تحرير الجنيه المصري.. ما له وما عليه



قرر البنك المركزي المصري، اليوم، تحرير سعر صرف الجنيه ورفع أسعار الفائدة في خطوة «طال انتظارها» لإعادة الاستقرار لأسواق العملة بعد أسابيع من الاضطرابات.
وخفض البنك المركزي سعر صرف الجنيه بنسبة 32.3 بالمئة ليصل إلى سعر استرشادي مبدئي عند 13 جنيها للدولار مقارنة مع ربط العملة عند مستوى 8.8 جنيه للدولار منذ مارس الماضي.
وفاجأ الإعلان عن تحرير الجنيه الأسواق صباح اليوم ذلك أن البنك المركزي المصري ذهب أبعد مما توقع المصرفيون ليحرر سعر صرف الجنيه بالكامل.
لكن الخطوة كانت متوقعة لكثيرين، حيث أنه ومنذ الإعلان عن اتفاق المبادئ بين مصر وصندوق النقد الدولي بشأن قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات، والسوق المصرية والمتعاملون مع مصر ينتظرون تنفيذ أحد شروط هذا الاتفاق، وهو «تعويم الجنيه» المصري، وفق شبكة سكاي نيوز عربية.
ويرى اقتصاديون أن هذه الخطوة ستؤدي إلى اجتذاب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات.
وقال المحلل المالي، نادي عزام لـ«لعربية»، إن البنك المركزي المصري بالقرارات الجديدة يستهدف تنفيذ أحد أهم اشتراطات صندوق النقد الدولي للموافقة على منح مصر الدفعة الأولى من شرائح قرض الصندوق المتفق عليه بقيمة 12 مليار دو?ر.
وأوضح أنه أيضاً فتح الباب أمام ا?ستثمارات العربية والأجنبية والمحلية على مصراعيه، وأغلق الأبواب أمام المتاجرين بقوت الشعب، وأمام المتسببين في ارتفاع أسعار السلع لمستويات غير مبررة.
وبين أن القرارات الجديدة سوف تعمل على إزالة مخاوف المستثمرين العرب والأجانب من العودة إلى الاستثمار في مصر، كما تساعد على تنشيط الأسواق، وترفع معدلات النمو للاقتصاد المصري، وأيضاً ستعمل على إنعاش البورصة المصرية، كما تعمل على إعادة أسعار السلع والخدمات إلى مستوياتها الحقيقية.
من جهته، رأى صندوق النقد الدولي أن قرار مصر تحرير سعر صرف الجنيه سيعزز قدرتها التنافسية ويساعد في جذب الاستثمار الأجنبي مما يسهم بدوره في تعزيز النمو وتوفير فرص العمل.
وقال رئيس بعثة مصر بصندوق النقد كريس جارفيس في بيان "نرحب بما قرره البنك المركزي المصري من تحرير نظام الصرف الأجنبي واعتماد نظام مرن لسعر الصرف. وفي ظل النظام الجديد سيكون الناس على استعداد لبيع العملة الأجنبية وشرائها أيضا وبذلك يوفر العملة في السوق".
وأضاف "سيؤدي نظام سعر الصرف المرن الذي يتحدد فيه سعر الصرف تبعا لقوى السوق إلى تحسين تنافسية مصر الخارجية ودعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي. وكل ذلك سيساعد على تعزيز النمو وتوفير فرص العمل وتقوية مركز مصر الخارجي".
ووفق بيان المركزي المصري فإن "حزمة الإصلاحات النقدية والمالية المتكاملة تمكن الإقتصاد المصري من مواجهة التحديات القائمة وإطلاق قدراته وتحقيق معدلات النمو والتشغيل المنشودة بما يتناسب مع إمكانيات وموارد مصر البشرية والطبيعية والمادية".
وأوضح أن قرارات البنك المركزي "تأتي في سياق البرنامج الأوسع للإصلاح المالي والهيكلي الذي أعلنته الحكومة المصرية وجار تنفيذه بإحكام لتخفيض عجز الموازنة والدين العام من خلال إستكمال إصلاح منظومة الدعم وترشيد الإنفاق الحكومي وخفض الواردات خاصة الإستيراد العشوائي وزيادة الصادرات وتشجيع الإستثمار المحلي والأجنبي وبرنامج الطروحات في البورصة المصرية".
وقفزت السندات الدولارية لمصر عبر شتى آجال الاستحقاق اليوم مع ارتفاع بعض الإصدارات نحو سنتين بعدما تقرر تحرير سعر الصرف.
وأظهرت بيانات تريدويب أن السندات المصرية الحكومية لأجل عشر سنوات التي جرى إصدارها العام الماضي ارتفعت 2.2 سنت للدولار، بينما ارتفعت السندات استحقاق 2020 و2040 بواقع 0.7 سنت وسنتين على الترتيب.
انطلاقاً من هذه المعطيات، وقبل الإضاءة على آثار قرار تحرير الجنيه المصري.. ماذا يعني تعويم العملة الوطنية لأي بلد؟ وما أثره على الاقتصاد الكلي وعلى عامة الناس في تفاصيل حياتهم؟
«التعويم» أداة من أدوات السياسة النقدية للدول، تستخدم فقط مع العملات التي تحدد الحكومات قيمتها، ولا تكون متروكة لعوامل أخرى.
ويختلف التعويم عن «انخفاض قيمة العملة»، الذي تحدده السوق المفتوحة على أساس العرض والطلب.
والتعويم عكس الربط، فالعملات المربوطة مقابل عملة رئيسية أو سلة عملات يتم تعويمها من خلال «فك» الربط جزئيا أو كليا.
أما انخفاض قيمة العملة فعكسه ارتفاع قيمتها، كما يحدث للعملات الرئيسية في الأسواق الحرة مثل الدولار الأميركي أو اليورو أو غيرها. إذ ترتفع قيمة تلك العملات أو تنخفض في السوق حسب العرض والطلب، وقوة أساسيات الاقتصادات التي تمثلها، وتصرفات المضاربين في أسواق العملات.
وفي حالة مصر، فإن الحكومة المصرية كانت تربط عملتها (الجنيه) بالدولار عن سعر ثابت هو السعر الرسمي في البنوك، لكن نقص العملة الأجنبية يجعل سعر الدولار في السوق السوداء أعلى بكثير.
وهكذا تثبت الحكومة قوة عملتها الوطنية بالربط، وتخفض السوق السوداء قيمة العملة عبر رفع سعر الدولار مقابلها لتلبية طلب المستثمرين على الدولار، الذي لا يتوفر لهم عبر السوق الرسمي.
ولمواجهة زيادة تجارة الدولار في السوق السوداء قرر البنك المركزي المصري (المناط به سياسة الحكومة النقدية) تفعيل أداة التعويم وفك ربط الجنيه المصري بالدولار جزئياً، ليعومه بنسبة 14 في المئة في مارس الماضي.
ورغم تحسن البورصة المصرية ورد الفعل الإيجابي في السوق، إلا أن السوق السوداء عادت لتنشط أكثر من السابق ما جعل الجميع يتكهن أن الحكومة ستقرر مزيداً من التعويم الشهر الماضي.
ورغم أن ذلك لم يحدث، إلا أن الأسواق كلها بانتظار قرار التعويم كجزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ومن شأن تعويم الجنيه المصري أن يقلل الضغط على البنك المركزي فيما يتعلق بحجم احتياطيات العملة الأجنبية فيه، لكن هذا العامل في الاقتصاد الكلي ليس مهما كثيرا، وإنما الأهم أن انخفاض قيمة العملة الوطنية نتيجة التعويم سيؤدي إلى زيادة الصادرات.
فالمنتجات المصرية ستصبح أرخص كثيراً في الأسواق الخارجية (لأن الجنيه المصري انخفضت قيمته كثيراً مقابل الدولار واليورو وغيرهما) ومن ثم تصبح أكثر تنافسية.
في المقابل، ستصبح الواردات أغلى كثيراً، ومن ثم سيصعب على المصريين شراء الكثير من السلع المستوردة لارتفاع أسعارها بشدة وهذا بالتالي سيزيد من استهلاك السلع المحلية، ويزيد من النشاط الاقتصادي الداخلي.
لكن اختلال ميزات الصادرات والواردات يؤدي غالبا إلى ما يسمى «تضاعف الطلب الجمعي»، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم، وذلك طبعا بالحسابات النظرية وفق «كتب الاقتصاد».
إلا أنه يضاف لذلك أن نسبة «الاقتصاد الموازي» (أي ما هو خارج الكتاب) في مصر تكاد تساوي نسبة الاقتصاد الرسمي، ما يعني أن معدلات التضخم الحقيقية ستكون أعلى بكثير مما يسببه تضاعف الطلب الجمعي، وقد يعني ذلك مزيداً من الضغوط على الطبقات الفقيرة.
وخفض البنك المركزي سعر صرف الجنيه بنسبة 32.3 بالمئة ليصل إلى سعر استرشادي مبدئي عند 13 جنيها للدولار مقارنة مع ربط العملة عند مستوى 8.8 جنيه للدولار منذ مارس الماضي.
وفاجأ الإعلان عن تحرير الجنيه الأسواق صباح اليوم ذلك أن البنك المركزي المصري ذهب أبعد مما توقع المصرفيون ليحرر سعر صرف الجنيه بالكامل.
لكن الخطوة كانت متوقعة لكثيرين، حيث أنه ومنذ الإعلان عن اتفاق المبادئ بين مصر وصندوق النقد الدولي بشأن قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات، والسوق المصرية والمتعاملون مع مصر ينتظرون تنفيذ أحد شروط هذا الاتفاق، وهو «تعويم الجنيه» المصري، وفق شبكة سكاي نيوز عربية.
ويرى اقتصاديون أن هذه الخطوة ستؤدي إلى اجتذاب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات.
وقال المحلل المالي، نادي عزام لـ«لعربية»، إن البنك المركزي المصري بالقرارات الجديدة يستهدف تنفيذ أحد أهم اشتراطات صندوق النقد الدولي للموافقة على منح مصر الدفعة الأولى من شرائح قرض الصندوق المتفق عليه بقيمة 12 مليار دو?ر.
وأوضح أنه أيضاً فتح الباب أمام ا?ستثمارات العربية والأجنبية والمحلية على مصراعيه، وأغلق الأبواب أمام المتاجرين بقوت الشعب، وأمام المتسببين في ارتفاع أسعار السلع لمستويات غير مبررة.
وبين أن القرارات الجديدة سوف تعمل على إزالة مخاوف المستثمرين العرب والأجانب من العودة إلى الاستثمار في مصر، كما تساعد على تنشيط الأسواق، وترفع معدلات النمو للاقتصاد المصري، وأيضاً ستعمل على إنعاش البورصة المصرية، كما تعمل على إعادة أسعار السلع والخدمات إلى مستوياتها الحقيقية.
من جهته، رأى صندوق النقد الدولي أن قرار مصر تحرير سعر صرف الجنيه سيعزز قدرتها التنافسية ويساعد في جذب الاستثمار الأجنبي مما يسهم بدوره في تعزيز النمو وتوفير فرص العمل.
وقال رئيس بعثة مصر بصندوق النقد كريس جارفيس في بيان "نرحب بما قرره البنك المركزي المصري من تحرير نظام الصرف الأجنبي واعتماد نظام مرن لسعر الصرف. وفي ظل النظام الجديد سيكون الناس على استعداد لبيع العملة الأجنبية وشرائها أيضا وبذلك يوفر العملة في السوق".
وأضاف "سيؤدي نظام سعر الصرف المرن الذي يتحدد فيه سعر الصرف تبعا لقوى السوق إلى تحسين تنافسية مصر الخارجية ودعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي. وكل ذلك سيساعد على تعزيز النمو وتوفير فرص العمل وتقوية مركز مصر الخارجي".
ووفق بيان المركزي المصري فإن "حزمة الإصلاحات النقدية والمالية المتكاملة تمكن الإقتصاد المصري من مواجهة التحديات القائمة وإطلاق قدراته وتحقيق معدلات النمو والتشغيل المنشودة بما يتناسب مع إمكانيات وموارد مصر البشرية والطبيعية والمادية".
وأوضح أن قرارات البنك المركزي "تأتي في سياق البرنامج الأوسع للإصلاح المالي والهيكلي الذي أعلنته الحكومة المصرية وجار تنفيذه بإحكام لتخفيض عجز الموازنة والدين العام من خلال إستكمال إصلاح منظومة الدعم وترشيد الإنفاق الحكومي وخفض الواردات خاصة الإستيراد العشوائي وزيادة الصادرات وتشجيع الإستثمار المحلي والأجنبي وبرنامج الطروحات في البورصة المصرية".
وقفزت السندات الدولارية لمصر عبر شتى آجال الاستحقاق اليوم مع ارتفاع بعض الإصدارات نحو سنتين بعدما تقرر تحرير سعر الصرف.
