أليس من غير المعقول أن تظل قضية غير محددي الجنسية أو ما يُطلق عليها اصطلاحاً «البدون» معلقة ومن دون حل منذ ما يزيد عن 30 عاماً؟ أليس من الظلم والظلم ظلمات يوم القيامة ألا يكتفي أهل القرار بتجاهل الأمر ليتعدى ذلك إلى الإجحاف في الحقوق الإنسانية للنساء والرجال والأطفال ممن هو متواجد على أرض الكويت؟ أليس منا من أقسم كوزراء ونواب للأمة على احترام الدستور والذود عن مصالح الشعب، ومن أبرز تلك القواعد الدستورية احترام الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان للجميع؟ ألا نعتبر في قضية الاعتبارت الإنسانية لفئة البدون، كدولة وكشعب وفقاً للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي قمنا بالتوقيع والالتزام بها، مخالفين ومتجاوزين وخارجين عن الخط المستقيم؟
إنني لا أدعو في هذا المقال، ومن خلال الإجابات المطلوب الرد عليها، إلى منح الجنسية الكويتية لكل من عاش فترة من الزمن في الكويت أو طالب بها وهو لا يستحقها، ولا أدعو إلى تغييب الضوابط الكفيلة لمنح الجنسية لحماية النسيج الوطنى والاجتماعي بل أطالب بها، ولا أستحضر حين التصدي لهذا الموضوع الاعتبارات السياسية والانتخابية التي تدفع بالبعض إلى تقديم حلول ترقيعية من خلال مجلس الأمة أو مجلس الوزراء وبموجبها تمنح الجنسية لمن لا يستحقها فيقع الظلم على أهل الكويت ابتداء وعلى المستحقين للجنسية وتضيع الحقوق الإنسانية لمن يعيش على أرض الكويت في خضم فوضى المصالح.
إن الواجب الشرعي والدستوري يدعو أهل الكويت إلى التصدي الصادق والعادل لهذه القضية، بعيداً عن المصالح الضيقة. إننا نناشد الحكمة ونناشد إنسانية الوزراء والنواب والتيارت والنخب إلى تبنى خطوات جادة وحضارية نبدأها بإقرار التشريعات اللازمة للحفاظ على إنسانية وكرامة فئة البدون بتوفير التعليم والصحة والعيش الكريم ونلحقها بمشروع وطني نتفق عليه قريباً يضع الحلول النهائية لهذه القضية المزمنة فنعطي المستحقين الجنسية، ولو كانوا فئة قليلة منهم، ونرسم نظاماً للإقامة الدائمة أو الموقتة للبعض الآخر، ونشجع العديد منهم للمغادرة في حال توافر ما يلزم من عيش كريم في دول أخرى، ونتشدد مع آخرين لحماية أمن البلد وتعزيز نسيجه الاجتماعي... إننا ندعو إلى تسكير هذا الملف وبصورة عادلة للجميع في إطار التوافق مع مبادئنا الإسلامية ونصوص دستور دولة الكويت وحماية مصالحنا العليا حاضراً ومستقبلاً.
فكرة: قيام أعضاء لجنة معالجة أوضاع غير محددي الجنسية بمجلس الأمة بعقد ندوة نقاشية يشارك فيها المختصون من أهل القانون وعلم الاجتماع ورجال الداخلية ومؤسسات المجتمع المدني لبحث الخيارات التشريعية الأمثل لتسكير الملف تشريعياً ودعمه إنسانياً.
محمد الدلال
كاتب كويتي
[email protected]