لو تصورت بأنك من أبرع المحامين في البلد ولم تخسر قضية في حياتك، فإن آخر خطأ يمكن أن ترتكبه هو في تبني قضية محكوم بخسارتها، بعض الدعاة إلى الله تعالى ممن كتب الله تعالى لهم القبول بين الناس وتوجهت الجماهير لحضور ندواتهم والتوبة على أيديهم، لا شك ان سر نجاحهم الحقيقي هو في الشفافية في النظر للأمور، لذلك فهم كمثل المحامي الشهير الذي يجب ألا يخسر قضيته.
آلمني التراشق الذي شهدته الساحة المحلية منذ تقديم استجواب وزير الأوقاف السابق وحتى اليوم - ومازالت - حول قضية كان يجب ألا تحتل في أجندتنا أكثر من نقاش عابر، وهي قضية الدكتور وجدي غنيم، فالمستجوبون قد وجدوا في دعوته المتكررة لزيارة الكويت بالرغم من موقفه من أمير الكويت وشعبها وقت العدوان الصدامي محوراً يستحق مساءلة وزير الأوقاف عليه وكان المفروض ان ينتهي الموضوع عند انتهاء الاستجواب، ولكن الدكتور وجدي وبتحريض من بعض الإعلاميين أصر على التصعيد فتارة شتم مستجوبيه وتارة أنزل بياناً هو إلى الإصرار أقرب منه إلى الاعتذار، ثم نشر زميلنا الفاضل يوسف علاونة له تفريغا لشريط أعتقد بأنه قد أساء إليه كثيراً من شتائم لا تحق برجل دين وعالم، وتحدى بأن يأتوا بالشريط المزعوم الذي يدينه، ولما تم توزيع الشريط وسمعه الكثيرون ازداد تورطاً، ثم تدخل ملك البحرين لإبعاده من بلاده دون أن يسعى أحد من الكويت لهذا الأمر، وقد تكون هنالك أبعاد أخرى لإبعاده لا نعرفها!!
المهم هو أن إثارة الموضوع من جديد والإصرار على تبرئته من بعض الأخوة الدعاة الأفاضل - في تصوري - يضر ولا يفيد - حيث ان ما قاله غنيم في الشريط من اتهامات في حق أميرنا الراحل - رحمه الله - واتهام للشعب الكويتي باللواط وغيرها لا يمكن تصورها من داعية يدعو إلى الفضيلة وعدم المساس بالمسلمين وعدم الاتهام دون دليل، فكيف وقد حدث كل ذلك في أحرج مرحلة من تاريخ الكويت حيث كنّا وقتها شعباً مجروحاً في كرامته ليس بسبب العدوان البائس فقط ولكن بسبب مواقف شعوب ودول تنكبت لقضيتنا وزادت النار اشتعالاً، وليتصور أحدنا نفسه في مثل ذلك الموقف العصيب يمد يده إلى اخوانه لينتشلوه من الغرق فإذا بهم يدوسون على رقبته ليزداد غرقاً ويشتمونه بما ليس فيه، ثم بعد سنوات طويلة يصرون على عدم الاعتذار ويشتمون من يذكرهم بما فعله ولماذا يجب على الشعب الكويتي ان ينسى كل ذلك؟! ألأنه صدر ممن يتصدون للدعوة إلى الله بينما مازال غاضباً على دول الضد وكثير من المثقفين العرب والأحزاب وغيرهم؟! ان المنطق والعقل يقول بأن الدعاة يتحملون وزراً أكبر من وزر عامة الناس والجهلة من شعوبهم، لأنهم يدرّسون الناس تلك القيم الرفيعة ليلاً ونهاراً ثم ينقضونها في لمحة بصر أما مقارنة ما فعله د. وجدي غنيم بدخول الممثلين والفنانين إلى البلاد فهي مقارنة غير عادلة، فمقدمو الاستجواب لم يدعوا أولئك الفنانين للقدوم، بل هم من أشد الناس رفضاً للمنكرات التي تحدث بسبب الفن الهابط والرخيص، كذلك فإن الطعن في شعب مسالم محب للخير واتهامه بأبشع التهم ممن يتصدى لوعظ الناس قد يكون أشد عند الله تعالى من أغنية ماجنة أو حفل راقص.
د. وائل الحساوي
[email protected]