رأي قلمي

فلسفة العدوانية...!

تصغير
تكبير
‏ليست مهمة الدولة ومؤسساتها، ارشاد الناس إلى ما ينبغي عليهم أن يفعلوه فحسب، بل أيضا مساعدتهم من خلال الطرح الفكري والحركة الاجتماعية، على أن يعيشوا في ظروف تؤمن لهم الراحة النفسية وتدفعهم للعطاء والإنتاج. ومن الطبيعي، أن كل فرد يهندس ويرسم مجاله الخاص به، سواء في المنزل أو المكتب أو المدرسة، وحتى الشارع، وأي تجاوز على ذلك المجال يثير مشاعر الضيق والغضب، وأحياناً العدوان.

ظاهرة الزحام في صفوف الانتظار في المؤسسات الحكومية وانتظار الدور في المستشفيات والمراكز الصحية، وكثافة المركبات في الشوارع التي تفوق الطاقة الاستيعابية لطرقات الكويت وشوارعها، كل ذلك وأشباهه، يثير لدى الناس مشاعر الضجر والتأفف، ويؤدي إلى الكثير من الصدامات والنزاعات، وإلى سوء الأخلاق واللجوء إلى الوساطة والرشوة، للتخلص من مشاعر التذمر وطول الانتظار في صفوف مزدحمة.


كل ما تقدم، نتيجة لسبب واحد وهو الكثافة السكانية الهائلة التي تعيشها دولة الكويت، وهي من كبرى المشكلات التي تواجه المواطنين اليوم. بات الزحام حتى في الأماكن الترفيهية. فقدنا لذة الاستمتاع والراحة والاستجمام في التجمعات الاجتماعية، وتراكمت الضغوط النفسية بسبب الكثافة والزحام، زاد معدل انتشار الجريمة، ارتفعت نسبة الفساد، فهل آن للدولة أن تعيد النظر في أساليب اعداد المواطن الكويتي للحياة، ومعالجة المشكلات الضخمة التي تطحن أجيالا حاضرة، وأجيالا مقبلة؟ فرض على المواطن أن يتعايش ويتكيف مع كثافة وزحام لا ذنب له فيهما، وفي الوقت نفسه يُطلب منه الالتزام والاستقامة والعطاء والانجاز وسط هذه الظروف القاسية الطاردة.

ما كتب من كلمات، لا يعني التساهل والتجاوز عن الكسالى والفوضويين والمقصرين والمفرطين بواجباتهم، بل علينا السير في خطين متوازيين بين القيام بواجبات الوطن، ومعالجة المشكلات التي تؤثر سلباً على جودة أداء المواطن تجاه نفسه ومجتمعه. اليوم يحتاج المواطن لتعزيز شعور الكرامة، إعطاءه الأولوية في كل مشاريع الدولة، ونشر الروح الإيجابية والتعاون مع المؤسسات الحكومية وغيرها، وتحجيم الروح الأنانية التي تقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، والتقليل من العدوانية التي يعيشها الفرد اثر الضغوط التي تواجهه.

[email protected]

‏mona_alwohaib@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي