قصة قصيرة / الصاعقة

u0647u0627u062fu064a u0639u0628u0627u0633 u062du0633u064au0646
هادي عباس حسين
تصغير
تكبير
حبه لي بات مصدرا ذيع صيته بين الأقرباء والمعارف، أما مشاعري تجاهه لا اقدر ان أصفها فالأحاسيس عاجزة عن التعبير، حكاية علاقتنا سمع بها القريب والغريب، وصارت مثلا يقتدي به الآخرين، كلما شعرت بأنني نسيته لحظة وجدته واقفا أمامي ومسترسلا كلامه قائلا:

- لماذا تركتيني لوحدي وشغلت بشيء آخر...؟!

كان بيته بجوارنا ويفصلنا عنه جدار صار مشتركا بيننا وحتى تكلفة بنائه تقاسمنها في ما بيننا، وليس هذا فقط بل تربطني به علاقة قرابة من النوع الأول انه ابن عمي الحاج جواد السماك الذي يملك مع ابي الحاج طاهر السماك ايضا اغلب الدكاكين الموجودة في السوق الكائن في جهة الكرخ، وكذلك لن تخلو جهة الرصافة مما يملكاه في سوق الصدرية الرئيسي، كنت أحاول ان أرد عليه بكلمات يفهم معناها لكنه لا يريد تكرارها عندما أقول له:

- يا قادر... أنت تخرج لي في كل وقت وكأنك القدر المستعجل!

فيمازحني بالرد:

- وراؤك... وراؤك!

لم يغب عني بل لست بقادرة على التملص من رؤيته يوميا، لذا كان أمر زواجنا لا محال منه، وأصبحت زوجته، والذي قوّى من أواصر الحب التي بيننا ومضى عليها سنوات طويلة، ثمرة حبنا "لارا"... البنت الوحيدة التي شرفتنا في حضورها وتعلقنا بها أكثر وأكثر، وأصبح ابو لارا من هو حبيبي قبل ان يمسي زوجي لا يمكن ان يفارقنا لذا كان مضطرا ان يجعل شقيقه الأصغر من يلتزم بالدوام في دكانه حتى يكون معنا اغلب أوقاته، وحتى بعد زواجنا ظلت ألسنة النسوة من معارفنا وأقاربنا تتكلم على هذا الحب الموصوف بالعجب فقد سمعت اياهن تقول:

- هنيئا لك حب ابا لارا، فقد كبر حتى بعد ان أصبحت زوجة له

ابتسامتي أرسمها على وجهي، وأنا اردد آيات الحسد لعلها تخلصا من نظرات الآخرين صوبنا، وكلما كبرت لارا سنة ازددنا تعلقا بها، حتى أصبحت أطالبه بعدم الخروج إلى العمل بل المكوث في البيت خشية الظروف الصعبة التي نعيشها من قتل وانفجارات متكررة أشبه باليومية وعلى مدى الأسبوع، اليوم وبالضبط الأربعاء نهض ابو لارا وايقظ ابنته وأخذ يقبلها وغالبا ما طبع فوق خدي قبلات بان ردودها على وجهي قائلة له:

- ألا تخجل ان ابنتك قد كبرت؟

عانقني بقوة وقال لي:

- الم تذكري كلامي... وراؤك ....وراؤك... سأبقى... وراؤك.

كان أول أربعاء شعرت بضيق في نفسي، وان هما ثقيلا يجثم فوق صدري وكلما نظرت إلى لارا وأبيها اشتقت إليهما كثيرا بالرغم من إنهما بجواري، أحساس غريب وصورة لن تبتعد عن عيني بتاتا، كان موعده ليأخذ لارا إلى مستشفى العيون، ابنتي لا تريد الذهاب ألا معي بينما ابيها يمتنع خشية ان اتعب أو اتاذى، وعيني تلاحق حركاتهما وبالتفصيل حتى ودعتهم عند الباب قائلة لهما:

- في أمان الله وحفظه...

صاعقة أصابتني لأنني أودعتهما عند الله، ولبى نداء ربهما بعد ان استشهادهما في انفجار يوم الأربعاء الدامي.... انها صاعقة لن أفوق منها بل اختل عقلي وأصبحت لا أفرق بين الأشياء...!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي