العراقيون لم يتوقفوا عن الإبداع حتى في المنافي
قراءة / «عطر الحب»... مجموعة قصصية جديدة لغادة م. سليم

غلاف المجموعة


عن دار الحكمة في لندن صدر أخيراً كتاب «عطر الحب» للكاتبة العراقية المغتربة غادة م. سليم، وهي ثاني مجموعة قصصية تصدر لها بعد مجموعتها الأولى بعنوان «الهاوية» التي صدرت في بغداد عام 1987.
وعنوان الكتاب الجديد مجازي إلى أبعد الحدود، نظراً لعمق محتواه وضخامة الحمل الذي تئن الكاتبة تحته كمغتربة عن وطنها في أقاصي المعمورة، في نيوزيلاندا مثلها مثل مئات الآلاف أو الملايين من الشعب العراقي الذين شردتهم الحروب وظلم الحكام.
أول ما يلفت نظر القارئ في كتاب «عطر الحب» لوحة الغلاف بريشة الفنان العراقي المبدع فيصل لعيبي صاحي، المغترب هو الآخر في لندن، فتوحي أول نظرة على غلاف الكتاب للقارئ بأن ما بين يديه عمل يستحق الاهتمام. يتألف «عطر الحب» من 12 قصة قصيرة، لكن مع ذلك يستطيع القارئ أن يعثر على ذلك الخيط الخفي الذي يربط بين هذه القصص، ليجعل منها وحدة متكاملة.
قدّم لـ «عطر الحب» البروفيسور العراقي سيّار الجميل المغترب هو الآخر في كندا الذي قال في مقدمته «عرفت الكاتبة المثقفة والخبيرة الجيولوجية الدكتورة غادة سليم منذ زمن طويل، وكنت قد اطلعت على مجموعتها القصصية الأولى التي كان عنوانها«الهاوية»... وكنت أتمنى مخلصاً، لو كانت غادة سليم قد واصلت إبداعها القصصي على امتداد السنوات الفائتة، لكان أن أثرت الإبداع العربي والثقافة العربية بالمزيد من الأعمال الثرة».
وتوقف الجميل في مقدمته قليلاً عند مجموعة غادة سليم القصصية الأولى «الهاوية»، التي تكشف عن هوية الكاتبة إن صحّ التعبير، إذ انها أنتجت عملها الأول في فترة كان العراق يرزح فيه تحت حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأورد الجميل بعض الاقتباسات المعبرة جداً من قصص تلك المجموعة برموزها شديدة الشفافية، منها:
«قالت: كان يريد أن يعبر إلى الضفة الأخرى من النهر حيث البشر غير البشر هنا... يحتمل أن يكونوا مصاصي دماء أو أكلة لحوم بشر (الهاوية ص 13).
قالت: لأن تلك المدينة المشوهة تدعي الشرف في كل أمورها التي تخصها والتي لا تخصها، فهي وصية شرعية على الطير في السماء، والسمك في البحار، وحتى ديدان الأرض تحتاج إلى بطاقة للمرور من حديقة إلى أخرى (الهاوية ص 23).
قالت: خاف الناس من عيونه المتحركة وأياديه المئة المتأرجحة» (الهاوية ص 41).
وحاول الجميل رسم صورة عن الكتاب الجديد فقال انه لعل ما يميز قصص «عطر الحب» حالة الانتقال من «حياة تلك المدينة البدائية التي كان الناس فيها تخاف أن تأكلها الوحوش، ولا تسمع إلا عواء الكلاب... إلى حياة من نوع آخر حيث يتنفس الممتحنون الهواء، بعد أدائهم الامتحان في مدينة الامتحان، ومن يفشل في أداء الامتحان يعود إلى البؤس ثانية.. لتنهشك الكلاب». ثم تتساءل المؤلفة قائلة: «هل نترك الآخرين لتأكلهم الوحوش مع أطفالهم»؟ (قصة الافتراس).
ولا تتوقف غادة سليم عن التفكير في العودة إلى الوطن مهما كانت المسافة التي تفصلها عنه بعيدة وتعبّر غادة عن هذه الرغبة بمقطع من قصة زائر في القلب اختارتها لتوضع على الغلاف الخلفي للكتاب قالت فيه:
«عانده البحر وجعله يتيه في طرق ملتوية... كلما يقترب ترميه موجة عالية لأبعد جزيرة... أما هي فمن طول الانتظار تحولت تدريجياً إلى صخرة ملساء نحتتها الأمواج بين المدّ والجزر يتكئ عليها العشاق وذابت كل الملامح بعد أن أصبح العذاب طبقات وطبقات بين الأمل والاشتياق. كان يدور ويدور بسفينته وأشرعته الممزقة ولا يصل إلى الشاطئ... ويرقب من بعيد الأرض التي خان».
وعنوان الكتاب الجديد مجازي إلى أبعد الحدود، نظراً لعمق محتواه وضخامة الحمل الذي تئن الكاتبة تحته كمغتربة عن وطنها في أقاصي المعمورة، في نيوزيلاندا مثلها مثل مئات الآلاف أو الملايين من الشعب العراقي الذين شردتهم الحروب وظلم الحكام.
أول ما يلفت نظر القارئ في كتاب «عطر الحب» لوحة الغلاف بريشة الفنان العراقي المبدع فيصل لعيبي صاحي، المغترب هو الآخر في لندن، فتوحي أول نظرة على غلاف الكتاب للقارئ بأن ما بين يديه عمل يستحق الاهتمام. يتألف «عطر الحب» من 12 قصة قصيرة، لكن مع ذلك يستطيع القارئ أن يعثر على ذلك الخيط الخفي الذي يربط بين هذه القصص، ليجعل منها وحدة متكاملة.
قدّم لـ «عطر الحب» البروفيسور العراقي سيّار الجميل المغترب هو الآخر في كندا الذي قال في مقدمته «عرفت الكاتبة المثقفة والخبيرة الجيولوجية الدكتورة غادة سليم منذ زمن طويل، وكنت قد اطلعت على مجموعتها القصصية الأولى التي كان عنوانها«الهاوية»... وكنت أتمنى مخلصاً، لو كانت غادة سليم قد واصلت إبداعها القصصي على امتداد السنوات الفائتة، لكان أن أثرت الإبداع العربي والثقافة العربية بالمزيد من الأعمال الثرة».
وتوقف الجميل في مقدمته قليلاً عند مجموعة غادة سليم القصصية الأولى «الهاوية»، التي تكشف عن هوية الكاتبة إن صحّ التعبير، إذ انها أنتجت عملها الأول في فترة كان العراق يرزح فيه تحت حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأورد الجميل بعض الاقتباسات المعبرة جداً من قصص تلك المجموعة برموزها شديدة الشفافية، منها:
«قالت: كان يريد أن يعبر إلى الضفة الأخرى من النهر حيث البشر غير البشر هنا... يحتمل أن يكونوا مصاصي دماء أو أكلة لحوم بشر (الهاوية ص 13).
قالت: لأن تلك المدينة المشوهة تدعي الشرف في كل أمورها التي تخصها والتي لا تخصها، فهي وصية شرعية على الطير في السماء، والسمك في البحار، وحتى ديدان الأرض تحتاج إلى بطاقة للمرور من حديقة إلى أخرى (الهاوية ص 23).
قالت: خاف الناس من عيونه المتحركة وأياديه المئة المتأرجحة» (الهاوية ص 41).
وحاول الجميل رسم صورة عن الكتاب الجديد فقال انه لعل ما يميز قصص «عطر الحب» حالة الانتقال من «حياة تلك المدينة البدائية التي كان الناس فيها تخاف أن تأكلها الوحوش، ولا تسمع إلا عواء الكلاب... إلى حياة من نوع آخر حيث يتنفس الممتحنون الهواء، بعد أدائهم الامتحان في مدينة الامتحان، ومن يفشل في أداء الامتحان يعود إلى البؤس ثانية.. لتنهشك الكلاب». ثم تتساءل المؤلفة قائلة: «هل نترك الآخرين لتأكلهم الوحوش مع أطفالهم»؟ (قصة الافتراس).
ولا تتوقف غادة سليم عن التفكير في العودة إلى الوطن مهما كانت المسافة التي تفصلها عنه بعيدة وتعبّر غادة عن هذه الرغبة بمقطع من قصة زائر في القلب اختارتها لتوضع على الغلاف الخلفي للكتاب قالت فيه:
«عانده البحر وجعله يتيه في طرق ملتوية... كلما يقترب ترميه موجة عالية لأبعد جزيرة... أما هي فمن طول الانتظار تحولت تدريجياً إلى صخرة ملساء نحتتها الأمواج بين المدّ والجزر يتكئ عليها العشاق وذابت كل الملامح بعد أن أصبح العذاب طبقات وطبقات بين الأمل والاشتياق. كان يدور ويدور بسفينته وأشرعته الممزقة ولا يصل إلى الشاطئ... ويرقب من بعيد الأرض التي خان».