لقاء / نصح أولياء الأمور بمشاركة الصغار مخاوفهم وبث روح التفاؤل في نفوسهم

مراد لـ «الراي»: باللعب ... يتغلب الطفل على التبول اللاإرادي والخوف والعناد وفرط الحركة

تصغير
تكبير
| حوار عفت سلام |
شدد اختصاصي العلاج النفسي في وحدة علاج الاطفال في مستشفى الطب النفسي الدكتور وليد مراد، على اهمية دور الاسرة في توفير الاستقرار والامن النفسي للاطفال، محذرا من مغبة الخلافات الاسرية على صحة الاطفال النفسية، مطالبا باكسابهم المهارات الحياتية التي تساعدهم على مواجهة اي صدمات انية او مستقبلية، والتغلب على مخاوفهم الداخلية، لافتا إلى اهمية سرعة ادماج هؤلاء الاطفال في المجتمع، ومع ذويهم الاصحاء.
وأكد مراد في حواره مع «الراي» اهمية الخدمات التي تقدمها وحدة الخدمة النفسية الاكلينيكية في مستشفى الطب النفسي، للاطفال المحولين اليه من المراكز الصحية كافة، وفرق في طرق الخدمة بين الاطفال طبقا للعمر والحالة الصحية والنفسية والاجتماعية، لافتا إلى النجاح الكبير الذي حققته البرامج العلاجية التي قدمت للاطفال الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والسلوكية وبطء التعلم والمعاقين ذهنيا، مؤكدا انها اسفرت عن نتائج ايجابية، وصفها بالمذهلة، وقال ان «الطفل يعود بعد تلقي هذه البرامج إلى حالته الطبيعية، ويمكنه ممارسة حياته كأي شخص طبيعي باتزان».

ونبه مراد إلى خطورة تجاهل الاسرة للاضطرابات التي يعاني منها الابناء، مطالبا بسرعة التعامل معها عن طريق الاختصاصيين، محذرا من مغبة التأخر في ذلك على سلوك الابناء، وقدرتهم على التحصيل العلمي، معددا الخدمات التي تقدمها وحدة علاج الاطفال... وهنا التفاصيل.
في البداية قال الدكتور مراد ان «وحدة علاج الاطفال تضم اخصائيين في العلاج النفسي، ومن حاملي الدكتوراه والماجستير والمؤهلات العليا، والخبرات التي تؤهلهم للقيام بعملهم بشكل جيد ومتميز، موضحا ان الوحدة تخضع مباشرة لرئيسة وحدة الخدمة النفسية الاكلينيكية الدكتورة بثينة المقهوي، صاحبة الخبرة العريقة في هذا المجال».
وأوضح ان «سياسة العمل في الوحدة تستقبل الاطفال المحولين اليها من العيادات الخارجية بمستشفى الطب النفسي - عيادة الاطفال في المستشفى الاميري، ومستشفى مبارك، والطب الطبيعي، ومستشفى الاحمدي، والمجلس الاعلى للمعاقين، واللجان الطبية من عمر 14 سنة فأقل، والطب التطوري بمستشفى الصباح، ومستشفى الجهراء، والمراكز الصحية، ومستشفى الفروانية، والمستوصفات، ومركز الامراض الوراثية».
التقييم النفسي
وعن الخدمات التي تقدمها الوحدة للاطفال قال انها تجري تقييما نفسيا شاملا للطفل لتحديد نسبة ذكائه، ومدى الاعاقة التي يعانيها وتقييم الشخصية والاضطرابات السلوكية التي يستشعرها اضافة إلى تشخيص حالة الطفل لعمل تقرير نفسي مفصل، كما تقدم الوحدة العلاج النفسي المطلوب للطفل من خلال البرامج العلاجية لكل من: الاطفال المعاقين ذهنيا، وبطء التعلم، والاطفال الذين يعانون المخاوف وفرط النشاط الحركي الزائد، وحالات الصمت الاختياري، وبعض الاضطرابات السلوكية الاخرى سواء عن طريق العلاج السلوكي او العلاج باللعب او برامج التنمية الفكرية وتدريبات التركيز والانتباه والذاكرة، وبرامج تنمية المهارات الاجتماعية والنفسية.
واشار إلى مدة برنامج العلاج تستمر نحو «3 أشهر، عن طريق جلسات اسبوعية تتراوح مدة الجلسة من45 إلى 50 دقيقة، بعدها يتم نقل الطفل لبرنامج تكميلي واحيانا يتم اعادة البرنامج حسب تقدم حالة الطفل».
