى ارجاء الجلسة التي كانت مقررة في 19 أغسطس الى 23 منه، بسبب فقدان النصاب القانوني للجلسة.
ويوم الاثنين في 23 أغسطس أُعلن استنفار لا مثيل له لكل القوى والمراجع والشخصيات المؤيدة لبشير لتأمين نصاب الثلثين لجلسة انتخاب الرئيس، وبدأ استدراك النقص في عدد النواب بالتخويف وبالوعود المغرية سياسية وغير سياسية، وبعد انتظار خمس ساعات في قاعة المدرسة الحربية في الفياضية والأعلام الاسرائيلية ترفرف على مستديرة الصياد ومنها صعوداً حتى الفياضية، اكتمل النصاب بـ اثنين وستين نائباً، وجرى التصويت وفقاً للدستور، وفاز الشيخ بشير الجميل برئاسة الجمهورية اللبنانية بتاريخ 23 أغسطس 1982.
وقد كان لهذا التاريخ وقعه المدوي في البلاد، فاستقبلته المناطق الشرقية بفرح صاخب يقارب الجنون، واعتبره الحكماء منهم خلاصاً للوطن واجتيازاً لمحنة قاسية، بينما تلقته المناطق الأخرى الغربية والوطنية بوجوم وحذر وخوف، لما يعرفونه عن بشير الجميل من عنف وقساوة وصدامية، وشفعت له عند البعض، خصوصاً فئة الشباب جديته وصلابته وتصميمه على اعادة هيبة الدولة ومحاربة الفساد أينما كان وفرض احترام القانون والنظام. وأخذوا لأنفسهم وللرئيس الجديد فرصة ليكتشفوا حقيقة التزامه الوطني في الموقف من اسرائيل، وما اذا كان سيوقع معاهدة صلح منفرد معها أم لا؟ وقد بدا خلال الأسابيع الثلاثة من انتخابه رئيساً لكل اللبنانيين، فرفض توقيع أي معاهدة مع اسرائيل قبل موافقة المسلمين، وقد فشل بيغن في اقناعه بذلك خلال لقائهما في مستوطنة نهاريا، لا بل بدأ بشير يفكر جدياً بقطع علاقته باسرائيل، وأعطى الرئيس سركيس وعداً مكتوباً بهذا المعنى كتبته على أوراق خاصة بي وبخط يدي، الا أن السوريين لم يقتنعوا بهذا الوعد الخطي وبقوا على موقفهم منه رغم تدخل الرئيس سركيس مع الرئيس الأسد لاستقبال وفود ومبعوثين من الرئيس المنتخب، وسماع آرائهم واقتراحاتهم في شأن اعادة تنظيم العلاقة الجديدة بين سورية ولبنان، لأن توجه الرئيس المنتخب هو لاعتبار سورية الصديق الأول، وبالتالي يجب أن تكون العلاقة معها متناسبة مع هذا الاعتبار وأن تكون مميزة.
وقد ساهمت أكثر من مرة في تسهيل مرور الوفد الكتائبي المؤلف من جورج سعادة وجوزيف أبو خليل وكريم بقرادوني الى دمشق، انطلاقاً من منزلي في الحازمية - برازيليا الى سورية، برفقة ضباط من قيادة الردع التي ظلت عاملة كجهاز لبناني يعمل بتصرف رئيس الجمهورية اللبنانية مع دمشق.
وفي الأول من سبتمبر 1982 قام الرئيس المنتخب بزيارة الى نهاريا، التقى خلالها رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن، وعاد بعد الزيارة في حالة غضب شديد، هكذا يقول الأستاذ كريم بقرادوني في كتابه «السلام المفقود»، ويضيف أن الرئيس المنتخب قال له بعد خروجه من الاجتماع مع بيغن «مش ماشي الحال مع اسرائيل، لأن بيغن طلب مني أن أوقع معاهدة سلام فورية، ولكنني رفضت طلبه، وقلت له: «بامكانك أن تعتقلني، ولكن ليس بامكانك أن تحملني على توقيع معاهدة لست مقتنعاً بها». ويقول بقرادوني: «هذا الاجتماع يعتبر من أسوأ الاجتماعات في حياة بشير، لأن بيغن كان يعاني من رضوض في رجله وكانت تؤلمه جداً، وزوجته تعاني من مرض عضال، وعلى الصعيد السياسي كان بيغن مستاء من مواقف أميركا، والرئيس ريغان، الذي أعلن في اليوم ذاته مبادرة للسلام في الشرق الأوسط، ويضيف بيغن بأنه يعتقد أن أميركا تحاول سرقة انتصاره في لبنان لتوظيفه في ايجاد حل سياسي أميركي في الشرق». ويشير بقرادوني الى أنه زادت ثقته بالرئيس المنتخب بعد زيارته لنهاريا وخلافه مع بيغن، وزادته تصميماً على الاستمرار في محاولة الانتقال من الرهان الاسرائيلي الى الخيار العربي.
بعد اجتماع نهاريا أدرك بشير أن علاقته لن تكون سهلة واتجه للاعتماد على أميركا، وعرض على واشنطن اقامة قاعدة استراتيجية عسكرية كبيرة في لبنان، بحيث يصبح لبنان منطقة نفوذ أميركي، وبالتالي منطقة محمية من اسرائيل وغير اسرائيل، وقد فوجئ الوزير الأميركي كاسبار واينبرغر بهذا العرض واستغربه، لكنه وعد بنقله الى البيت الأبيض.
وبعد ذلك بفترة قصيرة طلب مني الرئيس سركيس أن أذهب الى دمشق لتأمين اجتماع لكريم بقرادوني والعقيد جوني عبدو مع القيادة السورية فور تسلم الشيخ بشير مقاليد الرئاسة. وذهبت الى دمشق والتقيت المسؤولين السوريين الثلاثة، الأستاذ عبد الحليم خدام والعماد حكمت الشهابي واللواء علي دوبا في مكتب خدام، وشرحت لهم بالتفصيل زيارة نهاريا وتوابعها، والرغبة الأكيدة عند بشير الجميل بنقل الرهان من الاتجاه الاسرائيلي الى الخيار العربي، رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتني في محاولة تغيير صورة بشير الاسرائيلية. بعد الظهر أبلغني عبد الحليم خدام موافقتهم المبدئية على هذا اللقاء، على أن يحدد الموعد في ما بعد. لكن اغتيال الشيخ بشير في 14 سبتمبر أسقط هذه الفرصة.
وفي جردة حساب أطلعني عليها وهو مزهو وواثق بحكم الياس سركيس على نفسه قال: «انني سعيد أن استطعت الوصول، في ظرف مثل ظرفي، الى نهاية ولايتي مثل كل أسلافي، ونجحت في البقاء في سدة الرئاسة رغم كل الموانع والمعاكسات التي سيقت ضدي، ففي عام 1978 كدت استقيل واستسلم ولكن العناية الالهية ساعدتني، لقد تعرضت الى صدمات قوية، لكنني صمدت وقاومت، فالولايات المتحدة لم تحل مشكلة الجنوب ولا المسألة الفلسطينية، ولم تسهل سورية تنفيذ (اتفاق القاهرة)، وبشير الجميل أتعبني كثيراً وقد تحملت منه ما لم أتحمله من أي رجل آخر، وأخيراً سمح وليد جنبلاط وحركته الوطنية لأنفسهم أن يشتموني ويشوّهوا سمعتي ولكنني صمدت. كنت أستمع الى الجميع ولا أنفذ الا ما ينسجم مع خياراتي الأساسية». وكان يقول في جلساته الخاصة وقد سمعته غير مرة: «المهم أنني أسلم لبنان قطعة واحدة، وعلماً واحداً وليرة متينة وقوية».
