للشيطان مداخل ومكائد (1 من 2)

تصغير
تكبير
يقول الله عزَّ وجل:«يَـ?بَنِى آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ?لشَّيْطَـ?نُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مّنَ ?لْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا ?لشَّيَـ?طِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ» [الأعراف:27] فلقد مارس الشيطان كيده وفتنته مبتدئاً بالأبوين الكريمين، ولقد كان بلاءً عظيماً، دافعه الغيظ والحسد:«أَرَءيْتَكَ هَـ?ذَا ?لَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ» [الإسراء:62]، دافعه الكبر والخيلاء:«إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى? وَ?سْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ?لْكَـ?فِرِينَ» [البقرة:34]، ووسيلته الأيْمان الكاذبة: «وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ?لنَّـ?صِحِينَ» [الأعراف:21] والمقاييس الفاسدة:«أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ»[الأعراف:12] فهذه فتنة عظمى، وبلية كبرى حين يعظم سلطان إبليس فيستفز القلوب والعقول والمشاعر في معركة صاخبة، تزمجر فيها الأصوات، وفيها إجلاب الخيل والرجال للمبارزات:«وَ?سْتَفْزِزْ مَنِ ?سْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى ?لاْمْو?لِ وَ?لأولَـ?دِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ?لشَّيْطَـ?نُ إِلاَّ غُرُورًا» [الإسراء:64].

ومداخل الشيطان تأتي من قبل صفات الإنسان، وتترقى خطوات الشيطان التي يستدرج فيها ابن آدم حتى يتَّخذه معبوداً له من دون الله عياذاً بالله:«أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِى آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ?لشَّيطَـ?نَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ» [يس:60].«ي?أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ?لشَّيْطَـ?نَ إِنَّ ?لشَّيْطَـ?نَ كَانَ لِلرَّحْمَـ?نِ عَصِيّاً»[مريم:44] ويقع العبد في ذلك حين يسلم قياده لعدوه، ويفلت الزمام لشهواته، فيتبع كل شيطان مريد «كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى? عَذَابِ ?لسَّعِيرِ» [الحج:4].

وفي الحديث: ((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك، وآباء أبيك؟...)) ويأتي من بعد الكفر مسالك أخرى في خطوات البدع والأهواء والشبهات. فكم سحر ببهرجه بعض المتعبدين، حتى ألقاهم في تشعبات الآراء، ومسالك الضلال. منتقلاً بهم إلى حالة يقولون فيها على الله ما لا يعلمون: «وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُو?تِ ?لشَّيْطَـ?نِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِ?لسُّوء وَ?لْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ?للَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ» [البقرة:168-169]. نعم القول على الله بلا علم خطوة من خطوات الشيطان، وهو الأصل في فساد العقائد، وتحريف الشرائع، ويخشى من ذلك على أقوام يخوضون في علوم لا يحسنونها، ويتجرأون على فتاوى لا يحيطون بها، وقد يجرهم في خطواتهم إلى الإفك والإثم، والتزوير والكذب، وحينئذٍ تتنزل عليهم الشياطين تنزلاً «هل أنبئكم على من تنزل الشياطين & تنزل على كل أفاك أثيم» [الشعراء:221-222]. وحينئذٍ لا يدعون إلى هدىً، ولا يأمرون بتقوى، ولا يدلون على حق، ويريد الشيطان في ذلك الطيش والعجلة كما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي قال: ((التأني من الله، والعجلة من الشيطان))، ورواته رواة الصحيح.

وتأتي خطوات من بعد ذلك في أهواء النفوس وطبائعها، فالبخل وخوف الفقر سلاح شيطاني.

* دكتوراه في الفقه المقارن وأصول الفقه
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي