نافذة... الأمل / الوجه الأخضر للحرية!

u0623u0645u0644 u0627u0644u0631u0646u062fu064a
أمل الرندي
تصغير
تكبير
وراء كل إبداع حرية!

هذا ما صرح به موقع الأخبار الأميركي «هافينجتون بوست»، في إطار نتائج بعض الدراسات التي أجرت مقارنة بين الأطفال الأكثر إبداعاً، والآخرين الذين لا يملكون أي نوع من الإبداع. وفي النتائج أن القيود التي يفرضها الآباء على أطفالهم هي السبب الأساسي في الحد من قدراتهم الإبداعية. كما توصل أخصائي علم النفس «بنجامين بلوم» أن آباء المبدعين لم يكونوا يوماً مغرمين بفكرة تربية أطفالهم كي يصبحوا نجوماً. إلى جانب ذلك لم يمارسوا الرقابة الصارمة على هؤلاء الأطفال، بل على العكس، فقد تركوا كل شيء يمضي بشكل طبيعي، وعندما جاءت اللحظة التي ظهر فيها شغف أبنائهم تجاه شيء ما، هنا جاء دورهم في إظهار الدعم الكامل لأبنائهم. فمبدعو الموسيقى مثل «موزارت، ماري لوي ويليامز، اسحاق بيرمان» كان شغفهم بتعلم الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية شعوراً فطرياً تحثهم عليه حواسهم النابضة بالأنغام، التي تبحث عن آلة تترجم أحاسيسهم المفعمة بالإيقاعات.

إن هذه الدراسة تؤكد مقولة عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين صاحب نظرية «النسبية»: «كل ما هو عظيم وملهم صنعه إنسان عمل بحرية». إذاً الحرية هي الخطوة الأولى لاكتشاف القدرات، والوجه الآخر للإبداع!

المشكلة الحقيقة تكمن في مفهوم البعض للقدرات التي يترتب عليها مقدار الحرية التي تمنح للطفل!

فالكثير يعتقد للأسف أن قدرات الأطفال تنحصر في الدرجات الدراسية، وبناء عليه تقمع كل الإمكانات الأخرى وتقنن في حصد الدرجات، ويصبح الطفل أسيراً في هذا الفلك. على الرغم من أهمية هذا الجانب، إلا أنه هناك جوانب أخرى من الذكاء والإمكانات والقدرات التي تحتاج إلى ان تُكتشف وتُنمَّى، اكتشفها عالم النفس الأميركي «هاورد جاردنر» عام 1983، والتي عرفت بنظرية الذكاءات المتعددة، وهو قسّم الذكاء الى أنواع عدة: «الذكاء الذاتي، الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي الرياضي، الذكاء البيئي، الذكاء الإيقاعي، الذكاء الاجتماعي العاطفي، الذكاء الجسدي». يمتلك الإنسان جميع هذه الأنواع، ولكن بنسب متفاوتة، لكنه يتميز بواحد أو اثنين منها بنسبة عالية، وأهمها الذكاء الاجتماعي العاطفي، الذي يمكن تنميته بنسبة 80 في المئة، والذي يمكن الإنسان من النجاح في الحياة، والتميز، وتكوين علاقات إنسانية ناجحة، في حين أن الذكاء المنطقي الرياضي لا تتعدى نسبة تنميته أكثر من 2 في المئة.

لذا يجب علينا إتاحة الفرصة للطفل لاكتشاف ما يملكه من جواهر مكنونة، لتلمع شخصيته ويشع حضوره، وذلك بتوفير الوقت الكافي لصقلها، وتحفيزه لتطوير الإمكانات الأخرى التي تحتاج إلى ذلك، وغرس ثقته بنفسه لا هدمها، وفتح أبواب الحرية لممارسة هوايته الشغوف بها، لتنمو شجرة الهمة والحماس لديه، فالشغف هو الوقود الحقيقي للنجاح، الذي يغذي الأحلام، ويشيدها على أرض الواقع، فكلما عملنا ما نحب، أضفنا إلى أعمارنا حياة ثرية.

فرفقاً بالعقول الخضراء التي تحتاج منا رعاية وأوكسجين الحرية، حتى تنضج وتثمر مجتمعاً زينه الإبداع الذي قاد البشرية عبر التاريخ إلى التطور الحضاري الذي يجعل حياة البشر أكثر سعادة!

* كاتبة كويتية

Amal.randy@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي