سد الذرائع


الذرائع جمع ذريعة وهي الوسيلة والطريق إلى الشيء، سواء أكان هذا الشيء مفسدة أو مصلحة، قولاً أو فعلاً، ولكن غلب إطلاق اسم الذرائع على الوسائل المفضية إلى المفاسد، فإذا قال هذا من باب سد الذرائع، فمعنى ذلك أنه من باب منع الوسائل المؤدية إلى المفاسد، والأفعال المؤدية إلى المفاسد إما أن تكون بذاتها فاسدة محرمة، وإما أن تكون بذاتها مباحة جائزة، فالأولى بطبيعتها تؤدي إلى الشر والضرر والفساد كشرب المسكرالمفسد للعقول والقذف الملوث للأعراض وغيرها، ولا خلاف بين العلماء في منع هذه الأفعال، وهي في الحقيقة لا تدخل في دائرة سد الذرائع التي نتكلم عنها، لأنها محرمة لذاتها، أما الأفعال المباحة الجائزة المفضية إلى المفاسد فهي على أنواع، الأول:
ما كان إفضاؤه إلى المفسدة نادراً وقليلاً فتكون مصلحته هي الراجحة ومفسدته هي المرجوحة كالنظر إلى المخطوبة، فلا يمنع هذا بحجة ما قد يترتب عليه من مفاسد، لأن مفسدتها مغمورة في مصلحتها الراجحة، الثاني: ما كان إفضاؤه إلى المفسدة كثيراً، فمفسدته أرجح من مصلحته كبيع السلاح في أوقات الفتن، وكإجارة العقار لمن يستعمله استعمالاً محرماً كاتخاذه محلاً للقمار وغير ذلك، الثالث: ما يؤدي إلى المفسدة لاستعمال المكلف هذا النوع لغير ما وضع له، فتحصل المفسدة كمن يتوسل بالنكاح لغرض تحليل المطلقة ثلاثاً لمطلقها، وكمن يتوسل بالبيع للوصول الى الربا وغير ذلك، والأفعال من النوعين الثاني والثالث، هي التي وقع الخلاف فيها، أتمنع لإفضائها إلى المفسدة أم لا ؟ فالحنابلة والمالكية قالوا تمنع، وأما غيرهم كالشافعية والظاهرية قالوا انها لا تمنع، ووجهة المجيزين أن هذه الأفعال مباحة فلا تصير ممنوعة لاحتمال إفضائها إلى المفسدة، ووجهة المانعين أن سد الذرائع أصل من أصول التشريع قائم بذاته، ودليل معتبر من أدلة الأحكام تبنى عليه الأحكام، فما دام الفعل ذريعة إلى المفسدة الراجحة، والشريعة جاءت بمنع الفساد وسد طرقه ومنافذه فلا بد من منع هذا الفعل، فالوسائل لها أحكام المقاصد، والذي يظهر والله أعلم اعتبار سد الذرائع، وفي القرآن والسنة ما يشهد لذلك، فمن ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا ? وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( البقرة:104) فقد نهى الله عز وجل المؤمنين أن يقولوا راعنا مع قصدهم الحسن، وذلك منعاً لذريعة التشبه باليهود الذين كانوا يريدون بها شتم النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها كذلك تحريم القطرة من الخمر لئلا تتخذ ذريعة إلى الحسوة، والحسوة ذريعة إلى شرب ما يسكر فيقع المحذور، ولهذا جاء في الحديث: ( ما أسكر كثيره فقليلة حرام )، ومنها منع الشارع ولي الأمر أو القاضي من قبول الهدية ممن لم تجر عادتها بمهاداته، لئلا يكون الإهداء ذريعة إلى محاباته بالباطل، ومنها نهي الشارع أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، أو يبيع على بيع أخيه، سداً لذريعة التباغض والتباعد.
* دكتوراه في الفقه المقارن وأصول الفقه
ما كان إفضاؤه إلى المفسدة نادراً وقليلاً فتكون مصلحته هي الراجحة ومفسدته هي المرجوحة كالنظر إلى المخطوبة، فلا يمنع هذا بحجة ما قد يترتب عليه من مفاسد، لأن مفسدتها مغمورة في مصلحتها الراجحة، الثاني: ما كان إفضاؤه إلى المفسدة كثيراً، فمفسدته أرجح من مصلحته كبيع السلاح في أوقات الفتن، وكإجارة العقار لمن يستعمله استعمالاً محرماً كاتخاذه محلاً للقمار وغير ذلك، الثالث: ما يؤدي إلى المفسدة لاستعمال المكلف هذا النوع لغير ما وضع له، فتحصل المفسدة كمن يتوسل بالنكاح لغرض تحليل المطلقة ثلاثاً لمطلقها، وكمن يتوسل بالبيع للوصول الى الربا وغير ذلك، والأفعال من النوعين الثاني والثالث، هي التي وقع الخلاف فيها، أتمنع لإفضائها إلى المفسدة أم لا ؟ فالحنابلة والمالكية قالوا تمنع، وأما غيرهم كالشافعية والظاهرية قالوا انها لا تمنع، ووجهة المجيزين أن هذه الأفعال مباحة فلا تصير ممنوعة لاحتمال إفضائها إلى المفسدة، ووجهة المانعين أن سد الذرائع أصل من أصول التشريع قائم بذاته، ودليل معتبر من أدلة الأحكام تبنى عليه الأحكام، فما دام الفعل ذريعة إلى المفسدة الراجحة، والشريعة جاءت بمنع الفساد وسد طرقه ومنافذه فلا بد من منع هذا الفعل، فالوسائل لها أحكام المقاصد، والذي يظهر والله أعلم اعتبار سد الذرائع، وفي القرآن والسنة ما يشهد لذلك، فمن ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا ? وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( البقرة:104) فقد نهى الله عز وجل المؤمنين أن يقولوا راعنا مع قصدهم الحسن، وذلك منعاً لذريعة التشبه باليهود الذين كانوا يريدون بها شتم النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها كذلك تحريم القطرة من الخمر لئلا تتخذ ذريعة إلى الحسوة، والحسوة ذريعة إلى شرب ما يسكر فيقع المحذور، ولهذا جاء في الحديث: ( ما أسكر كثيره فقليلة حرام )، ومنها منع الشارع ولي الأمر أو القاضي من قبول الهدية ممن لم تجر عادتها بمهاداته، لئلا يكون الإهداء ذريعة إلى محاباته بالباطل، ومنها نهي الشارع أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، أو يبيع على بيع أخيه، سداً لذريعة التباغض والتباعد.
* دكتوراه في الفقه المقارن وأصول الفقه