حصل أمر طبيعي جدا (بدلاً من غريب جدا) في إحدى المدارس بين أحد المعلمين وبين مجموعة طلاب في المرحلة المتوسطة، أحدهم هو الطالب يوسف يعقوب الحميدي أما اسم المعلم فلن أستطيع أن أذكره لأسباب لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم.
تعاون المعلم مع طلابه للعمل على جمع آراء طلاب المدرسة حول إمكانية الاستفادة من الجزر الكويتية خصوصاً جزيرة فليكا، وبعد أن جمعوا الأوراق التي بلغت مبلغا من الجمال والجلال والدلال، قرر المعلم أن يعطي أحد الطلاب الأوراق ليقوم بفرزها وكتابة تقرير حول طريقة تفكير أقرانه لمستقبل الكويت.
وفي اليوم التالي جاء الطالب ومعه جميع الأوراق، وورقة زائدة عليها، كانت عبارة عن رسالة أو مقال أو خاطرة أو شعر، لا يهم تصنيفها، ولكن المهم أنها كانت صادقة جداً، وكانت نتيجة تفاعل ديناميكية حركة الطلاب في مساحة مدرسية تعاون المعلم مع مديره لكي يجعلوها مساحة طلابية يستطيع الطالب أن يمارس فيها دوره الذي يقال له دائماً (أنت مستقبل الكويت).
واسمح لي عزيزي القارئ أن أعرض عليك الرسالة التي كتبها الطالب من دون تعديل أو إضافة لأننا بصراحة نحن الكبار الذين نحتاج للتعديل والإضافة وليست الرسالة:
«أمل الوطن بكم أنتم يا من تحبون وطنكم، وتخافون عليه، البار بوطنه مثل البار بأمه، إن الوطن أم وترابه بيتنا، افعل ما أنت مقتنع به وأكمل طريقك وتحرك للأمام وابحث عن الصالح لأهلك ووطنك ولا تيأس من بداية الطريق، نحن شباب وأمامنا آمال وأحلام نريد تحقيقها، يجب أن نتحمل ونبذل الكثير من الجهد ولكن في النهاية سنكون أقوى من المجهول، العمل هو الذي سيجعل جميع الناس تنظر إليك ويقولون هذا هو الذي رفع اسم وراية وطنه، اجعل من نفسك قدوة لمن هم بعدك، فوطنك لا يستحق أن تبخل عليه، فحاول ولو محاولة فالمحاولة شرف.
ليس حلمنا أن يكون لدينا أطول برج في العالم أو تكون دولتنا أغنى دولة في العالم، حلمنا أن نجعل من الكويت أجمل دولة في العالم، فينظر الجميع لنا ويقول (يا سلام... ما هذا الوطن ومن هذا الشعب) لنرد عليهم ونقول (نحن الذين نحب السلام والإنسانية)...الكاتب: يوسف يعقوب الحميدي»
أجد من الصعوبة هنا أن أقرر أيهما أجمل؟ إحساس الرسالة أم نتيجة المساحة الطلابية التي أفرزت هذا الإحساس من دون تكلفة مادية، أو احتفالات ألعاب نارية... فقط توفير مساحة للطلاب لكي يبحثوا عن أنفس ما في نفوسهم ويمارسوه.
المساحة الطلابية هي حيز جغرافي أو افتراضي ملائم للعمل يمارس فيها الطلاب الفكرة والتنفيذ والتقويم ثم التطوير ضمن أولويات اهتماماتهم ولحل مشاكل وتقديم حلول مدرسية ومجتمعية ووطنية، وتهدف المساحة في النهاية إلى تحسين نوعية التعليم من خلال إكسابهم مهارات حياتية تجعلهم يعملون من أجل الدولة بدلاً من ممارسة الغناء على نفقة الدولة.
***
قصة قصيرة:
الحياة هنا ممكنة.
كاتب كويتي
@moh1alatwan