وأظهرت بيانات تريدويب أن السندات المصرية الحكومية لأجل عشر سنوات التي جرى إصدارها العام الماضي ارتفعت 2.2 سنت للدولار، بينما ارتفعت السندات استحقاق 2020 و2040 بواقع 0.7 سنت وسنتين على الترتيب.
انطلاقاً من هذه المعطيات، وقبل الإضاءة على آثار قرار تحرير الجنيه المصري.. ماذا يعني تعويم العملة الوطنية لأي بلد؟ وما أثره على الاقتصاد الكلي وعلى عامة الناس في تفاصيل حياتهم؟
«التعويم» أداة من أدوات السياسة النقدية للدول، تستخدم فقط مع العملات التي تحدد الحكومات قيمتها، ولا تكون متروكة لعوامل أخرى.
ويختلف التعويم عن «انخفاض قيمة العملة»، الذي تحدده السوق المفتوحة على أساس العرض والطلب.
والتعويم عكس الربط، فالعملات المربوطة مقابل عملة رئيسية أو سلة عملات يتم تعويمها من خلال «فك» الربط جزئيا أو كليا.
أما انخفاض قيمة العملة فعكسه ارتفاع قيمتها، كما يحدث للعملات الرئيسية في الأسواق الحرة مثل الدولار الأميركي أو اليورو أو غيرها. إذ ترتفع قيمة تلك العملات أو تنخفض في السوق حسب العرض والطلب، وقوة أساسيات الاقتصادات التي تمثلها، وتصرفات المضاربين في أسواق العملات.
وفي حالة مصر، فإن الحكومة المصرية كانت تربط عملتها (الجنيه) بالدولار عن سعر ثابت هو السعر الرسمي في البنوك، لكن نقص العملة الأجنبية يجعل سعر الدولار في السوق السوداء أعلى بكثير.
وهكذا تثبت الحكومة قوة عملتها الوطنية بالربط، وتخفض السوق السوداء قيمة العملة عبر رفع سعر الدولار مقابلها لتلبية طلب المستثمرين على الدولار، الذي لا يتوفر لهم عبر السوق الرسمي.
ولمواجهة زيادة تجارة الدولار في السوق السوداء قرر البنك المركزي المصري (المناط به سياسة الحكومة النقدية) تفعيل أداة التعويم وفك ربط الجنيه المصري بالدولار جزئياً، ليعومه بنسبة 14 في المئة في مارس الماضي.
ورغم تحسن البورصة المصرية ورد الفعل الإيجابي في السوق، إلا أن السوق السوداء عادت لتنشط أكثر من السابق ما جعل الجميع يتكهن أن الحكومة ستقرر مزيداً من التعويم الشهر الماضي.
ورغم أن ذلك لم يحدث، إلا أن الأسواق كلها بانتظار قرار التعويم كجزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ومن شأن تعويم الجنيه المصري أن يقلل الضغط على البنك المركزي فيما يتعلق بحجم احتياطيات العملة الأجنبية فيه، لكن هذا العامل في الاقتصاد الكلي ليس مهما كثيرا، وإنما الأهم أن انخفاض قيمة العملة الوطنية نتيجة التعويم سيؤدي إلى زيادة الصادرات.
فالمنتجات المصرية ستصبح أرخص كثيراً في الأسواق الخارجية (لأن الجنيه المصري انخفضت قيمته كثيراً مقابل الدولار واليورو وغيرهما) ومن ثم تصبح أكثر تنافسية.
في المقابل، ستصبح الواردات أغلى كثيراً، ومن ثم سيصعب على المصريين شراء الكثير من السلع المستوردة لارتفاع أسعارها بشدة وهذا بالتالي سيزيد من استهلاك السلع المحلية، ويزيد من النشاط الاقتصادي الداخلي.
لكن اختلال ميزات الصادرات والواردات يؤدي غالبا إلى ما يسمى «تضاعف الطلب الجمعي»، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم، وذلك طبعا بالحسابات النظرية وفق «كتب الاقتصاد».
إلا أنه يضاف لذلك أن نسبة «الاقتصاد الموازي» (أي ما هو خارج الكتاب) في مصر تكاد تساوي نسبة الاقتصاد الرسمي، ما يعني أن معدلات التضخم الحقيقية ستكون أعلى بكثير مما يسببه تضاعف الطلب الجمعي، وقد يعني ذلك مزيداً من الضغوط على الطبقات الفقيرة.