د. شفيق ناظم الغبرا / مجلس التعاون... تحديات

تصغير
تكبير



أصبح لمجلس التعاون الخليجي ما يقارب العقدين، فقد بدأ هذا التجمع العربي عام 1981 بعد أن تبين أن الصيغ الأكبر التي ترتبط بجامعة الدول العربية لم تعد تتناسب والظروف الإقليمية. ولكن المجلس، رغم الوعود التي قطعها أمام شعوبه، يدور حول نفسه ويدور حول قضاياه حتى الآن. ورغم كثرة القضايا التي تجمع بين أبناء وسكان منطقة الخليج إلا أن مفهوم الكيانات الأكبر والدور الذي يمكن أن تلعبه في مستقبل المنطقة لم يستوعب حتى الآن، وذلك بسبب كثرة المصالح الوطنية وغموض أوضاع الدول التي يتكون منها المجلس على الصعيدين السياسي والأمني. بل إن الفهم الأوسع لموقع هوية الخليج وارتباطها بالعالم العربي والإسلامي لم يتطور بما يكفي ليدفع بدوله إلى المزيد من التنسيق والتداخل. إن دول الخليج في هذا نجدها مثل بقية دول العالم العربي لم تغادر المحطة السياسية، فمن خلال السياسة مازال النفوذ الذي يمكن أن تحظى به كل دوله أساسياً لقراراتها الإقليمية. بل إن السياسة تعني أحياناً الانعزال وقد تعني أحياناً الأمن والتعامل مع الإرهاب، وهي تعني في أحيان أخرى التأكيد على الهوية الوطنية والتركيز على الهم المحلي في أضيق نطاق. لهذا ورغم كل شيء فإن مجلس التعاون هو المدخل، ولكنه حتى الآن يسير ببطء شديد لأسباب سياسية تخص كل دولة على حدة.

حتى الآن لم يعقد مجلس التعاون اتفاقاً واحداً مع دول الجوار من إيران إلى اليمن إلى دول آسيا المحيطة به. وحتى الآن لم يفعل مجلس التعاون المجلس الاستشاري المناط بدراسة مقترحات وأفكار تطرح عليه من قبل رؤساء الدول بما يتناسب والتحديات، أو بما يتناسب مع ما يطرحه المجلس. هكذا يسير المجلس بخطى بطيئة، بينما الأوضاع والاقتصاد والحياة والصعوبات تسير من حولنا بخطى سريعة لأبعد الحدود. حتى الآن لم ينفذ المجلس الكثير من وعوده في ما يتعلق بالعملة والتداخل الاقتصادي.

ولكن على الأرض هناك الكثير مما يحصل خارج إطار الاجتماعات واللقاءات بين القادة. على الأرض هناك هجرة رؤوس أموال سعودية ضخمة وكويتية كبيرة إلى دبي وقطر وأبو ظبي. السعوديون يعملون في دبي بنحو عشرين مليار دولار، وهو المبلغ الأكبر، ويأتي بعدهم الكويتيون الذين استثمروا نحو 16 مليار دولار في دبي لوحدها. هذه الهجرة من القطاع الخاص تحمل معها آمالاً وتوقعات عن وحدة اقتصادية تصنع خارج المؤتمرات. وهذا بدوره يحول الإمارات العربية المتحدة وأيضاً قطر إلى مناطق جاذبة ومؤثرة ومدن لا تقل نفوذاً عن محيطها من مدن عالمية تحظى بالنسبة نفسها من الاستثمار والنمو. أما في الكويت فحل الإشكال السياسي، عندما يتم، سوف يترتب عليه مأسسة السياسة في برلمان وانفتاح سياسي. على الصعيد المرحلي، إن منطقة الخليج أمامها الكثير للتهيؤ للتحديات المقبلة وللفرص التي قد تأتي معها. إن سرعة التفاعل والتنسيق والإيفاء بالالتزامات تجاه هذه التنسيق والتداخل مدخل أساسي لمواجهة طوارئ المستقبل. إن المسؤوليات التي تقع أمام القمة الخليجية كبيرة في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية المحيطة بمنطقتنا.


د. شفيق ناظم الغبرا


أستاذ العلوم السياسية

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي