في سبتمبر العام 2013 كتبت مقالاً بعنوان «هل يفتح روحاني القفص» بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الإيرانية من الجولة الأولى، توقعت بالحرية للشعوب الإيرانية، وفي ديسمبر من العام نفسه نشرت مقالاً آخر بعنوان «شاه بعمامة بيضاء»، والمقالان نُشرا في صحيفة «الراي»، توقعت أن تصبح إيران بقيادة حسن روحاني مثل إيران الشاه، حليفاً لأميركا وشرطيها في الخليج العربي، وأن المصالح المشتركة جمعت الشيطان الأكبر ومحور الشر، كما يسميان بعضهما البعض، وتعهد الرئيس حسن روحاني بأن تخرج إيران من الأزمة الدولية والحصار الاقتصادي بسبب العقوبات عليها لمحاولة امتلاك القنبلة النووية، ونجح في ذلك.
وبعد ظهور الانتخابات البرلمانية الأخيرة تقدمت القوى الإصلاحية والعلمانية بقيادته بشكل كبير رغم الصعوبات التي وضعها تيار التشدد والذي وصل إلى حرمان 80 في المئة منهم من الترشح، بل ومنع حتى حسن الخميني حفيد آية الله الخميني مؤسس الجمهورية الإيرانية من هذا الحق، وكان أكبر الفائزين في هذه الانتخابات الرئيس السابق المعتدل هاشمي أكبر رفسنجاني بـ 2.03 مليون صوت، ما يعني أنه المرشد القادم للثورة الإسلامية، أو هو من سيختار المرشح لهذا المنصب، فالمرشد الحالي يبلغ من العمر 76 عاماً ويعاني من المرض.
والسؤال الذي يسأله الإيرانيون هذه الأيام ومعهم العالم أجمع: هل ستقدم القيادة الإيرانية الجديدة على التخلص من أعباء الماضي من حروب والتزامات ودعم لميليشيات وأنظمة متسلطة، والصرف بسخاء على تصدير الثورة الإيرانية، رغم ما تعانيه الميزانية الإيرانية من عجز؟
ولعل أولى هذه الخطوات المطلوبة حالياً هي إطلاق سراح كل من هو قيد الاعتقال أو الإقامة الجبرية لاختلافهم مع القوى المتشددة، أمثال الرئيس الأسبق محمد حسن خاتمي، ومير حسين موسوي، ومهدي كروبي، والسماح للمنفيين بالعودة من الخارج.
إن الزمن قد تغير، وموازين القوى تبدلت، ولم يعد من صالح إيران التشدد والسباحة ضد التيار، و«عاصفة الحزم» قد بدأت ومناورات رعد الشمال بأرقام قياسية من حيث الدول المشاركة والجنود، والمعدات، والأسلحة، ويبدو لي وللمراقبين أنها ردٌ وردع للتصرفات الإيرانية وتعاملها بتعالٍ مع دول المنطقة، بل إن دخول الروس كلاعب أساسي في إدارة الحرب في دول الشام جعل إيران لاعباً ثانوياً في هذه الحرب، ولم تعد كما كانت صاحبة الرأي الوحيد واليد الطولى، والتفاهم الروسي- الأميركي بدا ظاهراً عندما استطاعت الدولتان تثبيت الهدنة من دون رضا إيران، وبداية أمل بسلام سهل على المنطقة بعد أن عجزت إيران وحلفاؤها عن تحقيق أي نجاح.
لذلك نأمل من الله سبحانه وتعالى أن يجدد الإيرانيون- الذين ملوا الحروب والمعارك- الثقة في الرئيس حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية المقبلة لتستمر مسيرة الإصلاح والسلام.