متابعة الوالدين
واشار مراد إلى اهمية متابعة الوالدين للبرنامج مع الطفل في المنزل، لافتا إلى ان عيادة الاطفال تقوم شهريا بعمل انشطة علاجية متنوعة للاطفال، كما تحرص وحدة العلاج على تقديم الخدمات التدريبية للاختصاصيين الجدد ولطلاب الجامعة اضافة إلى تقديم برنامج توعوي لأولياء الامور خلال المحاضرات الشهرية.
خطوات العمل
واشار إلى الخطوات المتبعة في الوحدة تتلخص في عملية استقبال الحالات المحولة للتقييم والعلاج النفسي من كل المراكز والمستشفيات وتحديد موعد لكل حالة بشرط تواجد احد الوالدين أو كليهما مع الطفل، واضاف ان هناك اهمية كبرى لاجراء مقابلة اكلينيكية مع الوالدين للحصول على كل التفاصيل الخاصة عن تطور الحالة واعراضها المرضية وتسجيل بعض الملاحظات السلوكية التي يقوم بها الطفل خلال المقابلة، كما تجرى الاختبارات النفسية اللازمة عن طريق نموذج التحويل، والمقابلة الاكلينيكية لتشخيص الحالة، ليحدد بعدها عمل برنامج للعلاج السلوكي، أوالعلاج باللعب، او البرامج الخاصة لتنمية المهارات.
وشدد مراد على اهمية التعرف على اساليب التعامل مع الاطفال والمراهقين اثناء الازمات التي تنتابهم عند التعرض لموقف استثنائي خارج حدود الخبرة الانسانية، وفوق قدرة الانسان على مواجهته، وقال ان «الاطفال من اشد الفئات العمرية تأثيرا بالظروف الصعبة، لعدم قدرتهم على التكيف بسرعة، لذا يحتاج الطفل دائما إلى المساندة المباشرة من قبل والديه وافراد اسرته»، واضاف ان «ردود افعال الاطفال نحو الخبرات المؤلمة والاخطار، تصيبهم بالخوف الشديد لاحساسهم بان الخطر يهددهم وذلك لعدم ادراكهم، مايدور حولهم من احداث مثل سماع صفارات الانذار مثلا، مشيرا إلى اهمية عمر الطفل على تفهم الاحداث وفي التفاعل معها، ضاربا مثالا على ذلك يتعرض الطفل من عمر 2 إلى 5 سنوات للخوف الشديد عند سماع صفارة الانذار، وغيرها من المواقف التي تساعد على ظهور المشاكل السلوكية مثل الالتصاق الشديد بالأهل، او التبول اللاارادي ومص الاصابع».
ومضى مراد يقول ان «المرحلة العمرية للطفل من عمر 6-12 سنة، تعتمد في تفاعله مع الاحداث المؤلمة على الخيال، فقد يتخيل هؤلاء الاطفال انهم نجو من الاحداث، او انهم منعوا الحوادث، لذا نجدهم يستخدمون اسلوب الانكار، وبعضهم قد لا يظهر الخوف او القلق، اما البعض الآخر فقد تظهر عليه عوارض جسدية نفسية المنشأ، مثل الشعور بالدوار او الاسهال او القيء، او قد يظهر البعض خوفهم مستخدمين اسلوب العدوانية والصراخ والعصبية وهناك من يعود إلى التبول اللاادراي».
وقال ان «المراهقين من عمر 13-16 عاما، يحتاجون إلى التحدث عن الخبرات المؤلمة والتعبير عنها بصراحة من دون مساعدة الاهل ويعبر هؤلاء المراهقون عن ردود افعالهم تجاه المواقف الضاغطة بالتمرد على الوالدين او الانعزال عن الناس».
التغلب على الخوف
ونبه الدكتور مراد الاهالي إلى ضرورة مساعدة الاطفال والمراهقين للتغلب على مخاوفهم من خلال احاطة الطفل بما يدور حوله، وما يجب عمله عند سماع سفارة الانذار مثلا كما يجب بث روح التفاؤل، ومشاركة الكبار للصغار في مخاوفهم والتعبير عنها بصوت عال والابتعاد عن اعطاء الابناء المواعظ والنصائح المباشرة مثل «لا تخف ماكو شيء يخوف» واستبدال هذه العبارات بالقول نحن نفهم انك خائف وسنتعامل معا لازالة هذه المخاوف، وبين ان «اختلاف ردود افعال الاطفال تجاه الصدمات يرجع إلى اختلاف المستويات العمرية حيث تشكل الصدمة عند الاطفال في مرحلة ما قبل المدرسة مظاهر عدة وهي: الضيق القلق الاحلام المزعجة، اضرابات النوم، اما بالنسبة لتأثير الصدمة على الاطفال في سنوات المدرسة فهي الاستجابة لتأثير الخبرات الصدمية السابقة اضافة إلى الخوف من المدرسة والانتقاص من الذات، والمشاجرة والغضب، اما في الاضطرابات مرحلة المراهقة، فقد يلجأ فيها المراهقون إلى تغير الشخصية والجنوح نحو العنف والقلق واللامبالاة، اضافة إلى الاضطرابات السابق ذكرها».
العلاج باللعب
واكد مراد ان الطفل القادر على اللعب هو الذي يتمتع بالصحة النفسية، موضحا ان اللعب احد الجوانب الاساسية والمهمة في نمو الطفل، فعن طريق خبرة اللعب يتفتح ذهن الطفل، مما يساعد على سعة الخيال والقدرة على الابداع، كذلك تساهم خبرة اللعب في النمو الجسمي والاجتماعي والانفعالي والمعرفي، وتعتبر القدرة على اللعب احدى علامات الصحة النفسية عند الاطفال.
وأعتبر العلاج باللعب هو أحد اساليب العلاج النفسي اذ يستخدم للتواصل لفهم الطفل ومساعدته على التعبير عن انفعالاته، لافتا إلى ان خبرة اللعب فرصة جيدة للطفل لان يعيش حياته في ظروف آمنة وغير مهددة، حيث يستطيع أثناء اللعب بالدمى ان يحكي قصة حياته، وعلاقته مع والديه ومع رفاقه واخوانه».
واضاف انه «يمكن التعرف على نفسية الطفل من خلال اللعب حيث يستطيع ان يعبر عن مشاعره التي تنتج عن الضغوط والاحباطات، وعدم الأمان، كما يساعد اللعب على تفاعل واسترخاء الطفل»، مؤكدا ان «جميع انواع اللعب ذات قيمة علاجية لانها تساهم في تنمية تقدير الذات».
وأشار مراد إلى اهمية الاهداف المرجوة من العلاج باللعب من حيث تشخيص الاضطرابات الانفعالية والسلوكية، خصوصا ان اللعب اصبح وسيلة ليقوم الطفل بالتعبير عن خيالاته ومشاعره وفي تفريغ انفعالاته، مشددا على اهمية العلاج باللعب من خلال الجلسات التي يحددها المعالج»، او المرشد النفسي مع الطفل بعد مقابلة الوالدين للتعرف على المشاكل السلوكية والنفسية التي يعاني منها الطفل، مضيفا ان المقصود من العلاج باللعب هو مساعدة الطفل في حل المشاكل التي يعاني منها مثل التبول اللا ارادي، العناد، فرط الحركة، عدم الانتباه، الصمت، والتخلص من الضغوط النفسية الناجمة عن التفكك الاسري مثل الطلاق، او عن اساءة معاملة الطفل، وغير ذلك من المشكلات السلوكية.
ومضى الدكتور مراد يقول ان «تعليم الاطفال مهارات الحياة اليومية وفنون التعامل مع الذات، ومع الاخرين، اصبح ضرورة اساسية في المنهج التربوي، إلى جانب التعليم العام لانه احدى الركائز المهمة في تنمية شخصية الطفل والمراهق، اذ يساعد الاطفال على التعامل مع الضغوط التي تواجههم، الخاصة بالسعادة، والحزن، والغضب، والوحدة وغيرها، مشيرا إلى أهمية تعليم اولياء الامور مهارات وفنون الحياة عن طريق اللعب معهم».
وتطرق مراد إلى سلوك العناد عند الطفل وعدم استجابته لاي توصية والاصرار على التمسك بتصرفاته الخاطئة، معتبرا العناد من الاضطرابات السلوكية الشائعة عند الطفل للفت الانتباه، اليه ولتحقيق رغبة معينة، فقد يصر على ارتداء احد الاثواب عنادا في والدته، او يرفض تناول الطعام على الرغم من انه يعاني من الجوع.
واضاف ان اصرار الام على اجبار الطفل على تنفيذ الاوامر قد يدفع الطفل إلى الاصرار على ما يريده هو وليس ما يطلب منه، لذلك يجب علي الام جذب انتباه الطفل بتقديم الشيء المحبب له «لعبة - حلوى» مع اعطائه التوجيهات باسلوب طبيعي، وتجنب اعطاء اكثر من امر في وقت واحد، مؤكدا اهمية الابتعاد عن العقاب اللفظي والبدني.
وخلص مراد في حديثه إلى كيفية تفهم سلوك الغضب عند الاطفال وعلاجه، مقسما الغضب إلى نوعين، الاول: غضب ايجابي، ويظهر على الطفل بالصراخ، او كسر اشياء، والرفس والثاني هو الغضب السلبي ويظهر في حالة انطواء مع كبت المشاعر، لذا نجد الطفل يرفض الطعام والذهاب إلى المدرسة او الخروج مع والديه، مؤكدا ان معظم مصادر الغضب تأتي من الوالدين والاخوة ومن اقرانه في المدرسة بسبب اجبار الطفل على عمل شيء لا يرغب القيام به، مثل الالحاح بعدم المشي مع هذا الشخص، او الاستذكار، او تكليفه باعمال فوق طاقته مع امكانية السيطرة على الغضب عن طريق الابتعاد عن مسببات اثارة الغضب، مع منح الطفل الحرية في ممارسة هواياته وعدم ارغامه على تقبل الاوامر من دون اقناعه.
اما بالنسبة لسلوك الغيرة عند الاطفال فأكد مراد انها ناتجة عن حالة انفعالية يشعر بها الطفل، وتظهر من خلال افعال سلوكية تصبح حافزا على المنافسة والتفوق، والكثير منها مغير لنمو شخصية الطفل، وتظهر من خلال السلوك العدواني والانانية والنقد والثورة واحيانا تظهر الغيرة، على شكل الانطواء وعدم المشاركة وجميع هذه الظواهر تمثل الشعور بالنقص.
واضاف ان «تعديل سلوك الغيرة عند الاطفال يرتبط باتباع الاساليب الآتية: المساواة بين الاخوة، وحسن المعاملة، وعدم التدليل الزائد، البعد عن المشاكل والخلافات الاسرية، والابتعاد عن المقارنة او المفاضلة بين اخ واخر او بين الابن وصديقه.
التبول اللاارادي
قال الدكتور وليد مراد ان التبول اللاارادي عند الاطفال «متربط بعوامل نفسية واجتماعية وتربوية عدة منها: الاهمال في تدريب الطفل على استخدام المرحاض، والتدريب المبكر على التحكم في التبول، فضلا عن استخدام الضرب كوسيلة لردعه، والخلافات الاسرية، وانفصاله عن الام بداية دخوله إلى المدرسة، الغيرة بسبب ولادة طفل جديد في الاسرة، ونقص الحنان.
اما العوامل الفيزيولوجية التي تؤدي إلى التبول اللاارادي فاوضح انها تتعلق بالنوم العميق لدى الطفل، وعادة ما ترتبط العوامل الاجتماعية والتربوية والنفسية بالعوامل الفيزيولوجية في اسباب هذا التبول.
اما بالنسبة للعلاج فهو يتوقف على ابعاد الطفل عن التوتر والخلافات الاسرية، ومراجعة الطبيب للتأكد من سلامة الجهاز البولي، وعدم السخرية واشعار الطفل بالثقة بالنفس وتشجيعه على التخلص من المشكلة، مساعدته على النوم مدة كافية في الليل وساعة في النهار للتخلص من النوم العميق، ومن الضروري ايضا ان يكون غذاء الطفل خالياً من التوابل الحارة والموالح والسكريات والحرص على تبول الطفل قبل النوم، وعدم تناول المشروبات قبل النوم بـ 3 ساعات، وايقاظ الطفل بعد ساعة ونصف الساعة من نومه للتبول.
لا تبتعدن عن أطفالكن
وجه الدكتور وليد مراد رسالة إلى جميع الامهات ليؤكد خطورة فصل او ابعاد الام عن طفلها في السنة الاولى لان هذه المرحلة تعتبر الاساس في بناء علاقات الطفل الاجتماعية وصقل العديد من جوانب شخصية وسلوكية.
وقال: ان احتضان الام للطفل اثناء الرضاعة يمنحه الاحساس بالامان والحنان، لذا يتعرض الطفل عن انفصاله عن امه لكثير من الاضطرابات النفسية التي تؤثر على تطور نموه وهذا الامر ينطبق ايضا عند شعوره باهمال الوالدين او عند تهديده بالطرد من المنزل او السخرية منه ومدح الاخرين امامه كما تؤدي القسوة والحرمان او التدليل الزائد إلى التأثير السلبي على التطور النفسي للطفل، مؤكدا ضرورة الابتعاد عن العقاب الجسدي والاكتفاء بالعقاب المعنوي، مثل نظرة عدم الرضا.
وأكد ان تعرض الطفل للمشاكل النفسية او السلوكية يدل على ان هناك عدم انسجام بين تصرفاته وبين ما هو مألوف في بيئته الاجتماعية، معتبرا ذلك مؤشرا على فشل الطفل في التحكم في تصرفاته بما يتلاءم مع البيئة المحيطة به.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي