من الخميس إلى الخميس

عربٌ وفرس

تصغير
تكبير
من الواضح جداً أن التوتر بين إيران وبين الخليج، وصل إلى قمة منتهاه. وأيضاً من الواضح أن إيران استطاعت أن تستغل الدين في الدخول إلى بعض البلاد العربية ونجحت في استمالة جزءٍ من العرب ليصبحوا داعمين وأحيانا مروجين لسياستها في المنطقة.

هذا التوتر الخليجي - الإيراني، لم يقابله اصطفاف عربي مع الخليج، بل انقسمت الدول العربية بين من يؤيد الخليج ومن يؤيد إيران، وأيضا بين من يؤيد مَصَالِحَهُ ويَتَقلّب موقفه حسب حاجاته.


إن المواقف البراغماتية العربية ليست جديدة. فقد عانى الخليج كثيراً من استغلال أزماته من الأشقاء العرب من أجل استنزاف أمواله من دون مراعاة لمبادئ الإخوة ومواقف الخليج التي وقفت مع كل القضايا القومية من دون حسابات مصلحية. من هنا، يجب أن لا يُعّول الخليج على مواقف الدول العربية لأنها ستكون عبئاً عليه تستنزف مُدخراته من دون فعلٍ حقيقي.

إنّ موقف جمهورية مصر العربية الأخير، كشف بوضوح أن عقلية الابتزاز التي نصح بها الرئيس السابق حسني مبارك، الرئيس السابق صدام حسين، في كيفية الحصول على أموال الخليج بالتهديد والوعيد... هذه العقلية لم تتغير مع النظام الجديد رغم المواقف القوية التي وقفتها حكومات الخليج، وأحياناً ضد رغبة شعوبها، من أجل الإطاحة برئيس مصر وتولي الجيش الحكم.

يبدو أن الخليج تم حِصارُهُ بين قوتين، إحداهما تبحث عن دور قديم كشرطي للخليج، والأخرى قوى تستغل تلك الخلافات من أجل مزيد من المكاسب.

ما هو الحل الأمثل للخروج من المعصرة التي وجدت دول الخليج نفسها داخلها؟ هل الانكباب على الداخل وتطوير بلدانها وصرف كل فلس من ثرواتها لمصلحة شعوبها فقط هو الحل؟ أم الانفتاح على الخارج وتكوين تحالفات عربية وإسلامية من أجل مواجهة التهديد الإيراني، كما يحدث اليوم؟ أم ترى أن هناك حلاً وسطاً يستدعي البحث في سر الخلاف الخليجي - الإيراني ومحاولة التفاهم الإقليمي على قاعدة، لا غالب ولا مغلوب، بحيث يمكن التفرغ للتنمية الداخلية وعدم الحاجة إلى خلق محاور تكون تكلفتها أعلى من خطط التنمية؟

أنا من المتحمسين للتواصل مع إيران ومحاولة الانفتاح عليها بعيداً عن الوسطاء الذين لا هّم لهم إلا تعكير الأجواء لمصلحة مشاريعهم الخاصة. فإيران دولة فرضتها الجغرافية وأيضاً فرضها التاريخ، ولا مناص من القبول بها كشريك في إقليمنا وحتى لو بدر منها بعض المشاكسات أو المؤامرات، فلا بد من قبولها على علاتها، هذا سيكون أقل تكلفة وخطورة من مواجهتها وإنفاق مدخراتنا في تحالفات انتهازية لن تتحرك في وقت الحاجة وتكتفي بـ «نصرة اللسان» التي لا نحتاج إليها.

الشعب الإيراني من الشعوب الطيبة التي تعاملنا معها في الكويت، والتي أيضا تعاملنا معها في بلدها وعرفنا عنه الإخلاص في العمل وحسن التعامل... ووجود بعض الساسة الحمقى لديهم بين فترة واُخرى، هو نفسه كوجود بعض الساسة الحمقى لدينا، لا يجب أن يكون ذلك مدعاة لاشتعال الحروب وتدمير مُقدّرات المنطقة المقبلة على حياة جديدة تقود فيها الشرق الأوسط بِرُمته.

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي