عزيزي القارئ، هل يمكنك أن تتخيل طفلا تنمو أعضاؤه طبيعية ما عدا رأسه مثلا؟ الصورة النهائية عند اتمام بلوغ هذا الطفل ستكون صورة مشوهة، فالرأس صغير بينما الجسد كبير.
هذا المثل ربما يعكس حقيقة أوضاعنا في دول الخليج، فنحن بفضل الله كشعوب خليجية، نعيش في استقرار وأمن ولدينا مظاهر حضارية واضحة، وتقدم فاق كثيرا من الدول التي سبقتنا في دخول المضمار... لكن، وهذا هو موضوعنا اليوم، لم نستطع أن ننمو في شكل متوازن، فما زلنا مع الأسف الشديد ينقصنا الشيء الكثير.
إن المدنية والرخاء والأمان كلها مظاهر إيجابية، ليس من المهم فقط الحصول عليها بل أيضا وهذا الأهم، المحافظة عليها، وهذا لن يتم إلا إذا نجحنا في ان نجعل نظامنا يتماشى مع التطور الطبيعي للإنسان، لا يمكن أن نركب أحدث السيارات او أن يرتقي أبناؤنا في العلم والتقنية إلى أعلى المستويات العالمية بينما لا يحق لهم المشاركة السياسية ويحرمون من إعطاء فرصة اختيارية للمشاركة في إدارة بلدهم.
هذا التناقض يشبه في الحقيقة المثل الذي ذكرناه في أول المقال، فنحن ما زلنا مجتمعات تعاني تشوهاً لا يساعدنا على الاندماج الطبيعي في المجتمع الإنساني المتقدم.
الكويت ولله الحمد كانت سباقة في تطوير نظامها السياسي، وكان أبو الديموقراطية - رحمه الله - الشيح عبدالله السالم، هو الذي فتح باب التطوير السياسي، لكن هذا الباب لم نستطع تطويره، ولم نرتق به ليصبح فعلا دولة ديموقراطية بكل مقاييسها.
من أجل مستقبلنا جميعا في دول مجلس التعاون الخليجي، لا بد أن نعترف بحاجتنا إلى التطوير، بخطوات بطيئة أو بخطوات متسارعة، ليس هذا المهم، بل المهم أن نستمر في التطوير والعمل على توسيع المشاركات الشعبية وإدخال عناصر الحكم الديموقراطي، حتى يأتي يوم لا نفتخر فيه فقط برفاهيتنا وأمننا بل أيضا نفتخر بأنظمتنا التي هي في الحقيقة، الوعاء الأضمن لبقاء خليجينا قويا ومتحدا ومستقراً.