بوح صريح

ولدنا ضايع... بس ميري السبب

تصغير
تكبير
تكرر ضياع الأطفال في الآونة الأخيرة، حتى بات أمراً لا يمكن تجاهله. وأصبح شأناً مُلحاً يتناوله الجميع في مواقع التواصل بالتحليل والاستنكار. والكل يتساءل لماذا؟ وكيف يضيع هؤلاء الصغار؟ هل أبواب البيوت مشرعة بلا رقيب أو حسيب. هل الآباء منشغلون عنهم؟ من المسؤول؟ ويد من الملطخة بدماء وتعب وخوف ومعاناة هؤلاء، الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم ضحايا ظروفهم؟

تخيلت مكالمة الأب أو الأم لمخفر الشرطة للتبليغ عن اختفاء ولدهم. تخيلت نبرة الصوت، هل هي عادية، أم باكية، أم خجلى؟ هل قالت الأم، «ولدنا ضايع مو لاقيينه. بس أنا مشغولة الحين بروح السوق». هل قال الأب: «ببلغ عن غياب ولدي، بس عندي موعد بالديوانية الشباب ينطروني». أو الخادمة ميري، «بجا مو هني ضايع، ماما بابا كله بره، يمكن بجا بطل باب وروحي بره». فعلاً الوضع مضحك مبكٍ. كيف يضيع طفل، ولا أحد يرعاه أو يسأل عنه أو يتابعه، وبعضهم من ذوي الاحتياجات؟ انسان مواطن، له حقوق وكرامة وكيان ووجود. هكذا ببساطة يذوب وكأنه لم يكن... كيف؟ بل أشيع بعد يوم ونصف اليوم في المخفر، أن أهل طفل ضايع لا يريدون استلامه. وضع مخز ومؤسف ويندى له الجبين والضمائر.


ضحكت من نفسي، وكيف يهجرني النوم لو جرح اصبع ابنتي أو أصابها صداع. أنا وغيري من أمهات العهد القديم ربما. أما بعض أمهات هذا الزمان، فيضيع أبناؤهن وهن غافلات لدى الصديقات أو في السوق والمولات أو الصالونات وعيادات التجميل والأتليهات. والآباء في حياتهم، وللأخوة انشغالاتهم. والأطفال مع ميري وجاندرا وبابو. كيف يمكن أن نقتنع بأن الخادمة الغريبة التي حُرمت من أبنائها، ستكون أكثر حناناً وعطفاً على الأولاد كأمهم. بالطبع لا... لذلك يضيع الأبناء.

الاهمال، الانشغال، الاعتماد على الخدم. عدم تحمل المسؤولية كأب وأم. الأنانية والشخصانية في التعامل وترك البيت والأبناء على الخدم. الأبواب المشرعة واللامبالاة، وتشتت الأسر وتفككها بين طلاق وزواج ثان وخلافات، من بعض أسباب ضياع الأطفال. أخجلتمونا. أنتم لا تستحقون أن تكونوا والدين. وانتبهوا فهذا مؤشر خطير لتفكك المجتمع، وبذلك تفتيت الوطن، الذي تكتمل قوته وتماسكه بقوة الأسرة. فإن ضاع الأبناء، تكشفت صدوع البيت وبذلك المجتمع والدولة. فانتبهوا قبل فوات الأوان... انتبهوا.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي