ولي رأي

منع دخول الفكر

تصغير
تكبير
لا ينعقد أي مؤتمر في العالم يناقش أي قضية إنسانية، أو علمية، أو دينية، إلا ويصدر مع قراراته، قرار يدين السلطة الإيرانية، لتدخلها في شؤون الغير، وتضييقها على أبناء شعبها.

ولعل آخر وأهم أكبر هذه المؤتمرات، المؤتمر الذي عقدته أطياف المعارضة الإيرانية في باريس، وحضره عشرات الآلاف من قادة الفكر والرأي والمبدعين ورجال السياسة، وفيهم من شارك في قيام الثورة على النظام الشاهنشاهي السابق، كما حضره ساسة وقياديون من العالم أجمع.


تحدث الإيرانيون في هذا المؤتمر عن معاناتهم في الغربة وأسباب خروجهم من بلادهم وآمالهم بالعودة، وانتقدوا سلطات الحكم الحالية، واتهموها بالتخلي عن كل الوعود التي أعطتها للشعب الإيراني مع بدايتها، وتمنوا أن يكون الفرج قريباً بسقوط هذا النظام، وكيف أن هذه الثورة استبدلت ديكتاتورية علمانية بأخرى ألبستها لباس الدين، والأديان منها براء، خصوصاً الدين الإسلامي الحنيف. إذ يسأل الخليفة عمر بن الخطاب الوالي عمرو بن العاص- رضي الله عنهما-: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً»؟!

وحتى لا تصل أصوات هؤلاء وما جرى في ذاك المؤتمر إلى الشعب الإيراني، الذي لا تريد سلطته إلا أن يرى ويسمع ما تريده هي، صرحت وكالة «باسيجي نيوز» الناطقة باسم ميليشيات حرس الثورة بأنها تسلمت طواعياً من مليون شخص، مئة ألف طبق لاقط للقنوات الفضائية، والتي - كما تدعي الوكالة - تؤدي للفساد، وفساد الثقافة الإيرانية.

وهذا التصريح يخالف تصريحاً آخر قاله رئيس الجمهورية الإيرانية السيد حسن روحاني، وجاء فيه، إن «منع الأطباق اللاقطة غير مفيد»!

فهل لهذا التطور الهائل في أدوات التواصل الاجتماعي المتنوعة إمكانية لمنعه، وتحول العالم بكل قاراته إلى قرية صغيرة؟ أمر لا يمكن تصديقه، أو تحقيقه، ولن تستطيع سلطة في الأرض القيام بذلك، فهو كمحاولة منع الهواء والضوء عن البشرية.

ولكن تصرفات حراس الثورة والميليشيات التابعة لها اعتادت على التدخل في كل صغيرة وكبيرة، حتى في تفكير البشر، بحجة المحافظة على الدين، ولم تكتفِ بذلك بل بدأت تسعى إلى تصدير هذا الفكر لدول الجوار والعالم باسم تصدير الثورة، ومحاربة الإرهاب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي