ما يجمعنا في الكويت أكثر مما يفرقنا بكثير. صحيح أن الفساد يفرقنا ولكن التاريخ والآمال والإخفاقات والنجاحات لهذا الوطن تجمعنا، وصحيح أن الطائفية تفرقنا ولكن كتاب الله وقبلته تجمعنا، وصحيح أن المناصب والكراسي في الصباح تفرقنا ولكن الدواوين والمجالس في المساء تجمعنا، وصحيح أن الصوت والأربعة أصوات تفرقنا ولكن الشرعية تجمعنا، وصحيح أن بعض تصاريح المسؤولين تفرقنا ولكن كلام سمو الأمير حفظه الله ورعاه يجمعنا، وصحيح أن يد «الفيفا» تفرقنا ولكن إستاد جابر يجمعنا...
في دراسة ما لا أذكر أين قرأتها أو ربما اختلقتها من رأسي تقول ان هناك الكثير ممن حكم عليهم بالإعدام كانوا في اللحظات الأخيرة يطلبون سيجارة قبل الموت! المدخنون فقط هم من سيقدرون أهمية هذا الطلب الغريب، أما غيرهم فينظرون للأمر على أنه سوء خاتمة أو طلب سخيف من مجرم حقير، ولكني أعتقد أن الجميع سيتفق على أنهم لو كانوا مكان هذا المعدوم فإنهم سيأخذون أمر الموت بجدية، ولذلك سيكون طلبهم مهما جدا في اللحظات الأخيرة، ولكن في النهاية كل يعمل على شاكلته.
إن مطالبنا في الكويت متنوعة وكل حسب اهتماماته ودائرة أسئلته الوجودية، فمن مطالب بالإسكان وجودة التعليم وتحسين الصحة، إلى مطالب بالحريات وحقوق المرأة، وهناك مطالب للتجار وأخرى للكادحين ومطالبات بجعل الكويت بلحية وأخرى بجعلها سافرة الرأس.
مطالبات كثيرة قد تفرقنا، ولكنها في الوقت نفسه تجمعنا لأننا نطالب فيها بجدية، لأنه حسب رؤيتنا ومجال اهتماماتنا فإن هذه المطالب هي التي ستجعل الكويت أجمل ولكن كل حسب ثقافته في الحياة.
إذا فالمطالب تفرقنا والكويت تجمعنا، فمن سنن الله في الأرض أن تختلف طلبات الناس واهتماماتهم، ولكن من سنن الله أيضاً أن هذه المطالب لا تتحقق إلا في بيئة آمنة مستقرة تعمل على توفير مساحات للجميع لكي يشعروا فيها أنهم يشاركون أكثر مما يطالبون.
المهم عزيزي القارئ، فإن كل ما سبق هو في الواقع مقدمة للمقال، أما المقال نفسه فقد لخصته لك في سطرين لأنني أعلم أنك مشغول بمطالب تريد تحقيقها ومشغول بطلبات كثيرة للبيت عليك تنفيذها.
أطالب وزارة التربية والتعليم أن توفر للطلبة ما يتطلعون إليه دائماً وهو أن يشعروا بالتحكم الحقيقي في وضعهم وفي حياتهم، لأن مجرد اجتماع الطلبة في فصل دراسي لا يعد تعليما، وتدريسهم مواد تجعلهم يتعلمون حقوقهم لا يعد مواطنة، وتعليمهم للكمبيوتر فقط ليس هو الشيء الذي سيهيئهم لسوق العمل، ولكن الاستماع إليهم جيدا والاعتناء بملاحظاتهم، وتوفير مساحات عمل لهم داخل المدارس وهدم أسوار المدرسة مجازيا مع توفير بيئة قانونية تدعم هذا التوجه هو ما سيوفر التعليم والمواطنة والتهيئة لسوق العمل. فنحن في الكويت رغم اختلاف مطالبنا إلا أننا جميعاً متفقون على أن طلبة اليوم هم كويت اليوم...والغد.
* كاتب كويتي
@moh1alatwan