«كنت أول من طرح لدى السوريين اسم من سيخلف فرنجية كي يعود النهج الشهابي»
الخطيب لـ «الراي»: عملت «بيدي ورجلي» لمجيء إلياس سركيس إلى سدة الرئاسة اللبنانية

إلياس سركيس وسليم الحص


يشير النائب والوزير السابق اللواء سامي الخطيب في هذه الحلقة إلى تسوية أوضاعه مع رفاقه من الضباط الذين لجأوا إلى في العام 1973، بعدما تحسنت العلاقة بين الرئيسين الراحلين حافظ الأسد وسليمان فرنجية.
ويلفت الخطيب في حديثه مع «الراي» إلى دوره أيام كان موجوداً بدمشق، العام 1974، في تسويق ترشيح إلياس سركيس لدى الرئيس الأسد لما يشكل ذلك من عودة للنهج الشهابي إلى الحكم في لبنان. وإلى نص الحوار:
• بعد اللجوء إلى سورية كيف عدت الى لبنان؟
- حصلت تسوية لقضيتنا أمام القضاء اللبناني، وكان ذلك جزءاً من المصالحة التي تمت حينها بين الرئيسين سليمان فرنجية وحافظ الأسد.
• في عهد فرنجية الذي لاحقكم؟
- في أواخر عهده، وقد رفض أن يترك هذا الموضوع للرئيس الجديد وقال يومها: «نحن غلطنا مع الشباب ونحن نسوي غلطنا، وهؤلاء الشباب ظلموا وأنا من ظلمهم ولذا أنا من سيرد إليهم حقوقهم».
• وعدتم الى السلك العسكري؟
- أنا عدت، أما غابي لحود فلا، وقد استعدت كل رتبي وترقياتي وأقدمياتي ورواتبي، لأن المرسوم الذي صدر وعدنا بموجبه اعتبر مرسوم محاكمتنا كأنه لم يكن.
• هل صحيح أنك مع الضباط الذين لجأوا إلى سورية كان لكم تأثير في إقناع الرئيس حافظ الأسد بدعم الرئيس الياس سركيس ليتولى سدة الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان فرنجية؟
- بالتحديد أنا شخصياً طرحت موضوع الرئيس سركيس في سورية عام 1974 قبل عودتي إلى لبنان، وطرحت موضوعه في جلسات عدة.
• كنت تمهد له الطريق للرئاسة؟
- عملت لذلك «بيدي ورجلي»، لأنني كنت أرى في تبوّئه سدة الرئاسة وهو شهابي رد اعتبار لكرامة جيشي وبلدي ووطني، وهذا ما كنت أسعى إليه في الحقيقة، وكنت في الوقت نفسه أخدم لبنان وأخدم سورية لأنني كنت أرى أن من مصلحة البلدين أن يأتي شخص مثل إلياس سركيس إلى الحكم في لبنان.
• وهل اقتنع الرئيس الأسد؟
- هناك ظروف عربية ودولية ساعدت في ذلك، فأنا أول من طرح اسمه للرئاسة في سورية، وأول من بين صفاته الرئاسية وقدمتها للعقل السوري والعقل العربي ووضعتها على الطاولة، لأن مسألة رئاسة الجمهورية في لبنان تحل دائماً عن طريق وفاق عربي وأوروبي، أو وفاق عربي - أميركي، وفي ما بعد علمت أن «السيبة ركبت» أميركياً وسورياً بموافقة الاتحاد السوفياتي على الرئيس سركيس.
وبخلاف الدول المستقلة هناك شبه تسليم لدى معظم اللبنانيين بأن اسم رئيس الجمهورية الجديد هو شأن خارجي، وأنا بحكم موقعي في «الشعبة الثانية» سابقاً، خبرت هذه التجربة شخصياً، وهي وليدة ممارسات رافقت ظهور الكيان اللبناني منذ نشأته الأولى أيام المتصرفية والولايات، ولم يتغير الأمر أيام الانتداب الفرنسي، فكان المفوض السامي الفرنسي يسمي رئيس الجمهورية، وفي الأربعينات اتفق البريطانيون (سفيرهم بيرز) مع الفرنسيين الديغوليين (الجنرال كاترو) على اختيار الرئيس بشارة الخوري بعدما كان الاتفاق سائراً لمصلحة إميل إده، وبعدما لمع نجم عبد االناصر وبرز على الساحة السياسية في المنطقة وتمددت زعامته العربية عليها بسرعة فائقة، كان هو المؤهل للتوافق مع الأميركيين الذين كانوا على شواطئ لبنان عام 1958 على اللواء فؤاد شهاب، قائد الجيش اللبناني، ليكون الرئيس المنتخب خلفاً للرئيس كميل شمعون بعد انتهاء ولايته الرسمية في 22 سبتمبر عام 1958.
ووجودي لاجئاً سياسياً في دمشق يسّر لي أمرين اثنين هما في غاية الأهمية لمسألة اسم الرئيس الجديد في لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس فرنجية، وهما: إدراكي أن الرئيس الأسد هو وارث عبد الناصر على الساحة اللبنانية وفي هذا الموضوع هو خليفته، والثاني هو قربي من دائرة هذا الوارث والخليفة، وهذا ما جعلني أتلمس لنفسي دوراً فاعلاً ومؤثراً في هذا الاستحقاق، خصوصاً أن الياس سركيس كان في نظري فرصة جديدة لاسترداد الشهايبة لدورها ورسالتها في لبنان.
لقد بنيت هذا على متابعتي للرئيس الأسد في أدائه المميز لرئاسته وقيادته الحرب وكيف قررها وحضرها وهيأها ونظمها ونسقها مع الرئيس السادات، رغم التناقضات كلها التي كانت تحكم العلاقة بينهما، وكيف وظف انتصاره على الصعيدين العربي والعالمي بانتزاعه دوراً كبيراً لسورية في المنطقة والعالم. لقد أيقنت في نفسي أن بعضاً من زمام المنطقة سينقاد إلى هذا الرئيس الاستثنائي، خصوصاً عند الأقربين ولبنان في أولهم ولا سيما أن رياح الخماسين الفلسطينية والإسرائيلية بدأت عواصفها تهب على الساحة اللبنانية مع بداية العام 1975 منذرة بشر مستطير، وبدت معه الحاجة الملحة الى التعاون السوري - اللبناني لتفادي أي انفجار محتمل داخل البيت اللبناني، هذا البيت الذي بدأت تهزه التحركات الطائفية ذات الطابع الإسلامي المطالبة بالمشاركة الفعلية في الحكم الذي يستأثر به المسيحيون، خصوصاً الموارنة، وقد عبئت النفوس وشحنت بالتصريحات والندوات والمؤتمرات الصحافية التي كان يقوم بها أركان اللقاء الإسلامي الذي بدأ عند القيادات الإسلامية الزمنية ثم اتفق على أن يكون في عرمون تحت عناية رعاية مفتي الجمهورية الإسلامية الشيخ حسن خالد، حيث وضعت مسودات عدة تحتوي على بنود إصلاحات وتتضمن اقتراحات بتعديلات أساسية للدستور تحقق المشاركة الفعلية في القرار السياسي وفي إدارة الدولة.
ويلفت الخطيب في حديثه مع «الراي» إلى دوره أيام كان موجوداً بدمشق، العام 1974، في تسويق ترشيح إلياس سركيس لدى الرئيس الأسد لما يشكل ذلك من عودة للنهج الشهابي إلى الحكم في لبنان. وإلى نص الحوار:
• بعد اللجوء إلى سورية كيف عدت الى لبنان؟
- حصلت تسوية لقضيتنا أمام القضاء اللبناني، وكان ذلك جزءاً من المصالحة التي تمت حينها بين الرئيسين سليمان فرنجية وحافظ الأسد.
• في عهد فرنجية الذي لاحقكم؟
- في أواخر عهده، وقد رفض أن يترك هذا الموضوع للرئيس الجديد وقال يومها: «نحن غلطنا مع الشباب ونحن نسوي غلطنا، وهؤلاء الشباب ظلموا وأنا من ظلمهم ولذا أنا من سيرد إليهم حقوقهم».
• وعدتم الى السلك العسكري؟
- أنا عدت، أما غابي لحود فلا، وقد استعدت كل رتبي وترقياتي وأقدمياتي ورواتبي، لأن المرسوم الذي صدر وعدنا بموجبه اعتبر مرسوم محاكمتنا كأنه لم يكن.
• هل صحيح أنك مع الضباط الذين لجأوا إلى سورية كان لكم تأثير في إقناع الرئيس حافظ الأسد بدعم الرئيس الياس سركيس ليتولى سدة الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان فرنجية؟
- بالتحديد أنا شخصياً طرحت موضوع الرئيس سركيس في سورية عام 1974 قبل عودتي إلى لبنان، وطرحت موضوعه في جلسات عدة.
• كنت تمهد له الطريق للرئاسة؟
- عملت لذلك «بيدي ورجلي»، لأنني كنت أرى في تبوّئه سدة الرئاسة وهو شهابي رد اعتبار لكرامة جيشي وبلدي ووطني، وهذا ما كنت أسعى إليه في الحقيقة، وكنت في الوقت نفسه أخدم لبنان وأخدم سورية لأنني كنت أرى أن من مصلحة البلدين أن يأتي شخص مثل إلياس سركيس إلى الحكم في لبنان.
• وهل اقتنع الرئيس الأسد؟
- هناك ظروف عربية ودولية ساعدت في ذلك، فأنا أول من طرح اسمه للرئاسة في سورية، وأول من بين صفاته الرئاسية وقدمتها للعقل السوري والعقل العربي ووضعتها على الطاولة، لأن مسألة رئاسة الجمهورية في لبنان تحل دائماً عن طريق وفاق عربي وأوروبي، أو وفاق عربي - أميركي، وفي ما بعد علمت أن «السيبة ركبت» أميركياً وسورياً بموافقة الاتحاد السوفياتي على الرئيس سركيس.
وبخلاف الدول المستقلة هناك شبه تسليم لدى معظم اللبنانيين بأن اسم رئيس الجمهورية الجديد هو شأن خارجي، وأنا بحكم موقعي في «الشعبة الثانية» سابقاً، خبرت هذه التجربة شخصياً، وهي وليدة ممارسات رافقت ظهور الكيان اللبناني منذ نشأته الأولى أيام المتصرفية والولايات، ولم يتغير الأمر أيام الانتداب الفرنسي، فكان المفوض السامي الفرنسي يسمي رئيس الجمهورية، وفي الأربعينات اتفق البريطانيون (سفيرهم بيرز) مع الفرنسيين الديغوليين (الجنرال كاترو) على اختيار الرئيس بشارة الخوري بعدما كان الاتفاق سائراً لمصلحة إميل إده، وبعدما لمع نجم عبد االناصر وبرز على الساحة السياسية في المنطقة وتمددت زعامته العربية عليها بسرعة فائقة، كان هو المؤهل للتوافق مع الأميركيين الذين كانوا على شواطئ لبنان عام 1958 على اللواء فؤاد شهاب، قائد الجيش اللبناني، ليكون الرئيس المنتخب خلفاً للرئيس كميل شمعون بعد انتهاء ولايته الرسمية في 22 سبتمبر عام 1958.
ووجودي لاجئاً سياسياً في دمشق يسّر لي أمرين اثنين هما في غاية الأهمية لمسألة اسم الرئيس الجديد في لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس فرنجية، وهما: إدراكي أن الرئيس الأسد هو وارث عبد الناصر على الساحة اللبنانية وفي هذا الموضوع هو خليفته، والثاني هو قربي من دائرة هذا الوارث والخليفة، وهذا ما جعلني أتلمس لنفسي دوراً فاعلاً ومؤثراً في هذا الاستحقاق، خصوصاً أن الياس سركيس كان في نظري فرصة جديدة لاسترداد الشهايبة لدورها ورسالتها في لبنان.
لقد بنيت هذا على متابعتي للرئيس الأسد في أدائه المميز لرئاسته وقيادته الحرب وكيف قررها وحضرها وهيأها ونظمها ونسقها مع الرئيس السادات، رغم التناقضات كلها التي كانت تحكم العلاقة بينهما، وكيف وظف انتصاره على الصعيدين العربي والعالمي بانتزاعه دوراً كبيراً لسورية في المنطقة والعالم. لقد أيقنت في نفسي أن بعضاً من زمام المنطقة سينقاد إلى هذا الرئيس الاستثنائي، خصوصاً عند الأقربين ولبنان في أولهم ولا سيما أن رياح الخماسين الفلسطينية والإسرائيلية بدأت عواصفها تهب على الساحة اللبنانية مع بداية العام 1975 منذرة بشر مستطير، وبدت معه الحاجة الملحة الى التعاون السوري - اللبناني لتفادي أي انفجار محتمل داخل البيت اللبناني، هذا البيت الذي بدأت تهزه التحركات الطائفية ذات الطابع الإسلامي المطالبة بالمشاركة الفعلية في الحكم الذي يستأثر به المسيحيون، خصوصاً الموارنة، وقد عبئت النفوس وشحنت بالتصريحات والندوات والمؤتمرات الصحافية التي كان يقوم بها أركان اللقاء الإسلامي الذي بدأ عند القيادات الإسلامية الزمنية ثم اتفق على أن يكون في عرمون تحت عناية رعاية مفتي الجمهورية الإسلامية الشيخ حسن خالد، حيث وضعت مسودات عدة تحتوي على بنود إصلاحات وتتضمن اقتراحات بتعديلات أساسية للدستور تحقق المشاركة الفعلية في القرار السياسي وفي إدارة الدولة.