أبعاد السطور

غزل مشمش!

تصغير
تكبير
لقطة: من مِنّا كان يصدق أنه في يوم من الأيام سيستطيع وهو جالس في بيته، يشرب كوباً من الشاي المنعنع وصحن المكسرات بجانبه، وهو يضع ساقاً على ساق، أن يشاهد عبر التلفزيون وعلى الهواء مباشرة مباراة كرة قدم تقام في قارة أخرى غير قارته اللي يسكنها !

التلفزيون هذا الجهاز العظيم، ذو التاريخ الطويل، المكتظ في حكايات التقدم والتطوّر والتحدي طول تاريخه إلى أن بلغ ما بلغه اليوم من قيمة تكنولوجية كبيرة، تلقى الاهتمام من لدن ملايين البشر في الكرة الأرضية على سائر اختلاف مراكزهم واهتماماتهم ولغاتهم ومعيشتهم وأديانهم وثقافاتهم، وهو لا يزال محتفظاً بأهمية تخصصه، وهيبة حضوره، وعلو قامته، وجهورية صوته التي تطوف الأرض في لحظات قصيرة.


المهندس الكهربائي الاسكوتلندي جون لوغي بيرد المولود في 13- 8- 1888، هو أول من توصل لاكتشاف التلفزيون في العالم، وذلك في عام 1928، وقد توفي جون عام 1946. وبريطانيا هي أول دولة في العالم تمكنت من توفير بث تلفزيوني حكومي مستمر، في 1932. وإن استعرضنا التاريخ العربي للتلفزيون، سنجد أن العراق هو أول دولة عربية بثت إرسالها التلفزيوني من بغداد، عام 1954، ومن ثم الجزائر في نهاية ديسمبر 1956 إبان الفترة الاستعمارية، ثم تبعهما لبنان بإرساله التلفزيوني في مايو 1959، فمصر وكان أول بث تلفزيوني فيها، في 21 يوليو 1960.

أما الكويت، فهي أول دولة خليجية بدأت بث إرسال تلفزيونها الرسمي، في 15 نوفمبر 1961، من الحي الشرقي من مدينة الكويت (الشرق حالياً)، وكان المقر في تلك الفترة عبارة عن شبرات، تتوزع عليها كل أنشطة التلفاز من إخراج وبث للبرامج والأخبار والإدارة وكل قطاعات التلفاز. وقد كان بث البرامج باللونين الأبيض والأسود لمدة أربع ساعات يوميا، كما ذكرت وكالة «كونا» على موقعها... حدث في مثل هذا اليوم في الكويت.

ولا شك عزيزي القارئ، أن من أهم أهداف البرامج التلفزيونية، خصوصا إن كانت تلك التلفزيونات حكومية، أن تسعى الى تبصير وتثقيف المشاهد، وأن تحمل هم نشر كل فضيلة وكل قيمة روحية جميلة، وأن تكون حلقة وصل بين المشاهد والمسؤول في ما يخص معيشته وسائر شؤون حياته، وعلى المسؤولين في التلفزيونات وبالأخص الحكومية منها، ألا يتركوا تلك البرامج المذاعة على الهواء بلا رقابة، وألا يُقدموا لها أي مذيع أو مذيعة من دون التأكد من ثقافتهما ورجاحة عقلهما ورصانة أخلاقهما، وألا يتركوها مساحة فارغة تُستغل في غزل المشمش ودلع البطيخ وتمجيد القرنبيط المدخن.

وعلى المذيعين جميعاً أن يعرفوا قيمة ظهورهم الإعلامي من خلف شاشة تلفزيون الدولة الرسمي وميكروفون الإذاعة الرسمي، وأن يستشعروا أهمية ذلك الحضور الإعلامي الذي كُلفوا به، لا أن يستهتروا به ويخرجوا عن دور الأمانة المناط بوظائفهم. وليعلم من أراد منهم الكلام عن المشمش والموز والفجل والعرموط أن «شبرة الخضار» هي المكان الأنسب له، لا تلفزيون الدولة !

halrawie@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي