شعر
مُرافعة فرعون الأخيرة! (أمام محكمة العدل التاريخية)



اِرْفَـعْ سَماءَكَ ؛ إِنَّ عَصْـرَكَ صَـاغِـرُ
واكْذِبْ ؛ فإِنَّ الصِّدْقَ قِـدْحٌ خَاسِـرُ!
قُـلْ ما تَـشَـاءُ ؛ فـما دَيـَـاجٍ هـاهُـنا
تَصْحُوْ، ولا يَنْـبُـوْ الصَّبَاحُ الكَافِـرُ!
هَطَـلَتْ مُرَافَعَـةٌ لِفِرْعَـوْنِ الشَّـرَى
طَـارَتْ بِهـا الرُّكْـبَانُ حَيْثُ تُسَـافِـرُ:
** **
مَـنْ قَـالَ لِلقَـتْلَى بِأَنْ يَـتَـكَاثَرُوا؟
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّـالِ ؛ تِـلْكَ مَصَائِـرُ!
أَنْزَلْتُ في سِفْـرِ الوَصَايـَـا آيَـتَـيْ:
«سَفَـكَ الدِّمَاءَ مُصَاهَـرٌ ومُصَاهِرُ!»
وشَـرِيْعَـتِيْ فـي النَّسْلِ عَطَّلتُمْ! أَلَا
كَمْ عُطِّلَتْ خَلْفَ السُّجُوْفِ أَوَامِرُ؟!
** **
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّـالِ، بَلْ ذَنْـبُ الأُلَـى
قَـتَـلَـتْـهُمُ الكَلِـمَاتُ؛ وهْيَ غَـوَادِرُ!
إِنَّ الوِصَالَ قِـرَابُـهُ سَـيْـفُ الفِـرا
قِ، وإِنَّ قَـارِبَ وَافِـدِيْــهِ مُـغَـادِرُ
مَنْ فَرَّخَ الإِرْهَابَ، غَيْرُ الشَّعْبِ؟ أَمْ
مَـنْ رَاشَـهُ؟ وعَلَـيْـهِ دارَ الدَّائـرُ؟!
هَـلَّا أَجَبْـتُمْ، يـا بَقَـايَـا أَحْـرُفِـيْ؟
كَـيْ تُؤْمِنُـوا أَنِّـيْ الـمُذِلُّ النَّاصِـرُ!
لتُسـبِّـحَ الأَطْـلَالُ: أَنِّـيْ كَـاتِـبٌ
مَـاحٍ، وأَنِّـيْ عِــزُّهَـا والـقَـاهِـرُ!
والحَـاكِـمُ الـبَـرُّ الرَّؤُوْفُ مُـرَابِـطٌ
فـي خِدْمَـةِ الشَّعْـبِ الأَبَـيِّ مُـبَـادِرُ
حَـرَسَ الثُّغُوْرَ مِنَ الغُزَاةِ، ووَاجِبٌ
أَنْ يَحْـرُسَ الأَرْحَـامَ جَـيْشٌ عَابـِرُ!
** **
مَنْ يَحْـفَـظُ التَّارِيْـخَ فـي تَابُـوْتِـهِ
مِـنْ هَـبَّـةِ الأَرْوَاحِ حِـيْنَ تُـغَـامِـرُ؟
مَنْ يُمْسِكُ الجُغْرَافِـيَـا في صَحْـنِها،
كَدَجَاجَـةٍ مَـشْـوِيَـةٍ، ويُـحَـاصِـرُ؟
وشِـعَـارُهُ فـي أَرْضِـهِ وسَـمائِــهِ،
وعلى الجَـبِيْنِ، هُوَ الشِّعَارُ الشَّاعِـرُ:
«لا يُهْـلِـكُ الأَقْــوَامَ إِلَّا كَــثْـرَةٌ
فـي قِـلَّــةٍ، أو قِـلَّــةٌ وتُـكَاثِـرُ!»
** **
قَرَّرْتُ: أَنْ أُبْقِيْ «حِذَائِـيْ» أُمَّـتِـيْ!