ثم استطرد الرئيس في حديث عن خياراته الأساسية فقال: «ان البعض قاتلني بسبب بعض هذه الخيارات فأنا من الأساس اخترت الولايات المتحدة، لا اسرائيل لأنني واثق أن الحل اذا كان هناك من حل فهو سيأتي من الولايات المتحدة الأميركية، كما أبقيت على تناغمي مع العالم العربي، مخصصاً سورية دائماً ومهما كانت مواقفها مني أو من ادارتي بمعاملة مميزة، وحددت هدفي الاستراتيجي وهو انسحاب الفلسطينيين والسوريين، وها هم قد بدأوا يغادرون البلاد، ولكن مع الأسف بضغط دولي - اسرائيلي، أما الاحتلال الاسرائيلي فأنا واثق من أن بشير الجميل سيعالجه ويتمكن من حمل الاسرائيليين على المغادرة بأسرع مما يتصوره البعض. تجنبت القرارات المتسرعة والأعمال الاستعراضية، فلم أكن أريد قتل الأمل ولا تسريع المآسي، لم أعمل أو أقل ما كنت أريد، الا أنني لم أعمل أو أقل ما لا يجوز عمله أو قوله. قاومت صامتاً وهذا ليس بالشيء اليسير ولم أقم بأعمال مثيرة للتمتع باحتلال العناوين الكبيرة في الصحف، أو للحصول على تصفيق محيطي على حساب مصلحة البلاد العليا». أشهد أنني أنا كنت وحيداً من الذين عايشوا وعاشوا مع الرئيس هذه المقاومة.
وبتاريخ 30 أغسطس 1982 غادر ياسر عرفات بيروت متوجهاً الى أثينا، وكان الرئيس سركيس قد أوفد قبل هذا اليوم العقيد عبدو لتسليم ياسر عرفات رسالة وداعية تعبيراً عن التعاطف والود. كما حمل عبدو رسالتين وداعيتين أخريين، واحدة من الرئيس المنتخب وثانية من فيليب حبيب، تحملان عواطف وتمنيات.
ففي 30 أغسطس 1982 أنهى أبو عمار فترة حكمه المباشر للبنان، والتي امتدت من عام 1969 ولغاية 1982 وفي حديث خاص للرئيس سركيس بهذه المناسبة مع فيليب حبيب والرئيس الوزان والوزير بطرس وأنا، قال فخامة الرئيس: «التقيته للمرة الأولى (أي عرفات) عام 1969 في عمان، ومنذ ذلك الوقت وهو يقول لبنان وطني الثاني. وبسبب وضعه الأمني عاش أبو عمار مشرداً، حاملاً قضيته على ظهره ليحمّلها بين الحين والآخر على ظهور الآخرين، ونحن في لبنان كان لنا النصيب الأوفر من هذه القضية، لقد أتعبنا أبو عمار بحركته الدائمة، فهو لا مسكن دائماً له، وفي الحوار معه، تجده يجيد فن الاقناع بقدر ما يحترف فن الارهاب، وهكذا تعامل مع قادة هذا العالم ومع الذين يدفعون له الأموال من دون حساب. أبو عمار رجل حرب ورجل سلام، مع قدرة هائلة على التأقلم»، ومع أن الرئيس سركيس الذي لم تكن لقاءاته به كثيرة، تابع يروي عنه القصة التالية: «يقول أبو عمار: يأخذ علي البعض ويتهمني بالكذب، فأنا من أجل فلسطين لا أكذب فقط بل أقتل». ويضيف الرئيس سركيس بالقول: «ان أبو عمار يميل طبيعياً الى مصر ويتخوف غريزياً من سورية، فمصر بالنسبة اليه حماية بينما سورية وصاية».
وتابع السفير حبيب بدعم فعال ومستمر من الرئيس سركيس ملاحظة تنفيذ خطته لترحيل الفلسطينيين والسوريين من بيروت الى خارج لبنان، وفي 25 أغسطس وصلت الوحدات الأميركية ثم الفرنسية ثم الايطالية الى الأرض اللبنانية، وهي تمثل القوات المتعددة الجنسيات، ومهمتها الفصل بين القوات المتصارعة، وبدأت معالم الحياة الطبيعية تعود تدريجياً الى البلد، ففي 2 سبتمبر فتح ممر السوديكو الذي يصل قطاعي بيروت، الشرقي والغربي، وفي 4 أكتوبر دخل الجيش اللبناني بيروت الغربية، وفي 9 أكتوبر دخل الجيش اللبناني مخيم برج البراجنة الفلسطيني، وفي 10 أكتوبر رحلت قوة الفصل المتعددة الجنسيات بعد أن أدت مهمتها، وفي 11 أكتوبر 1982 فتحت بورصة بيروت وبدأت أعمالها وباشرت نشاطها، وفي 31 أكتوبر عاد مرفأ بيروت للعمل.
وهنا لا بد لي أن أسجل مرحلتين لتطور وضع الرئيس المنتخب في الأوساط الاسلامية، فقد تمكن الشيخ بشير من احراز نقاط عدة تقدم فيها الى الشارع والوسط الاسلاميين، ووجد فيه الشباب الحيوية والرغبة الحقيقية في بناء دولة جديدة مبنية على النزاهة والكفاءة، دولة تطبق القانون وتحمي الأرزاق والكرامات، وتطبق مبدأ الثواب والعقاب، ولمسوا من لهجة الرجل الحازمة والصادقة، ما يمكن الاعتماد عليه لمستقبل زاهر وواعد، وكان لاجتماعه بالرئيس صائب سلام تأثير كبير في الأوساط الاسلامية، هذا التقدم الذي أحرزه بشير في الأيام القليلة التي سبقت اغتياله كان يشوبه اصرار بشير على القول بأن ما يهمه هو المحافظة على هوية لبنان المسيحية، فالمسلمون في لبنان وكثيرون من المسيحيين يفضلون هوية لبنان عربية، وقد اتفق عليها أخيراً في «اتفاق الطائف».
والنقطة الثانية هي عدم حسمه ولو بالقول موضوع معاهدة السلام مع اسرائيل، فجواب الشيخ بشير كان غامضاً عندما يقول: «أنا أتعهد بانسحاب السوريين والفلسطينيين، وسأطلب من رئيس الحكومة أن يتعهد بسحب الاسرائيليين»، ويضيف الشيخ بشير، وهنا كانت الرسالة واضحة: «بيغن وشارون يطالبان في الوقت الحاضر بمعاهدة صلح ليسحبا قواتهما من لبنان وعلى اللبنانيين خصوصاً السنّة أن يقرروا الثمن الواجب دفعه لتحقيق هذا الانسحاب».
وبتاريخ 14 سبتمبر 1982 وكانت الساعة نحو الرابعة بعد الظهر، دوى انفجار كبير سمعناه في الحازمية، عرفت في ما بعد انه استهدف بشير الجميل، ولم يتمكن رجال «الدفاع المدني» و«الصليب الأحمر» و«القوات اللبنانية» وغيرهم من تأكيد مقتل الرئيس المنتخب الا نحو الساعة الثامنة مساء، وعمت بيروت والمناطق بنسب متفاوتة موجات من الحزن الكبير والغضب العارم على غياب الرجل الذي استطاع خلال اثنين وعشرين يوماً فقط من انتخابه رئيساً للجمهورية، أن يحدث تياراً من الأمل والتفاؤل في جمهوره وفي جمهور آخر كان مناهضاً له ولخطه السياسي وممارساته السلطوية، وتعطلت باستشهاده خطط واسعة لبناء لبنان جديد، كان من الممكن أن يكون جنة حقيقية، أو أن يكون وبالاً على الناس ونهاية للبنان الذي عرفناه في القرن العشرين، لكثرة ما كان يختزن هذا الرجل من طموحات لا حدود لها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي