ما قصة «عيد الشكر» في أميركا؟



يأتي عيد الشكر (Thanksgiving) في الولايات المتحدة في الخميس الأخير من شهر نوفمبر من كل عام، وتنشغل النساء الأميركيات باعداد ما لذ وطاب من الأطعمة المتنوعة التي يأتي على رأسها الديك الرومي. وعيد الشكر هو عيد قومي علماني، وليس مناسبة دينية، كما يبدو من اسمها، وفي هذا اليوم يتقدم الأميركيون بالشكر لله لانقاذ الأميركيين الأوائل من المجاعة والهلاك. ويعتبر من أهم المناسبات التي تلم شمل الأسر والأصدقاء.
لماذا يحتفل الأميركيون بعيد الشكر؟
يعود الاحتفال بعيد الشكر الى أوائل القرن السابع عشر عندما بدأت هجرة الأوروبيين الى القارة الأميركية هرباً من اضطهاد الكنسية الانكليزية لهم. وهاجر بعضهم من بريطانيا الى هولندا، ومن ثم الى الساحل الأميركي على متن قارب خشـــبي اســــمه ماي فلاور، وكانت الرحلة طويلة وشاقة، مات فيها الكثيرون منهم.
ووصلت الرحلة في النهاية الى الشاطئ الشرقي لولاية ماساتشوستس في شهر نوفمبر من عام 1621.
غــــيــر أن وصـــولهــــم تزامــــن مع دخول فصل الشتاء الذي يـــتميز بالـــبرد الــــقـــارس والأمطار الغزيرة، علاوة على الثلوج التي أهلكت معظمهم الذين جهلوا طرق الصيد والزراعة.
ومن المثير للدهشة أن نجاة الأميركيين البيض الأوائل جاءت على يد اثنين من الهنود الحمر الذين تعرضوا الى الابادة على أيديهم في ما بعد. والاثنان هما ساموسيت وسكوانتو اللذان شرعا في تعليم الأوروبيين البيض صيد الطيور والحيوان والسمك وزراعة الذرة.
من هنا قرر الأميركيون الأوائل الاحتفال بالنعمة ووجهوا الدعوة الى الهنود الحمر والقبائل التي ينتمون اليها للاحتفال بما أسموه حينذاك عيد الشكر وتناولوا فيه الديك الرومي وطيوراً أخرى. غير أنه وبمرور الوقت اقترف الأوروبيون البيض العديد من المذابح ضد الهنود الحمر وأمعنوا في قهرهم وقمعهم طمعاً في الاستيلاء والاستحواذ على المزيد من الأراضي التي كانت تقع تحت سيطرتهم.
وتحول الاحتفال بالنجاة من الهلاك الى حدث سنوي حتى أعلنه الرئيس أبراهام لنكولن عام 1863عيداً رسمياً للبلاد أطلق عليه عيد الشكر ويحتفل به في الخميس الأخير من شهر نوفمبر من كل عام.
ماذا يفعل الأميركيون في عيد الشكر؟
يعتبر عيد الشكر عطلة رسمية في الولايات المتحدة الأميركية، ويحتفل به الجميع، المسيحيون والمسلمون واليهود وغير المنتمين للأديان بالصورة نفسها، وتغلق جميع المحلات والأسواق، بالاضافة الى المؤسسات الحكومية والخاصة أبوابها، وتجتمع العائلة الأميركية في هذا العيد ويلتئم شمل الأسر والأصدقاء في كل أنحاء الولايات المتحدة. ويسافر في هذا العيد أكثر من45 مليون أميركي جواً وبراً داخل وخارج الولايات المتحدة. وتقدم الأكلات والأطباق الخاصة بهذه المناسبة على مائدة عامرة تحتوي على الوجبة الأساسية المتمثلة في الديك الرومي.
يستهلك العالم نحو 40 مليون ديك رومي في العام، تذبح منها 11 مليونا في أعياد رأس السنة وعيد الميلاد (الكريسماس). وحسب الاحصائيات، وصلت أعداد الديوك في الولايات المتحدة عام 1975 الى نحو 124 مليون طائر. وأصبح عددها سنة 2003 نحو 269 مليون طائر أي بما يقدر بديك رومي واحد لكل مواطن أميركي داخل الولايات المتحدة.
عيد الشكر والجمعة السوداء
يفتتح عيد الشكر موسم الأعياد في الولايات المتحدة، وهو الموسم الذي تفتح فيه المحلات والأسواق منذ ساعات الصباح الأولى وحتى منتصف الليل وتعج فيه الأسواق بالحركة والنشاط.
ويعد اليوم الذي يلي الاحتفال بعيد الشكر ويعرف بـ «الجمعة السوداء» (Black Friday) أكثر الأيام التي يقبل فيها الأميركيون على التسوق والشراء، وتقدم المحلات التجارية والشركات تخفيضات كبيرة في الأسعار سعياً الى جذب اكبر عدد ممكن من المستهلكين.
وبالنسبة الى المهاجرين العرب، فتختلط مشاعر الحيرة والقلق والحنين الى الوطن بالمغتربين العرب في مواسم الأعياد والمناسبات الأميركية عموماً، فمنهم من تأقلم مع المجتمع الأميركي وصار جزءاً منه، ومنهم من لا يزال يشعر بالغربة في الاحتفال بالأعياد الأميركية كالكريسماس وعيد الشكر، وهناك من لا يعاني من أي مشكلة في الاحتفال بالأعياد الأميركية والأعياد العربية.
* عن «تقرير واشنطن»