لَنْ يَنْهَضَ النَّخْلُ الخَصِيُّ. فحَاذِرُوا:
مِنْ فِتْـنَـةِ التَّفْكِيْرِ في غَـدِكُمْ! لَقَـدْ
فَـكَّـرْتُ عَنْكُمْ قَبْلَ يُـولَـدُ خَاطِـرُ!
لَنْ أَتْـرُكَ القُطْـعَـانَ تَـنْـمُـوْ هكَذا
فَوْضَى، وذِئْـبٌ فـي المَرَاعِـيْ كاسِـرُ
حِـرْمانُـهُ فـي نِعْمَـتِـي، ونَـعِـيْمُـهُ
فـي أَنْ أُسَمِّـنَـها لَـهُ! أَ أُخَـاطِـرُ؟!
أَوْلَـى بِلَحْمِكُـمْ فَمِـيْ، فَـتَأَمَّـلُوا!
وتَأَلَّـمُوا؛ فالـمَوْتُ «بَعْثٌ» سَاخِرُ!
** **
ما ضَرَّ لَوْ دَمْشَقْتُ عاصِمَتِيْ بِكُمْ؟
وعلى عِظَامِـكُـمْ تَـمَشَّى الحَـاضِـرُ؟
ما ضَرَّ لَوْ (حَلَـبٌ) غَـدًا رَاوَدْتُهـا،
فحَلَبْتُ أَشْطُرَهـا، لنِعْمَ الشَّاطِـرُ؟
شَـرَفٌ عَظِـيْمٌ أَنَّـنِـيْ فَـضَّلْـتُـكُمْ
فَذَبَحْـتُـكُمْ بِـيَـدَيَّ، لَسْتُ أُغَـادِرُ!
فلْيَسْـقُـطِ الإِنْسَـانُ إِلَّا هَـامَـتِـيْ!
ولْـتَسْـقُطِ الدُّنْـيا، وقَصْرِيْ عَـامِـرُ!
هِـيَ دَوْلَـتِـي الأُوْلَى، وما مِنْ آخَرٍ،
والحَاكِمُ الأَبَـدِيُّ سَيْـفِـيْ الظَّـافِـرُ!
أَنَـا رَبُّكُمْ، ووَرِيْثُكُمْ، ولَكُمْ غَـدَا
بِـيْ فَـخْـرُ دِيْـوَانِ الزَّمانِ الفَـاخِـرُ!
وسِيَاسَـةُ الوَطَـنِ الكَـبِيْرِ سِـياسَـةٌ
لا يَسْتَـقِـلُّ رِكَـابَـها الـمُـتَصَاغِـرُ!
** **
فـي ذِمَّـةِ التَّارِيْـخِ تَـبْـقَى صَفْـحَـةٌ
سَـوْدَاءُ يُمْلِـيْـها الضَّمِـيْرُ الضَّامِـرُ
يا قـاضِـيَ التَّارِيْـخِ، رَتِّـلْهـا على
رِمَمٍ لَـها هَـامُ الشُّعُوْبِ مَـقَـابِـرُ:
الحَـاكِمُ الفِرْعَوْنُ يَسْـحَقُ شَـعْـبَـهُ
كَـيْ يَـصْطَـفِـيْ هامَـانَــهُ فَـيُـآزِرُ
كَـيْ يَـصْطَـفِـيْ مَـاءَ الحَيَاةِ بمائِـهِ
ويُـبَـادَ فـي جِـيْـنَـاتِـهِ الـمُتَـآمِـرُ!
شَعْـبًـا قَـرَاحًا، مـا لَـهُ لَـوْنٌ، ولا
طَعْـمٌ، ولا عَـرْفٌ، وما هُوَ طَاهِـرُ!
رَخَـمٌ سِـمَـانٌ بَعْـضُـهُ، ونَـعَامُـهُ
بَعْضٌ، وبَاقِـيْ السِّرْبِ رِيْـشٌ طَائِـرُ!
لا غَرْوَ إِنْ نَسَـرَ البُغَـاثُ بِأَرْضِـهِ
«إِنَّ البُغَـاثَ بِـأَرْضِـهِ» هُوَ نَـاسِرُ!
** **
لَـوْلاكُـمُ مـا قَـامَ ثُـعْـبَـانٌ علـى
أَشْـلاءِ أَطْـفَـالِ (الشَّـآمِ) يُحـاضِـرُ
«أَسَـدٌ عَلَيْها.. في الحُرُوْبِ زَرَافَـةٌ
عَـرْجَاءُ» يُرْضِعُها الفَـقِـيْـهُ الفَاجِرُ
أَلْـقَى الجِـرَانَ فَـصَاحَـةً وبَلاغَــةً
مُـتَـمَـنْـطِـقًا، والمُهْطِعُـوْنَ مَـنَـابِـرُ:
أَنَـا، لا أَنَـا إلَّا أَنَـا، مَـنْ ذا لَـكُمْ
بِـزَرَافَـةٍ مِـثْلِـيْ؟! تَعَالَـى الفَاطِـرُ!
قَدَرِيْ أَكُوْنُ مَصِيْرَكُمْ، فاسْتَسْلِمُوا
لِـمَصِـيْـرِكُـمْ هذا، وجَـلَّ الـقَـادِرُ!
حَـرْبِـيْ عَلَيْـكُمْ كَيْ أُثَقِّفَـكُمْ فَـما
تَـدْرُوْنَ أَيَّ فَـضِـيْـلَـتَـيَّ تُـسَــاوِرُ
لا تَحْسَـبُوا مـا قَـدَّرَتْ لَـكُـمُ يَـدَا
يَ كَشَرِّكُمْ، أَنَـا خَـيْـرُكُمْ والآخِـرُ
هِيَ سُنَّـةُ الدُّنْـيـا ؛ فكَمْ مِنْ مَـأْتـَمٍ
هَـطِـلٍ، وكَمْ مِنْ مَوْلِـدٍ هُوَ عـاقِـرُ!
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّالِ، بَـلْ هُـوَ ذنبُـكُمْ
والذَّنْـبُ كُلُّ الذَّنْـبِ فِيْـكُمْ سَـافِـرُ!
لَـوْ فَلْسَفُوا القَانُـوْنَ بَـنْـدًا واحِـدًا
ما فَلْسَفَتْ مِثْلِـيْ الحُقُـوْقَ عَـبَـاقِـرُ!
** **
تَـلَّ الضَّحَايـَا لِلْجَـبِـيْنِ مُحَـمْلِـقًـا
في رَبِّـهِ الرُّوْسِـيِّ: «عَـبْدُكَ نَــاذِرُ»
«إِنِّـيْ أَرَى أَنِّـيْ أُذَبِّحُـكُمْ، قِـفُـوا،
لا تَـنْـظُـرُوا، فـهُـنا الإلـهُ النَّاظِـرُ»
وعَلَا يُكَرْكِرُ في الأَضَاحِيْ ضِحْكُها
مِـنْ سَقْـطَـةِ الإِنْسَانِ كَـيْـفَ يُـكَابِرُ
سَلَّتْ رَسِيْسَ الأَمْنِ مِنْهُ.. هَوَتْ بِهِ
مُلْـقَى الكَرامَـةِ، و(الكِرِمْلِنُ) فَـاغِـرُ
هَزَمَتْ «بَرَامِيْلَ» التَّخَلُّفِ، جَيْشُها
مِنْ ياسِـمِـيْنَ، وثـارَ عِـطْـرٌ ثـائِـرُ!
** **
إِنَّ الشُّـعُـوْبَ طُـغَاتُها مِنْ جِـلْـدِها
ولِـكُـلِّ طَـاغٍ حـاضِـنٌ وعَـشائِــرُ
ولِكُـلِّ طَـاغٍ شَاعِـرٌ، ومُـمَـثِّـلٌ،
ومُـفَـلْـسِـفٌ إِفْـلاسَـهُ، ومُـتَـاجِـرُ
لُـبُّ «النِّظَـامِ» ثَـقَـافَـةٌ، لا دَوْلَـةٌ؛
فلتُسْقِطُوا الماضِـيْ لِـيَحْيا الحاضِـرُ!
* عضو مجلس الشورى السعودي - أستاذ النقد الأدبي الحديث، جامعة الملك سعود في الرياض
[email protected]
http://khayma.com/faify
واكْذِبْ ؛ فإِنَّ الصِّدْقَ قِـدْحٌ خَاسِـرُ!
قُـلْ ما تَـشَـاءُ ؛ فـما دَيـَـاجٍ هـاهُـنا
تَصْحُوْ، ولا يَنْـبُـوْ الصَّبَاحُ الكَافِـرُ!
هَطَـلَتْ مُرَافَعَـةٌ لِفِرْعَـوْنِ الشَّـرَى
طَـارَتْ بِهـا الرُّكْـبَانُ حَيْثُ تُسَـافِـرُ:
** **
مَـنْ قَـالَ لِلقَـتْلَى بِأَنْ يَـتَـكَاثَرُوا؟
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّـالِ ؛ تِـلْكَ مَصَائِـرُ!
أَنْزَلْتُ في سِفْـرِ الوَصَايـَـا آيَـتَـيْ:
«سَفَـكَ الدِّمَاءَ مُصَاهَـرٌ ومُصَاهِرُ!»
وشَـرِيْعَـتِيْ فـي النَّسْلِ عَطَّلتُمْ! أَلَا
كَمْ عُطِّلَتْ خَلْفَ السُّجُوْفِ أَوَامِرُ؟!
** **
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّـالِ، بَلْ ذَنْـبُ الأُلَـى
قَـتَـلَـتْـهُمُ الكَلِـمَاتُ؛ وهْيَ غَـوَادِرُ!
إِنَّ الوِصَالَ قِـرَابُـهُ سَـيْـفُ الفِـرا
قِ، وإِنَّ قَـارِبَ وَافِـدِيْــهِ مُـغَـادِرُ
مَنْ فَرَّخَ الإِرْهَابَ، غَيْرُ الشَّعْبِ؟ أَمْ
مَـنْ رَاشَـهُ؟ وعَلَـيْـهِ دارَ الدَّائـرُ؟!
هَـلَّا أَجَبْـتُمْ، يـا بَقَـايَـا أَحْـرُفِـيْ؟
كَـيْ تُؤْمِنُـوا أَنِّـيْ الـمُذِلُّ النَّاصِـرُ!
لتُسـبِّـحَ الأَطْـلَالُ: أَنِّـيْ كَـاتِـبٌ
مَـاحٍ، وأَنِّـيْ عِــزُّهَـا والـقَـاهِـرُ!
والحَـاكِـمُ الـبَـرُّ الرَّؤُوْفُ مُـرَابِـطٌ
فـي خِدْمَـةِ الشَّعْـبِ الأَبَـيِّ مُـبَـادِرُ
حَـرَسَ الثُّغُوْرَ مِنَ الغُزَاةِ، ووَاجِبٌ
أَنْ يَحْـرُسَ الأَرْحَـامَ جَـيْشٌ عَابـِرُ!
** **
مَنْ يَحْـفَـظُ التَّارِيْـخَ فـي تَابُـوْتِـهِ
مِـنْ هَـبَّـةِ الأَرْوَاحِ حِـيْنَ تُـغَـامِـرُ؟
مَنْ يُمْسِكُ الجُغْرَافِـيَـا في صَحْـنِها،
كَدَجَاجَـةٍ مَـشْـوِيَـةٍ، ويُـحَـاصِـرُ؟
وشِـعَـارُهُ فـي أَرْضِـهِ وسَـمائِــهِ،
وعلى الجَـبِيْنِ، هُوَ الشِّعَارُ الشَّاعِـرُ:
«لا يُهْـلِـكُ الأَقْــوَامَ إِلَّا كَــثْـرَةٌ
فـي قِـلَّــةٍ، أو قِـلَّــةٌ وتُـكَاثِـرُ!»
** **
قَرَّرْتُ: أَنْ أُبْقِيْ «حِذَائِـيْ» أُمَّـتِـيْ!
لَنْ يَنْهَضَ النَّخْلُ الخَصِيُّ. فحَاذِرُوا:
مِنْ فِتْـنَـةِ التَّفْكِيْرِ في غَـدِكُمْ! لَقَـدْ
فَـكَّـرْتُ عَنْكُمْ قَبْلَ يُـولَـدُ خَاطِـرُ!
لَنْ أَتْـرُكَ القُطْـعَـانَ تَـنْـمُـوْ هكَذا
فَوْضَى، وذِئْـبٌ فـي المَرَاعِـيْ كاسِـرُ
حِـرْمانُـهُ فـي نِعْمَـتِـي، ونَـعِـيْمُـهُ
فـي أَنْ أُسَمِّـنَـها لَـهُ! أَ أُخَـاطِـرُ؟!
أَوْلَـى بِلَحْمِكُـمْ فَمِـيْ، فَـتَأَمَّـلُوا!
وتَأَلَّـمُوا؛ فالـمَوْتُ «بَعْثٌ» سَاخِرُ!
** **
ما ضَرَّ لَوْ دَمْشَقْتُ عاصِمَتِيْ بِكُمْ؟
وعلى عِظَامِـكُـمْ تَـمَشَّى الحَـاضِـرُ؟
ما ضَرَّ لَوْ (حَلَـبٌ) غَـدًا رَاوَدْتُهـا،
فحَلَبْتُ أَشْطُرَهـا، لنِعْمَ الشَّاطِـرُ؟
شَـرَفٌ عَظِـيْمٌ أَنَّـنِـيْ فَـضَّلْـتُـكُمْ
فَذَبَحْـتُـكُمْ بِـيَـدَيَّ، لَسْتُ أُغَـادِرُ!
فلْيَسْـقُـطِ الإِنْسَـانُ إِلَّا هَـامَـتِـيْ!
ولْـتَسْـقُطِ الدُّنْـيا، وقَصْرِيْ عَـامِـرُ!
هِـيَ دَوْلَـتِـي الأُوْلَى، وما مِنْ آخَرٍ،
والحَاكِمُ الأَبَـدِيُّ سَيْـفِـيْ الظَّـافِـرُ!
أَنَـا رَبُّكُمْ، ووَرِيْثُكُمْ، ولَكُمْ غَـدَا
بِـيْ فَـخْـرُ دِيْـوَانِ الزَّمانِ الفَـاخِـرُ!
وسِيَاسَـةُ الوَطَـنِ الكَـبِيْرِ سِـياسَـةٌ
لا يَسْتَـقِـلُّ رِكَـابَـها الـمُـتَصَاغِـرُ!
** **
فـي ذِمَّـةِ التَّارِيْـخِ تَـبْـقَى صَفْـحَـةٌ
سَـوْدَاءُ يُمْلِـيْـها الضَّمِـيْرُ الضَّامِـرُ
يا قـاضِـيَ التَّارِيْـخِ، رَتِّـلْهـا على
رِمَمٍ لَـها هَـامُ الشُّعُوْبِ مَـقَـابِـرُ:
الحَـاكِمُ الفِرْعَوْنُ يَسْـحَقُ شَـعْـبَـهُ
كَـيْ يَـصْطَـفِـيْ هامَـانَــهُ فَـيُـآزِرُ
كَـيْ يَـصْطَـفِـيْ مَـاءَ الحَيَاةِ بمائِـهِ
ويُـبَـادَ فـي جِـيْـنَـاتِـهِ الـمُتَـآمِـرُ!
شَعْـبًـا قَـرَاحًا، مـا لَـهُ لَـوْنٌ، ولا
طَعْـمٌ، ولا عَـرْفٌ، وما هُوَ طَاهِـرُ!
رَخَـمٌ سِـمَـانٌ بَعْـضُـهُ، ونَـعَامُـهُ
بَعْضٌ، وبَاقِـيْ السِّرْبِ رِيْـشٌ طَائِـرُ!
لا غَرْوَ إِنْ نَسَـرَ البُغَـاثُ بِأَرْضِـهِ
«إِنَّ البُغَـاثَ بِـأَرْضِـهِ» هُوَ نَـاسِرُ!
** **
لَـوْلاكُـمُ مـا قَـامَ ثُـعْـبَـانٌ علـى
أَشْـلاءِ أَطْـفَـالِ (الشَّـآمِ) يُحـاضِـرُ
«أَسَـدٌ عَلَيْها.. في الحُرُوْبِ زَرَافَـةٌ
عَـرْجَاءُ» يُرْضِعُها الفَـقِـيْـهُ الفَاجِرُ
أَلْـقَى الجِـرَانَ فَـصَاحَـةً وبَلاغَــةً
مُـتَـمَـنْـطِـقًا، والمُهْطِعُـوْنَ مَـنَـابِـرُ:
أَنَـا، لا أَنَـا إلَّا أَنَـا، مَـنْ ذا لَـكُمْ
بِـزَرَافَـةٍ مِـثْلِـيْ؟! تَعَالَـى الفَاطِـرُ!
قَدَرِيْ أَكُوْنُ مَصِيْرَكُمْ، فاسْتَسْلِمُوا
لِـمَصِـيْـرِكُـمْ هذا، وجَـلَّ الـقَـادِرُ!
حَـرْبِـيْ عَلَيْـكُمْ كَيْ أُثَقِّفَـكُمْ فَـما
تَـدْرُوْنَ أَيَّ فَـضِـيْـلَـتَـيَّ تُـسَــاوِرُ
لا تَحْسَـبُوا مـا قَـدَّرَتْ لَـكُـمُ يَـدَا
يَ كَشَرِّكُمْ، أَنَـا خَـيْـرُكُمْ والآخِـرُ
هِيَ سُنَّـةُ الدُّنْـيـا ؛ فكَمْ مِنْ مَـأْتـَمٍ
هَـطِـلٍ، وكَمْ مِنْ مَوْلِـدٍ هُوَ عـاقِـرُ!
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّالِ، بَـلْ هُـوَ ذنبُـكُمْ
والذَّنْـبُ كُلُّ الذَّنْـبِ فِيْـكُمْ سَـافِـرُ!
لَـوْ فَلْسَفُوا القَانُـوْنَ بَـنْـدًا واحِـدًا
ما فَلْسَفَتْ مِثْلِـيْ الحُقُـوْقَ عَـبَـاقِـرُ!
** **
تَـلَّ الضَّحَايـَا لِلْجَـبِـيْنِ مُحَـمْلِـقًـا
في رَبِّـهِ الرُّوْسِـيِّ: «عَـبْدُكَ نَــاذِرُ»
«إِنِّـيْ أَرَى أَنِّـيْ أُذَبِّحُـكُمْ، قِـفُـوا،
لا تَـنْـظُـرُوا، فـهُـنا الإلـهُ النَّاظِـرُ»
وعَلَا يُكَرْكِرُ في الأَضَاحِيْ ضِحْكُها
مِـنْ سَقْـطَـةِ الإِنْسَانِ كَـيْـفَ يُـكَابِرُ
سَلَّتْ رَسِيْسَ الأَمْنِ مِنْهُ.. هَوَتْ بِهِ
مُلْـقَى الكَرامَـةِ، و(الكِرِمْلِنُ) فَـاغِـرُ
هَزَمَتْ «بَرَامِيْلَ» التَّخَلُّفِ، جَيْشُها
مِنْ ياسِـمِـيْنَ، وثـارَ عِـطْـرٌ ثـائِـرُ!
** **
إِنَّ الشُّـعُـوْبَ طُـغَاتُها مِنْ جِـلْـدِها
ولِـكُـلِّ طَـاغٍ حـاضِـنٌ وعَـشائِــرُ
ولِكُـلِّ طَـاغٍ شَاعِـرٌ، ومُـمَـثِّـلٌ،
ومُـفَـلْـسِـفٌ إِفْـلاسَـهُ، ومُـتَـاجِـرُ
لُـبُّ «النِّظَـامِ» ثَـقَـافَـةٌ، لا دَوْلَـةٌ؛
فلتُسْقِطُوا الماضِـيْ لِـيَحْيا الحاضِـرُ!
* عضو مجلس الشورى السعودي - أستاذ النقد الأدبي الحديث، جامعة الملك سعود في الرياض
[email protected]
http://khayma.com/faify