الأيام الأخيرة في حياتهم

عمر بن الخطاب «رضي الله عنه» (2 من 5)

تصغير
تكبير
تحت هذا العنوان نعرض لحلقات يومية متتابعة على مدار أيام الشهر الفضيل، نقدم من خلالها وصفاً للأيام الاخيرة في حياة بعض الشخصيات التي كان لها اثر واضح في تاريخ الأمة الاسلامية، لنتخذ منها العبرة والعظة... والله أسأل التوفيق والسداد.

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ فقلت: أنا احفظه كما قال. قال: هات لله ابوك إنك لجريء.

قلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «فتنة الرجل في اهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة،، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر». قال عمر: ليس هذا ما اريد. انما اريد الفتن التي تموج كموج البحر. قلت: مالك ولها يا أمير المؤمنين؟ ان بينك وبينها بابا مغلقا. قال: فيكسر الباب او يفتح؟

قلت: لا بل يكسر. قال: ذلك احرى الا يغلق ابدا حتى قيام الساعة.

قال ابووائل الراوي عن حذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب؟

قال حذيفة: نعم كما يعلم ان دون غد الليلة، اني حدثته حديثا ليس بالأغاليط. قال ابووائل: فهبنا ان نسأل حذيفة من الباب فقلنا لمسروق: سل حذيفة من الباب؟ فقال مسروق لحذيفة: من الباب؟ قال حذيفة عمر.

وقد كسر الباب وتحطم تحطيما بمؤامرة غادرة. وكان المتآمرون ثلاثة: 1 - الهرمزان الفارسي المجوسي الذي سيق اسيرا الى المدينة بعد ان هزمه الله عز وجل على ايدي المسلمين في معركة «تستر» في الاهواز، 2 - ابولؤلؤة فيروز وكان فارسيا مجوسيا وكان عبدا للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه وكان حدادا ماهرا. 3 - جفينة الرومي: عبد رقيق نصراني رومي كان من سبي الروم.

اجتمع الثلاثة يتدارسون كيفية تنفيذ المؤامرة واغتيال عمر وكان مع ابي لؤلؤة الخنجر الذي اعده لجريمته، وبينما هم مجتمعون مر بهم عبدالرحمن بن ابي بكر الصديق رضي الله عنهما فلما شاهدوه خافوا وفزعوا وكانوا جالسين على الارض فهبوا واقفين فزعين فسقط من ابى لؤلؤة الخنجر الذي كان يحمله ليطعن به عمر.

وكان ابولؤلؤة حاقدا على عمر بالذات لنجاح المسلمين في خلافته في تحطيم الدولة الفارسية وكان ابولؤلؤة اذا رأى اطفال السبايا المجوس في المدينة يمسح على رؤوسهم ويبكي ويقول: لقد اكل عمر كبدي، وبعد المحاورة المشهورة التي دارت بينه وبين عمر رضي الله عنه اضمر قتله، فصنع ابولؤلؤة المجوسي خنجرا له رأسان وكان حادا ماضيا ونوى قتل عمر ذهب ابولؤلؤة الى الهرمزان واراه الخنجر وقال له: كيف ترى هذا؟

قال الهرمزان: إنك لا تضرب أحدا بهذا الخنجر إلا قتلته. وكان عمر يسير يوما في المدينة مع مجموعة من الصحابة، فلقي ابا لؤلؤة في الطريق فقال له عمر: لقد سمعت انك تقول: لو اشاء لصنعت رحى تطحن بالري فاجابه أبو لؤلؤة بغضب وحقد وعبوس: لأصنعن لك رحى يتحدث بها الناس، فقال عمر لمن معه: إن هذا العبد يهددني ويتوعدني.

ونفذ أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي مؤامرته وطعن عمر بن الخطاب بخنجره المسموم ذي الحدين فجر يوم الاربعاء 26 ذي الحجة 23 هـ.

ونترك لأحد الشهود يصف لنا تفاصيل الحادث المفجع.

قال عمرو بن ميمون الأودي رحمه الله شهدت عمر يوم طعن وما منعني ان اكون في الصف الأول المتقدم إلا هيبة عمر وكان عمر رجلا مهيبا فكنت في الصف الثاني وبيني وبين عمر ابن عباس خلف عمر مباشرة، وكان عمر واقفا في المحراب عندما اقيمت صلاة الفجر ولما اقيمت الصلاة نظر عمر إلى الناس يسوي الصفوف وكان خلفه مباشرة عبدالله ابن عباس وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم ودخل ابو لؤلؤة المجوسي، ومعه خنجره المسموم.

(يتبع غداً إن شاء الله)
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي