المادة الثانية من الدستور الكويتي نصت على أن «دين الدولة الإسلام...». ومن هذه المادة، نوجه الرسالة لكل ناخب وناخبة في مجتمعنا الكويتي، خصوصاً في موسم الانتخابات الذي أفرز دروساً مقاربة لدروس الأمس وقبل عقود عدة والتي تختلف في الشكل، لكن المضمون إلى حد ما، ظل كما هو.
ومن القرآن الكريم نوجه الرسالة، كناخب ومراقب للعملية الانتخابية التي لا تسر الناظرين من العقلاء الحكماء.
في القرآن سأل موسى ربه «واجعل لي وزيراً من أهلي،هارون أخي? اشدد به أزري? وأشركه في أمري».
وفي قصة موسى مع أهل مدين «...إن خير من استأجرت القوي الأمين».
وفي موضع آخر، قال يوسف عليه السلام للملك «...اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم».
والقصد هنا، القوة في العمل والأمانة في أدائه على الوجه المطلوب... ويوسف عليه السلام لم يكن طلبه حرصاً على الولاية وإنما هو رغبة منه في النفع العام.
إذاً? نحن أمام قاعدة ربانية قد يجهلها الكثير لأسباب تعود إلى موروث باطل «قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون»... فهم تأخذهم «الحمية» و«الفزعة» الخاطئة التي لا تبني وطناً وهذا طرف المعادلة الانتخابية الباطل.
والأحق أن يبحث الناخب والناخبة عن من يتصف بالقوة والأمانة في الأداء، فهو يبحث عن من ينقل همومه ويعين الجهاز التنفيذي ويراقب أداءه، ومن لا يملك القدرة على الحديث والمعرفة فمهما امتلك من مال و«بهرجة» وحسابات انتخابية يظل ضعيفاً لا يستحق الصوت الأمانة.
أسوق هذا للتدليل والتأكيد على أهمية انتخاب من يملك المعرفة والأمانة ويتحدث من واقع خبرة وعلم.
كثير من المرشحين يمتلكون مؤهلات بعضها عالٍ كالدكتوراه وبعضها منخفض يصل إلى حد القراءة والكتابة، لكن هذا لا يعيب أي مرشح!
العيب هو عدم امتلاك رؤية? علم? ثقافة وخبرة والأهم القدرة على الوقوف والتحدث عن ما ينوي القيام به وهو ما دفعني للمطالبة بعمل مناظرة بين المرشحين.
قد تكون الأحزاب أكثر تنظيماً في طريقة اختيارها لممثليها، لكن في دولة كالكويت حيث طريقة الاختيار وفق المثل البدوي/الشعبي الدارج «عد رجالك وأرد الماء» تبقى المسألة في غاية الصعوبة. طيب وإن كان رجالك لا تميز الأصلح عند الاختيار: هنا تقع المشكلة.
لذلك ما ألاحظه في طريقة الاختيار لا تتجاوز حد الانتماء سواء لقبيلة? أو فخذ أو عائلة أو كتلة أو فئة وعلى حسب قدرة تلك المجموعة عدد يعبر المرشح إلى الكرسي الأخضر الذي يسيل لعاب كثير من أحبتنا رغبة في الجلوس عليه وبعد ذلك... «تعال دور عن الإصلاح»!
أمر غريب... فأحبتنا يطالبون بالتغيير والإصلاح والذود عن المكتسبات الدستورية وفي الوقت نفسه، لا يستطيعون تغيير طريقة الاختيار للمرشح الذي ستوكل له مهمة تحقيق متطلبات التغيير.
أمر غريب... أصبحت «الفزعة» غير مبررة من الناحية الشرعية، وإن كانوا يصلون معنا في المساجد ويقرأون القرآن!
أمر غريب... فعندما نتحدث معهم وبكل شفافية عن الوضع المزري ونطالبهم بمنح الصوت الأمانة، نجدهم لا يدخلون البيوت من أبوابها الشرعية، بل وفق الموروث الشعبي سالف الذكر!
والحديث عن طريقة الوصول إلى المجلس، حديث مؤلم، فالمرشح الكفاءة والأمين المتصف بالقوة سيجد نفسه بين سؤال لم نجد له الإجابة الشافية: «ماذا يريد الناخب أو الناخبة إذا كان هذا اختيارهم»؟... فأرجو ألا يصاب أي مرشح «صح» بالنتيجة لأن كل من حوله قد شكل ثقافته على نحو خاطئ، بدءاً من الجانب الشرعي في طريقة الاختيار ونهاية بطريقة كسب الأصوات ومروراً بالمال السياسي الذي أصبح كـ «بيض الصعو» نسمع عنه ولا نراه وإن رأيناه يختفي على عجالة... وهذا سبب تراجعنا على مختلف المستويات. والله المستعان.
terki.alazmi@gmail.com
Twitter: @Terki_ALazmi